يواجه حزب العمال البريطاني، بقيادة كير ستارمر، تحدياً وجودياً يتمثّل في مواجهة صعود نايجل فاراج وحزبه الإصلاحي الذي "يروج لخطاب معادٍ للأجانب ومناهض للديمقراطية"، وفق وصف صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ويرى تقرير "الغارديان" أن إنقاذ بريطانيا من "خطر فاراج وحزبه" ليس مجرد خيار سياسي، "بل هو واجب وطني ملحّ"، حيث يهدد فاراج وأنصاره قيم التعددية والتعاطف والعلم، ويعتمدون على خطاب يُسمونه "الحس السليم" لتغطية مواقفهم المتطرفة.
وكما تعتقد الصحيفة أن على حزب العمال أن يرسم خطاً أحمر واضحاً، ويتبنى موقفاً صلباً ضد هذا التيار، متخلياً عن أي محاولة لاسترضاء ناخبي الإصلاح "الذين أثبتت الدراسات أنهم بعيدون عن القيم العامة للبريطانيين"، وفق تعبيرها.
وتُظهر استطلاعات الرأي، مثل تلك التي أجراها روب فورد من جامعة مانشستر، أن محاولات استمالة ناخبي الإصلاح غير مجدية، فقد أشار استطلاع شمل 30 ألف شخص إلى أن خطاب ستارمر "جزيرة الغرباء" زاد من أهمية قضية الهجرة دون استعادة أصوات من الإصلاح، بل أضعف دعم حزب العمال.
كما أظهرت بيانات جون كورتيس أن نصف ناخبي بوريس جونسون العام 2019 تحولوا إلى دعم فاراج، بينما خسر حزب العمال نسبة ضئيلة فقط من ناخبيه.
وهؤلاء الناخبون، الذين يشككون في تغير المناخ ويعارضون الهجرة، لا يتماشون مع الرأي العام، حيث يعتقد 81% منهم أن المهاجرين قوّضوا الثقافة والاقتصاد، مقابل 31% فقط من عامة الناخبين.
وترى صحيفة "الغارديان" أن حزب العمال مطالب بالتركيز على تعبئة قاعدته، بما في ذلك الناخبون الذين يميلون للخضر والليبراليين الديمقراطيين، عبر تشجيع التصويت التكتيكي.
كما تذهب إلى أنه يجب أن يدافع الحزب عن قيمه الأساسية، مثل تقليص فقر الأطفال، تحسين خدمات الصحة الوطنية، ودعم الإسكان الاجتماعي، بدلاً من الانجرار إلى نقاشات الهجرة التي يهيمن عليها اليمين.
على سبيل المثال، يمكن لديفيد لامي، بأسلوبه الحاد، أن يقود هجوماً علنياً ضد فاراج، مع التركيز على فشل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسخرية مواقف الإصلاحيين المتطرفة، وفق اقتراح الصحيفة البريطانية.
كما يحتاج حزب العمال إلى الصدق مع الجمهور بشأن الاقتصاد، فرفع الضرائب، خاصة على الأغنياء، وإصلاح ضريبة المجلس الظالمة، قد يكونان ضروريين لتمويل الخدمات العامة. على الرغم من أن ذلك قد يخالف تعهدات البيان الانتخابي، إلا أن البديل سيكون أكثر ضرراً.
في المقابل، تشدد "الغارديان" على أن الصدق قد يُعيد بعض الثقة المفقودة، خاصة مع تراجع شعبية الحزب إلى 20% في استطلاعات حديثة.
وفي ظل هذا الوضع، يجب على حزب العمال أن يستلهم من قادة مثل مارك كارني وأنتوني ألبانيز، اللذين حققا نجاحات مفاجئة عبر الجرأة والوضوح.
ومع 4 سنوات متبقية وأغلبية برلمانية قوية، لدى الحزب فرصة لإعادة صياغة سرديته وإنقاذ بريطانيا من خطر فاراج عبر تبني قيم التضامن والتقدم، بدلاً من التهاون أو المراوغة، وفق "الغارديان".