logo
العالم

طوت "صفحة اليسار".. بوليفيا تعود إلى الحضن الأمريكي بقيادة اليمين الصاعد

الرئيس البوليفي المنتخب رودريغو باز ونائبه المنتخب إدمان ...المصدر: فورين بوليسي

أنهى فوز السيناتور الوسطي رودريغو باز بالرئاسة في بوليفيا أكثر من عقدين من حكم اليسار في البلاد، ليبدأ فصلًا جديدًا من الغموض حول مستقبل البلاد واتجاهها السياسي بين واشنطن وبكين، في تحول لافت في المشهد السياسي في أمريكا اللاتينية.

أخبار ذات علاقة

الانتخابات البوليفية

بوليفيا تغيّر الاتجاه.. انتخابات يمينية تهدد إرث عقدين من الحكم اليساري

وبينما احتفى اليمين في أمريكا اللاتينية بانتصاره، فليس من المعلوم حتى الآن كيف سيحكم باز، أو إلى أي مدى سيتمكن من تنفيذ وعوده الطموحة، في ظل غياب أغلبية برلمانية تدعمه.

وفاز باز بنسبة 54.2% من الأصوات، متفوقًا على الرئيس السابق خورخي "توتو" كيروغا، بعد حملة ركزت على التعافي الاقتصادي ورفعت شعار "الرأسمالية للجميع"، في بلد أنهكته أزمة العملة وتضخم هو الأعلى منذ 3 عقود.

ومع ذلك، فإن الانتصار الانتخابي لم يترجم إلى تفويض سياسي واضح؛ إذ سيحتاج باز إلى بناء تحالفات هشة للتعامل مع برلمان منقسم ومجتمع ما زال يحمل الحنين إلى إرث حزب "الحركة نحو الاشتراكية" الذي قاده الرئيس السابق والزعيم السابق للحزب الاشتراكي إيفو موراليس.

أخبار ذات علاقة

أنصار رودريجو باز في لاباز يحتفلون بفوزه في الانتخابات الرئاسية

بعد بوليفيا.. هل تتجه أمريكا اللاتينية أكثر نحو "أجندة" ترامب؟

وبينما يمثل فوز باز نهاية مرحلة يسارية طال أمدها، فإنه لا يعني بالضرورة بداية حقبة يمينية صريحة؛ فقد حرص الرئيس المنتخب على النأي بنفسه عن سياسات الخصخصة الجذرية التي وعد بها منافسه كيروغا، مفضلاً الإبقاء على برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقها موراليس، مع وعود بإصلاح الاقتصاد دون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، لكن مراقبين يشيرون إلى أن باز لم يقدم بعد خطة واضحة لتحقيق ذلك؛ ما يثير تساؤلات حول مدى قدرته على إدارة التوازن بين السوق والعدالة الاجتماعية.

ويعتقد الخبراء أن العلاقات الخارجية ستكون اختبارًا مبكرًا لباز؛ إذ سيسعى إلى إعادة بناء الروابط مع واشنطن بعد سنوات من التوجه نحو بكين وموسكو، فالرئيس الجديد اجتمع قبل انتخابه بمسؤولين أمريكيين كبار، في إشارة إلى استعداد بلاده لفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة، التي تنظر بدورها إلى بوليفيا كفرصة استراتيجية في سباقها الاقتصادي مع الصين، خصوصًا فيما يتعلق باحتياطات الليثيوم الهائلة التي تمتلكها البلاد. 

لكن هذا الانفتاح على واشنطن قد يضع باز أمام معادلة صعبة، كيف يوازن بين المصالح الأمريكية المتزايدة في ثروات بوليفيا المعدنية، وبين الحساسية الوطنية والرغبة الشعبية في الحفاظ على السيطرة المحلية على الموارد؟ كما أن أي توسع في عمليات التعدين قد يثير احتجاجات في المناطق الريفية ذات الأغلبية من السكان الأصليين، وهو ما قد يعيد البلاد إلى دوامة الاضطرابات التي لطالما ميزت تاريخها السياسي.

ويرجح مراقبون أن يدخل رودريغو باز القصر الرئاسي محاطًا بتوقعات كبيرة وغموض أكبر؛ فهو يمثل جيلًا جديدًا من القادة في أمريكا اللاتينية الذين يحاولون الخروج من ثنائية "الاشتراكية الثورية" و"النيوليبرالية المتطرفة" نحو براغماتية غير مجربة بعد، غير أن نجاحه أو فشله في رسم هذا المسار الوسطي سيحدد ليس مستقبل بوليفيا فحسب، بل وربَّما ملامح الموجة السياسية القادمة في القارة بأكملها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC