قال عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي في ولاية آيوا، جون ضبيط، إن زهران ممداني تحول إلى كابوس انتخابي مبكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد فوزه بمنصب عمدة نيويورك.
وأوضح ضبيط في حوار مع "إرم نيوز"، أن فوز ممداني مثّل تحديًا لترامب ودفعة معنوية وسياسية كبيرة للتيار المعارض له، وصنع شخصية جديدة داخل الحزب الديمقراطي، مؤثرة وفعّالة إلى حد كبير، ومدى تأثير ممداني سيظهر جليًا في الانتخابات النصفية في العام القادم.
وأشار إلى أن النتائج الإيجابية التي حققها الحزب الديمقراطي في انتخابات المجالس البلدية الأخيرة بمثابة استفتاء مبدئي لما قد يحدث في انتخابات التجديد النصفي القادمة للكونغرس الأمريكي، التي لها أيضًا حسابات بعيدة عن فوز ممداني، حيث يجب الأخذ في الاعتبار العديد من الأمور من بينها المواقف السياسية للمرشحين الأمريكيين الذين يمثلون المناطق الريفية والمحافظة بالولايات المتحدة، التي بطبيعتها تميل دائمًا إلى انتخاب الجمهوريين والتيار المحافظ.
ويرى ضبيط أن هناك انقسامًا داخل الحزب الديمقراطي حول ممداني، ما بين رؤيةٍ تتعامل معه على أن تياره يشكّل تحديًا لترامب ويعبّر عن طاقة الجيل الجديد، ويمكن البناء عليه من أجل وحدة الحزب الديمقراطي، وبين تيارٍ آخر يحاصره القلق تجاه عمدة نيويورك الجديد ومواقفه، وإمكانية تشكيل ذلك خطرًا بانقسامٍ وتطرّفٍ داخلي قد يمنح الجمهوريين الهدية الكبرى في الانتخابات النصفية.
وأشار إلى أن هناك تحوّلًا كبيرًا داخل الحزب الديمقراطي ونموًا للتيار التقدّمي بين فئة الشباب، خاصة بعد حرب الإبادة الجماعية التي شاهدناها خلال العامين الماضيين في قطاع غزة.
وإلى نص الحوار:
هل ترى أن فوز ممداني مرحلة فاصلة في مواجهة الديمقراطيين مع ترامب؟
يمكن النظر إلى فوز ممداني بمنصب عمدة نيويورك كنقطة تحوّل، أو على الأقل كدفعة قوية للحزب الديمقراطي، وخاصة الجناح التقدّمي في مواجهة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري، لأن نجاح ممداني أعطى زخمًا قويًا للديمقراطيين من خلال فوزهم أيضًا بمنصبي حاكم ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي ومناطق أخرى، لكنه أظهر أيضًا عدوًا جديدًا، كما تعلمون، من خلال وسائل الإعلام، حيث هناك عداء كبير بين ممداني وترامب من خلال التصريحات المتبادلة.
كذلك فإن فوزه يُعدّ انتصارًا للتيار التقدّمي داخل الحزب الديمقراطي، وأعطى رمزية خاصة لمدينة نيويورك، حيث يعلم الجميع داخل الولايات المتحدة وخارجها رمزية هذه المدينة. باختصار يمكن القول إن فوز ممداني مثّل تحديًا لترامب ودفعة معنوية وسياسية كبيرة للتيار المعارض له، وصنع شخصية جديدة داخل الحزب الديمقراطي مؤثرة وفعّالة إلى حدٍّ كبير، ومدى تأثير ممداني سيظهر جليًا في الانتخابات النصفية في العام القادم.
البعض يرى أن ما جرى في نيويورك لا يُعتبر مقياسًا لصوت الأمريكيين تجاه انتخابات الكونغرس، وأن التوجّه سيكون لدعم شعار "أمريكا أولًا"؟
نعم، من الصحيح القول إن الانتخابات المحلية، مثل ما جرى في مدينة نيويورك بفوز ممداني ومدن أخرى، قد لا تكون مقياسًا دقيقًا أو مباشرًا لنتائج الانتخابات النصفية القادمة في الكونغرس، ومع ذلك، لا يمكن تجاهل دلالات هذا الربح الكبير الذي حصل للديمقراطيين.
هناك اختلاف بين انتخابات الكونغرس وانتخابات رؤساء وأعضاء البلديات، وعادةً ما تختلف أجندات المرشحين. فمثلًا، في انتخابات الكونغرس ستكون قضية الهجرة عاملًا كبيرًا في تحديد من سينتخب، لكن هناك عاملًا آخر لاحظناه، وهو رفض أجندة معينة يحاول الرئيس ترامب تمريرها في الولايات المتحدة. ولهذا ربح الحزب الديمقراطي بشكل كبير، وتُعتبر هذه النتائج استفتاءً مبدئيًا لما قد يحدث في الانتخابات النصفية القادمة.
يجب أيضًا الأخذ بالاعتبار المواقف السياسية للمرشحين الأمريكيين الذين يمثلون المناطق الريفية والمحافظة بالولايات المتحدة، التي بطبيعتها تميل دائمًا إلى انتخاب الجمهوريين والتيار المحافظ، لذلك علينا الانتظار ونرى ما سيحدث، ولكن في النهاية، هذه الانتخابات ونتائجها أشارت إلى وجود زخم وقد تؤثر على معنويات الأحزاب والناخبين في الانتخابات القادمة، لذلك فإن انتخابات الكونغرس لها أيضًا حسابات بعيدة عن فوز ممداني.
هناك اتهامات لممداني بأنه شخص متناقض ويعمل وفق مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"؟
هناك صور متعددة لذلك، ولكن ما تم التركيز عليه في إطار تناقضاته جاء بناءً على مواقفه المعلنة الداعمة للقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه، تصويته ودعواته لزيادة المخصصات لمكافحة معاداة السامية وحماية الجالية اليهودية في مدينة نيويورك. ويرى المعارضون أن دعمه المعلن للفلسطينيين وانتقاده الشديد لإسرائيل يتناقضان مع أي دعم فعلي لحماية الجالية اليهودية، لكن أنصاره يرون أنه لا يوجد تناقض في موقفه، بل يعكس مبدأ الفصل بين انتقاد سياسات الكيان الإسرائيلي وبين مكافحة معاداة السامية وحماية اليهود كجالية دينية.
وأعتقد، كديمقراطيٍّ منتخبٍ وأعمل بشكل رسمي في قيادة اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي في ولاية آيوا، أن هذا الموقف الذي يتخذه ممداني يتماشى مع موقف الحزب الديمقراطي بشكل عام، خصوصًا بين الشباب الديمقراطيين داخل الحزب.
كيف ترى ما يدور حول نظرية أن فوز ممداني يُعدّ هدية للجمهوريين قبل انتخابات التجديد النصفي؟
أعتقد أن سؤالك يلامس نقطة محورية في النقاش السياسي الحالي داخل أروقة الحزب الديمقراطي. نحن في نقاش متواصل حول وجهتي نظر رئيسيتين داخل الحزب.
الرؤية الأولى ترى أن تيار ممداني أو الاشتراكي الديمقراطي يشكّل تحديًا لترامب ويعبّر عن طاقة الجيل الجديد، ويمكن البناء عليه من أجل وحدة الحزب الديمقراطي.
أما التيار الآخر داخل الحزب، فهو التيار القَلِق الذي يعتبر أن مواقف ممداني والشباب الديمقراطيين تشكّل خطرًا بانقسامٍ وتطرّفٍ داخلي قد يمنح الجمهوريين الهدية الكبرى في الانتخابات النصفية، لذلك على الحزب الديمقراطي أن يكون حكيمًا في تصرفاته، وأن يتعامل مع هذه القضية بوعيٍ كبير، ويعمل على جمع كافة التيارات المفيدة داخل الحزب لصياغة رؤيةٍ مشتركة من أجل تحقيق فوزٍ كبير في الانتخابات القادمة.
البعض يُعرب عن مخاوف مما يسمّونه "انجراف العرب والمسلمين" وراء ظاهرة ممداني التي تحمل الأمل؟
هناك نقاش واسع حول الظواهر السياسية والشخصيات الصاعدة في الولايات المتحدة، خصوصًا بين فئات الشباب. صحيح أن هناك تحليلات تقول إن بعض الصراعات داخل الدولة العميقة الأمريكية تدفع جهات معينة لدعم مرشحين محدّدين.
وهناك تحوّل كبير داخل الحزب الديمقراطي ونموٌّ للتيار التقدّمي بين فئة الشباب، خاصة بعد حرب الإبادة الجماعية التي شاهدناها خلال العامين الماضيين في قطاع غزة.