أضافت الولايات المتحدة الأمريكية 6 آخرين إلى قائمة قتلى عملياتها في منطقة البحر الكاريبي، حسبما أعلن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، مساء اليوم، ليرتفع العدد إلى 38 قتيلاً خلال أسبوعين، إضافة إلى تدمير 8 سفن.
حملة متصاعدة تواجه انتقادات وتساؤلات حول مشروعيتها القانونية، وأهدافها الحقيقية، إذ إن الهدف المعلن "محاربة تهريب المخدرات"، لا يكفي لتفسير الحشد غير المسبوق للقوات الأمريكية في المنطقة، أو التهديد المتواصل لبلدان في أمريكا اللاتينية، وأبرزها فنزويلا وكولومبيا.

ثروات فنزويلا، صاحبة أكبر مخزون للذهب في أمريكا اللاتينية، وأكبر احتياطيات النفط في العالم، إضافة إلى وضع حد للنفوذين الروسي والصيني المتزايد، في المنطقة، تبدو في صلب أهداف الإدارة الأمريكية، خاصة منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة.
ومنذ أن بدأ الحشد في المنطقة قبل أسابيع تتردد في الصحافة الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كانت تلك المقدمات ستفضي إلى حرب في المنطقة، خاصة أن عدداً من المؤشرات تقول إن ذلك قد يحدث، أبرزها حشد القوات بما في ذلك المدمرات، إضافة إلى إعلان ترامب الواضح عن أنه سمح لوكالة الاستخبارات المركزية بتنفيذ عمليات سرية في فنزويلا، وإعلانه يوم أمس أن الهجمات على مهربي المخدرات قد تتحول إلى "تحرك بري" على الأرض.
وتسعى الدعاية الأمريكية الرسمية إلى استخدام صفة الإرهاب، ملازمة لعمليات تهريب المخدرات، بل إن هيغسيث، ربط يوم أمس بين مهربي المخدرات، وتنظيم "داعش" حين قال، إن "كارتلات" المخدرات تشن حرباً على حدود بلاده، كما شن تنظيم "القاعدة" حرباً عليها.
ويستخدم البيت الأبيض وصف "إرهابيي المخدرات"، في الإشارة إلى من يستهدفهم على متن المراكب، ويربطهم بجماعات إجرامية فنزويلية وكولومبية تصنفها واشنطن "منظمات إرهابية". كما أن ترامب وصف كلاً من نظيريه الفنزويلي والكولومبي بأنهما زعيما كارتل لتهريب المخدرات.
وفي مواجهة تلك الاتهامات، وصف الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو استهداف القوارب بأنها عمليات إعدام تمارسها الولايات المتحدة، وقال إن هدف التصعيد ضد فنزويلا ليس محاربة الإرهاب بل السيطرة على النفط.
تصاعد التوتر في منطقة البحر الكاريبي بسبب الانتشار العسكري الأمريكي، أدى إلى مزيد من التحالف داخل أمريكا اللاتينية، وخاصة بين فنزويلا وكولومبيا التي كانت حليفاً للولايات المتحدة قبل أن تنحدر العلاقات بينها مؤخراً، كما أن ذلك التوتر أظهر توسع النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، وهو ما يشير إلى أن الصراع على النفوذ ومحاولة تحجيم الدور الصيني والروسي يعد من أبرز أسباب التصعيد.
وتشير المعطيات إلى أن النفوذ الصيني يتصاعد في أمريكا اللاتينية منذ عقود، إذ صارت الشريك التجاري الثاني بعد الولايات المتحدة، كما أن نحو 20 دولة من أمريكا اللاتينية انضمت إلى المبادرة الصينية المعروفة بمبادرة "الحزام والطريق".
كذلك زادت الاستثمارات الروسية في أمريكا اللاتينية، ورغم أنها ما زالت تعد منخفضة قياساً بمثيلاتها الصينية والأمريكية، إلا أن موسكو تسعى إلى توسيع نفوذها في العالم، خاصة بعد العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها عليها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في مواجهة ذلك، تحاول واشنطن، التي ترى في تزايد ذلك النفوذ خطراً على أمنها القومي، أن تُحدث تغييرات في بنية الأنظمة في أمريكا اللاتينية، وهو ما تشير إليه صحف أمريكية؛ إذ تذكر صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "الهجمات في منطقة البحر الكاريبي، وخفض المساعدات لكولومبيا، والضغوط على فنزويلا تطمس الخطوط الفاصلة بين مكافحة المخدرات وتغيير الأنظمة"، وهو ما تشير إليه حالة القطيعة التي كشفها تبادل الاتهامات مؤخراً بين مسؤولين أمريكيين، على رأسهم ترامب، ونظرائهم في كولومبيا وفنزويلا.