logo
العالم
خاص

عودة الخط الروسي إلى نيودلهي.. اختبار جديد لتوازنات الطاقة والدفاع في جنوب آسيا

رئيس الوزراء الهندي مودي والرئيس الروسي بوتينالمصدر: (أ ف ب)

من المقرر أن يبدأ، هذا الأسبوع، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زيارة إلى نيودلهي تُعد الأولى له منذ 4 سنوات، حيث تأتي في وقت تشهد فيه علاقات البلدين مجموعة تغييرات مرتبطة بسوق الطاقة، والعقوبات الغربية، والخيارات الدفاعية الهندية، دون أن يشير ذلك بالضرورة إلى تحوّل جذري أو قطيعة مع المسار التقليدي للعلاقة.

تُعد الهند من أهم المشترين للنفط الخام الروسي منذ 2022، غير أن البيانات الأخيرة تفيد بأن الواردات تتجه نحو أدنى مستوى لها خلال 3 سنوات. 

أخبار ذات علاقة

 رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

فرصة "مثمرة".. بوتين يتوجه إلى الهند مطلع ديسمبر

ولعل هذا التراجع يرتبط بعاملين يتمثلان بتشديد الإجراءات الغربية على تجارة النفط الروسي، وتوسّع الهند في شراء النفط والغاز من الولايات المتحدة.

لا يعني هذا أن نيودلهي في طور الابتعاد عن موسكو، لكنه يعكس اعتمادها المتزايد على تعدد المصادر، أما موسكو فتنظر إلى السوق الهندية باعتبارها من المسارات التي ما زالت تعمل رغم العقوبات، ومن المرجح أن تبحث خلال الزيارة عن ترتيبات جديدة في التسعير وآليات الدفع تساعد على تخفيف أثر القيود المفروضة عليها.

متابعة الملفات العالقة

في حين أفاد مصدر دبلوماسي روسي، خلال حديث خاص لـ"إرم نيوز" بأن زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى نيودلهي تركّز أساساً على متابعة الملفات التي كانت مطروحة بين الجانبين خلال العامين الماضيين، سواء في مجال الطاقة أو في التعاون الدفاعي، مشيراً إلى أن موسكو تنظر إلى الحوار مع الهند كمسار مستقرّ، حتى مع وجود تغييرات في السوق الدولية.

وأضاف أن الجانب الروسي يدرك التراجع الأخير في حجم المشتريات الهندية من النفط، لكنه أوضح أن "هذا التراجع يرتبط بظروف تنظيمية وقيود مفروضة على قطاع النقل البحري، وليس بخلاف سياسي أو مراجعة إستراتيجية من جانب نيودلهي".

وتابع قائلاً: "الهند شريك مهم، وقراراتها في مجال الطاقة تُبنى على قاعدة تنويع المصادر، وهذا مفهوم بالنسبة إلينا".

توازن هادئ

وفيما يتعلق بملف الدفاع، قال المصدر إن روسيا "لا تتعامل مع الزيارة بوصفها مناسبة لطرح صفقات كبيرة أو استعراض قدرات عسكرية"، موضحاً أن "التركيز سيكون على الأنظمة الموجودة في الخدمة لدى الجيش الهندي، وكيفية تطويرها أو الحفاظ على جاهزيتها"، لأن هذا الجانب يشكّل الجزء الأكبر من التعاون العسكري بين البلدين.

وأشار إلى أن موسكو لا تنظر بعين القلق إلى توجّه الهند نحو توسيع خياراتها الدفاعية، معتبراً أن "هذا التوجّه طبيعي لدولة بحجم الهند، ولا ينتقص من قيمة التعاون القائم".

وختم المصدر قائلاً إن روسيا تتعامل مع هذه الزيارة باعتبارها محطة عمل، دون أن يكون هناك أي مجال لاعتبارها كمنصة لإعادة صياغة العلاقة أو إطلاق مسارات جديدة، مضيفاً أن الهدف هو "الحفاظ على قنوات واضحة ومنتظمة في القضايا الاقتصادية والدفاعية، وتسهيل أي ترتيبات تتطلبها المرحلة المقبلة".

واقعية العلاقة وتعدد الشركاء

من جهته، قال الباحث الهندي راهول مالهوترا، المتخصص في شؤون السياسات الطاقية والعلاقات الآسيوية، إن زيارة بوتين تأتي في توقيت تحتاج فيه نيودلهي إلى قراءة دقيقة لمعادلة الطاقة العالمية، خاصة بعد تراجع واردات الخام الروسي إلى مستويات لم تشهدها منذ سنوات.

وأوضح خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن الهند لا تتعامل مع هذا التراجع كاتجاه سياسي، إنما كجزء من ديناميات السوق، وتغيّر شروط النقل، والتأمين.

وأضاف أن بلاده لا ترى في الزيارة محاولة لإعادة ضبط العلاقة، بقدر ما تعتبرها فرصة لترتيب الملفات التقنية في الطاقة والدفاع، دون التزام بأي تحوّل كبير. وتابع: "السياسة الخارجية الهندية تعتمد على تعدد الشركاء، لذلك تحرص على إبقاء الحوار مفتوحاً مع روسيا والغرب في آن واحد".

وأشار مالهوترا إلى أن التعاون الدفاعي سيظل جزءاً مهماً من العلاقة، لكنه يتجه أكثر نحو تحديث الأنظمة الموجودة بدلاً من التوسع في صفقات جديدة كبيرة، معتبراً أن "الهند تتعامل مع روسيا من زاوية عملية، تدور حول الاحتياجات الفعلية للجيش وليس الرسائل السياسية".

تنظيم الملفات المشتركة

بدوره، قال ألكسي بوريسوف، الخبير الروسي في شؤون العلاقات الدولية والسياسات الأمنية، إن موسكو تتعامل مع زيارة بوتين للهند من منظور واقعي، يدرك التحديات التي فرضتها العقوبات الغربية على حركة النفط الروسي، مشيراً خلال حديثه لـ"إرم نيوز" إلى أن روسيا لا تتوقع قفزات كبيرة في حجم المشتريات الهندية، لكنها تسعى إلى تثبيت مستوى معقول من التعاون في ظل الظروف القائمة.

وأضاف أن روسيا "ترى في الهند شريكاً مستقلاً في قراراته، ولا تربط حجم التعاون بمواقف سياسية أو اصطفافات دولية"، لافتاً إلى أن "موسكو تدرك طبيعة التوازن الذي تحاول نيودلهي الحفاظ عليه، سواء في علاقتها مع الولايات المتحدة أو في ملفات آسيا".

وتابع بوريسوف موضحاً أن ملف الدفاع يمثل امتداداً عملياً لعقود من التعاون التقني بين الجانبين، ولا يدخل، اليوم، في سباق نفوذ أو تنافس مع أطراف أخرى.

وختم قائلاً إن الزيارة تمنح الطرفين فرصة لمراجعة الملفات المشتركة وفق المتغيرات الحالية، دون مبالغة في طموحاتها أو تحميلها ما يتجاوز نطاقها العملي. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

مصادر: الهند تعتزم مناقشة صفقة أسلحة مع روسيا خلال زيارة بوتين

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC