كشف مصدر دبلوماسي أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن الإدارة الأمريكية تقوم بـ"ممارسة الألاعيب" مع كييف وأوروبا، خلال مكالمة مسربة ناقشت خطة الرئيس دونالد ترامب لإحلال السلام.
وفي رسالة صريحة وصلت حدّ التحذير القاسي، طلب كبار قادة أوروبا من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ألا يقبل أي تنازل لموسكو قبل أن يحصل على "ضمانات أمنية صارمة" من الولايات المتحدة، وفق ما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر دبلوماسية رفيعة.
وأكد أحد الدبلوماسيين الذين شاركوا في المكالمة أن ميرتس طالب زيلينسكي بتوخي الحذر الشديد في الأيام المقبلة، قائلا له إن "واشنطن تمارس ألاعيبها مع أوكرانيا والأوروبيين"، على حد تعبيره.
وجاءت هذه الرسالة خلال اتصال هاتفي يوم الاثنين بين زيلينسكي وقادة أوروبيين، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وكشفت المصادر الدبلوماسية، أن القادة الأوروبيين أصروا على أولوية دور الولايات المتحدة في الضمانات الأمنية المقدمة لأوكرانيا في أي اتفاق.
وبحسب المصادر الدبلوماسية كان ماكرون الأكثر حدّة؛ إذ قال إنه يتعين إيصال رسالة واضحة إلى واشنطن: ستحتاج الولايات المتحدة إلى توضيح كيفية حماية أوكرانيا قبل أن توافق كييف على الشروط النهائية للاتفاق.
وتعكس هذه الرسالة الحذر المتزايد لدى الزعماء الأوروبيين إزاء الجهود السريعة التي تبذلها واشنطن للتوصل إلى اتفاق سلام، تُركوا فيه على الهامش.
في اليوم التالي للمكالمة، خرج زيلينسكي علناً ليردد التحذير الأوروبي على طريقته، قائلاً "المهم هو أن يكون كل شيء عادلاً وشفافاً، وألا تُدار أي أعمال من وراء ظهر أوكرانيا".
ولا يعتبر هذا القلق الأوروبي مجرد حساسية دبلوماسية. ففي الوقت الذي تجري فيه واشنطن مفاوضات مباشرة وسريعة مع الكرملين – آخرها جلسة ماراثونية استمرت خمس ساعات بين بوتين والمبعوثَين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في موسكو – يجد الأوروبيون أنفسهم خارج غرفة القرار تماماً، رغم أنهم من سيدفعون الفاتورة الكبرى إذا انهار أي اتفاق، وفق مراقبين.
ولهذا يحاول الأوروبيون الآن استرداد مقعد لهم على الطاولة بأي ثمن، خصوصا بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لتحرير مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا، مع الاحتفاظ بجزء كبير كـ"ورقة ضغط" يمكن أن تُقدَّم لواشنطن بهدف إغراء موسكو.
وفي وقت سابق، أكد مسؤولون أوروبيون على أنهم لا يستطيعون تقديم التزامات أمنية واضحة لأوكرانيا إلا بعد أن يعرفوا الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في دعم هذه الخطط.
وقد أثرت هذه القضية على الجهود الرامية إلى توحيد المواقف الغربية بشأن محادثات السلام طوال هذا العام، بما في ذلك خلال المواجهة التي جرت في المكتب البيضاوي في فبراير/شباط 2024 عندما أثار سعي زيلينسكي للحصول على ضمانات أمنية أمريكية غضب ترامب ونائبه.