في خطاب تاريخي للأمة مساء الثلاثاء، أعلن رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش، محمد يونس، أن الانتخابات العامة المقبلة في بلاده ستُجرى في فبراير/شباط عام 2026، واضعًا حدًا للتكهنات حول مستقبل البلاد السياسي، ومعلنًا بدء المرحلة الأخيرة من انتقال السلطة إلى حكومة منتخبة.
وجاء إعلان يونس خلال كلمته بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة يوليو، التي أنهت حكم الشيخة حسينة في العام 2024.
وقال يونس: "بالنيابة عن الحكومة المؤقتة، سأُرسل رسالة إلى رئيس مفوضية الانتخابات لبدء الترتيبات لإجراء الانتخابات الوطنية قبل رمضان المقبل"، والذي يُتوقع أن يبدأ في 17 أو 18 فبراير.
ويتزامن هذا الإعلان مع نشر "إعلان يوليو"، الذي يُعد وثيقة تأسيسية للاعتراف الدستوري والدولي بالانتفاضة التي قادها الطلاب.
وأكد يونس أن الانتخابات المقبلة ستكون حدثًا وطنيًا "أشبه باحتفالات العيد"، وأن الشعب سيصوت بحرية بعد سنوات من التهميش السياسي.
وأضاف: "لن يُستثنى أحد من التصويت هذه المرة".
وأوضح أن حكومته بدأت بالفعل الاستعدادات المؤسسية لضمان تنظيم انتخابات "لا تُنسى" من حيث الشفافية والإقبال والفرح والسلمية.
إصلاحات ومحاكمات
وخلال كلمته التي استغرقت 35 دقيقة، استعرض يونس التقدم الذي أحرزته الحكومة المؤقتة في تنفيذ ما أسماه "المهام الثلاث الكبرى": الإصلاح، العدالة، والانتخابات.
وقال إن الحكومة شكّلت لجانًا إصلاحية، وأجرت مشاورات سياسية موسّعة مع أكثر من 30 حزبًا وتحالفًا، تمخضت عنها مسودة "ميثاق يوليو" الذي ينتظر توقيع الأحزاب قريبًا.
ويهدف الميثاق إلى ضمان انتقال سلس للسلطة، وتعزيز استقلالية المؤسسات، وحماية الحقوق المدنية.
في السياق ذاته، أكد يونس أن محاكمة المتورطين في جرائم ضد الإنسانية خلال انتفاضة يوليو قد بدأت رسميًا، وأن العدالة ستأخذ مجراها بشفافية.
وقال: "لن يُفلت الجناة من العقاب، وستُعرض نتائج المحاكمات تدريجيًا أمام الشعب".
مواقف حزبية متباينة
ولاقى إعلان الانتخابات ترحيبًا من عدة أحزاب، منها الحزب الوطني البنغلاديشي و"ناجوريك أويكيا" و"إسلامي أندولان بنغلاديش".
في المقابل، لم يصدر أي رد فعل فوري من "الجماعة الإسلامية" و"حزب المؤتمر الوطني"، وأكّدا أنهما سيعلنان مواقفهما لاحقًا.
يُذكر أن الحزب الوطني البنغلاديشي كان قد طالب بإجراء الانتخابات في فبراير/شباط، بعد لقاء سابق بين يونس ونائب رئيس الحزب في لندن، بينما طالبت الجماعة الإسلامية بإصلاحات إضافية قبل التوجه لصناديق الاقتراع.
تحفيز الاقتصاد
وفي الشق الاقتصادي، كشف يونس عن إجراءات حاسمة اتخذتها حكومته، منها: خفض التضخم الغذائي من 14% إلى أقل من 7%، مع وعود بالوصول إلى 6% بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، ودفع 4 مليارات دولار من الديون الخارجية خلال 11 شهرًا، وهو أعلى رقم في تاريخ البلاد، وتحقيق طفرة في الاستثمار الأجنبي في الربع الأول من العام، بزيادة هائلة مقارنة بالفترات السابقة.
توسيع المشاركة الانتخابية
وأشاد يونس بمساهمة المغتربين، وأكد أن لجنة الانتخابات تُعد لتمكينهم من التصويت لأول مرة، مشيرًا إلى جهود خاصة لتعزيز مشاركة النساء في العملية الانتخابية، وضمان تمثيل واسع للشباب في البرامج الانتخابية.
وأوضح أن "الشباب الذين غيروا بنغلاديش، قادرون على تغيير العالم أيضًا.. امنحوهم الفرصة".
ضمان حرية الصحافة
وأكد رئيس الحكومة المؤقتة في بنغلاديش أن حكومته ألغت قانون الأمن الرقمي المثير للجدل، وسحبت القضايا ضد الصحفيين، وأعلنت الوصول إلى الإنترنت كحق أساسي، كما أجرت إصلاحات في القانون السيبراني لتكريس حرية التعبير.
وأضاف: "أصبح من الممكن الآن انتقاد الحكومة حتى في وسائل الإعلام الرسمية".
وحذَّر يونس من محاولات جهات داخلية وخارجية لتعطيل العملية الديمقراطية، وقال: "القوى المهزومة ستُحاول العودة، لكننا مصممون على هزيمتها عبر انتخابات نزيهة".
وأكد أن حكومته ستستخدم التكنولوجيا لتعزيز الشفافية، وستُطلق تطبيقًا جديدًا يتيح للمواطنين إرسال اقتراحاتهم وملاحظاتهم مباشرة.
وفي نهاية كلمته، قال يونس: "نحن الآن في الفصل الأخير من مهمتنا.. لقد حان وقت تسليم السلطة، ولكن بشكل مشرّف وتاريخي".
ودعا إلى تجاوز الانقسامات، متعهِّدًا بعدم السماح بعودة "الفاشية" أو التزوير الانتخابي مجددًا.