ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
أعاد الكونغرس الأمريكي فتح ملف الأجسام الطائرة المجهولة إلى دائرة الضوء، لكن هذه المرة في ظل اتهامات مباشرة للبنتاغون بالتعتيم والانتقام من العسكريين الذين يُدلون بشهاداتهم.
وكشف "ستارز آند سترايبيس"، أن جلسة استماع خاصة عقدتها لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب، تحولت إلى مشهد درامي حين قدّم ضباط سابقون روايات مثيرة عن لقاءاتٍ غامضة مع أجسام مجهولة، في وقت تصاعدت فيه الشكوك حول جدية وزارة الدفاع في التعامل مع هذه القضايا.
وذكر الموقع الأمريكي أن في قلب الجلسة كان يقف الضابط السابق في سلاح الجو والمتخصص في الاستخبارات الجغرافية، ديلان بورلاند، والذي خدم في قاعدة لانغلي الجوية بولاية فرجينيا، وكشف بورلاند، بدوره، تفاصيل واقعة تعود إلى عام 2012، حين خرج في استراحة ليلية قصيرة، ليجد نفسه أمام مشهد يصعب تفسيره، يقول: "كان الجسم مثلث الشكل، يحوم فوق القاعدة لعدة دقائق، ولم يصدر أي صوت، لكنه تسبب في تعطيل هاتفي المحمول، وبدا وكأنه يتحرك بشكل ديناميكي، وكأنه شيء حي".
ونقلت مصادر مطّلعة أن الأمر الأكثر إثارة في روايته هو أن الجسم لم يترك أي أثر للحركة أو الرياح، ثم ارتفع بسرعة هائلة إلى مستوى الطائرات التجارية قبل أن يختفي، لكن صدمة بورلاند لم تكن في ما رآه فحسب، بل في ما تلا ذلك؛ فبعد أن قدّم تقاريره الرسمية، يقول إنه تعرّض لـ"انتقامٍ مؤسّسي"، تمثل في منعه من العمل لاحقًا في أجهزة الاستخبارات الفيدرالية، وهو ما وصفه بأنه "قائمة سوداء غير معلنة".
وبحسب الخبراء فإن هذه الشهادة أضافت طبقة جديدة من الجدل إلى نقاش قديم؛ فوزارة الدفاع، عبر مكتب "حل الظواهر الشاذة في جميع المجالات" (AARO)، كانت قد استجوبت بورلاند عام 2023 حول الحادثة، لكنها رفضت الاعتراف بصحة روايته، ليظل موقف المكتب الرسمي ثابتًا: لا أدلة موثوقة على أن ما يبلّغ عنه العسكريون يرتبط بتكنولوجيا خارج الأرض، لكن تناقض روايات الشهود مع تقارير البنتاغون يعمّق أزمة الثقة بين الجنود القدامى والمؤسسة العسكرية.
وكشف مراقبون أن أعضاء الكونغرس لم يُخفوا استياءهم؛ فقد اعتبر بعضهم أن المسألة لم تعد مجرد بحث عن أجسام مجهولة في السماء، بل عن شفافية مفقودة على الأرض، فهل يُعقل أن يتحول ضباط خدموا في مؤسسات حساسة إلى ضحايا لسياسات ردع وتهميش لمجرد أنهم نقلوا ما شاهدوه؟
بدورها اتهمت النائبة الجمهورية آنا بولينا لونا، رئيسة فريق العمل الخاص في مجلس النواب، وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات بانتهاج سياسة "انعدام الشفافية" في ملف الأجسام الطائرة المجهولة، وقالت لونا إن الفريق حُرم من الاطلاع على مقاطع فيديو وملفات أساسية تتعلق بحوادث "الظواهر الجوية غير المعروفة"، معتبرة أن ذلك يشير إلى وجود تستر متعمد من جانب مسؤولي الدفاع.
وأضافت: "الشعب الأمريكي ليس ساذجًا ولا يحتاج إلى أن يُعامل كالأطفال المحرومين من الحقيقة"، وأكدت أن قضية الأجسام المجهولة ظلت لسنوات غارقة في السرية والوصمة، وأحيانًا في الرفض التام، لكنها في جوهرها مسألة تتعلق بالأمن القومي وبمساءلة الحكومة أمام مواطنيها.
ولم تُصدر وزارة الدفاع تعليقًا فوريًا على هذه الاتهامات.
وفي سياق متصل، يتجاوز الجدل سؤال وجود "زوار من خارج الكوكب"، ليصل إلى جوهر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني؛ فالمطالبة بالكشف عن أسرار الأجسام الطائرة المجهولة أصبحت أيضًا مطالبة بكسر جدار الصمت البيروقراطي، وإعادة الاعتبار لمن خاطروا بمسيراتهم المهنية من أجل قول الحقيقة.
ويرجح بعضهم أنه ومع تزايد الضغوط على البنتاغون، يبدو أن الكونغرس ماضٍ في طريقه لكشف مزيد من الوثائق والشهادات، لكن السؤال الأعمق يظل مفتوحًا: هل يخشى الجيش الأمريكي من حقيقة لا يريد للرأي العام أن يراها، أم أن المسألة كلها مجرد فوضى روايات يصعب التحقق منها؟
وما بين سماء يملؤها الغموض وأرض تشهد صراعًا حول الشفافية، تتحول قضية الأجسام الطائرة المجهولة من لغز فضائي إلى اختبار سياسي وأخلاقي لمؤسسات القوة في واشنطن.