تايوان تقول إنها رصدت 89 طائرة عسكرية صينية و28 سفينة بالقرب منها
بشكل مفاجئ عادت قوات "دنيبر" التي ظلت وقتا طويلا بعيدة عن المشهد إلى قلب البيانات العسكرية الروسية اليومية، في محاولة لإعادة ترتيب أولويات الدب الروسي الميدانية في الجنوب.
وخصصت وزارة الدفاع الروسية فقرات مستقلة للحديث عن عمليات "قوات دنيبر" وهو أمر لم يكن معتادا في الأشهر السابقة، وكشفت البيانات الروسية بشكل شبه يومي عن إلحاق خسائر بالقوات الأوكرانية في مقاطعتي خيرسون وزابوروجيه.
وهذا الزخم في الخطاب الرسمي تزامن مع أرقام خسائر لافتة، حيث أعلنت موسكو تحييد مئات الجنود الأوكرانيين خلال أسبوع واحد فقط، إلى جانب تدمير مركبات مدرعة ومدافع ميدانية، من بينها مدافع هاوتزر أمريكية الصنع.
ورغم أن هذه الأرقام تبقى محل جدل في سياق الحرب الدعائية، فإن انتظام الإعلان عنها يعكس رغبة روسية واضحة في تثبيت صورة جبهة نشطة جنوبا.
وتعمل قوات دنيبر أساسا في الضفة اليسرى لنهر دنيبر داخل مقاطعة خيرسون، وفي مناطق جنوب زابوروجيه، إضافة إلى الجزر النهرية التي تحولت إلى نقاط اشتباك متقدمة.
يرى الخبراء أن إعادة تسليط موسكو الضوء على قوات دنيبر تأتي في إطار سياسة ضغط سياسي وعسكري متدرجة، تهدف إلى رفع سقف المطالب وفرض واقع تفاوضي جديد دون أن تكون الجبهة محورا رئيسا للعمليات في الوقت الحالي.
وأضاف الخبراء أن التركيز الروسي يعكس سعيا طويل الأمد للسيطرة على الضفة المقابلة للنهر وربط المناطق التي تسيطر عليها جغرافيا، مع توظيف الخطاب العسكري كأداة ردع وابتزاز سياسي، تحضيرا لمرحلة تفاوضية محتملة، وليس بالضرورة لانطلاق هجوم واسع جنوبا في المدى القريب.
إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني كشف، أن روسيا تتبع نمطا ثابتا يقوم على رفع سقف مطالبها كلما لوحت بإمكانية التفاهم أو التوصل إلى صيغة "وحدة"، خاصة بعد تحقيق أي مكاسب دبلوماسية، وأن موسكو لا تنظر إلى هذه المكاسب كنهاية لمسار التفاوض، بل كنقطة انطلاق لمطالب إضافية.
وأشار يواس لـ"إرم نيوز" إلى أن إدراك موسكو لاحتمال قبول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفكرة منح روسيا جزءا من إقليم دونباس، لم يدفعها إلى الاكتفاء بهذا الطرح، بل إلى توسيع دائرة مطالبها سريعا؛ إذ أعلنت أنها لا تسعى فقط إلى دونباس، وإنما تستهدف أيضا مناطق أخرى منها إقليم خيرسون والمناطق الواقعة على الضفة المقابلة لنهر دنيبر.وأكد مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني أن روسيا كثّفت خلال الفترة الأخيرة حديثها عن عمليات عسكرية محتملة على نهر دنيبر، انطلاقا من قناعتها بأن المناطق التي تسيطر عليها في خيرسون وزابوريجيا مفصولة جغرافيا عن بقية الأراضي الأوكرانية بواسطة النهر.
ولفت إلى أن موسكو، وحتى بعد انسحابها من مدينة خيرسون، واصلت التفكير في هذا السيناريو باعتباره خيارا استراتيجيا طويل الأمد، مبينا أن الخطاب الروسي الحالي يهدف إلى إيصال رسالة سياسية وعسكرية مفادها امتلاك القدرة على السيطرة على تلك المناطق، في محاولة لفرض أمر واقع قد يدفع نحو تسليمها دون قتال، إلا أنه شدد على أن أوكرانيا لا تخطط للتنازل عن أي جزء من أراضيها، معتبرا أن هذا السيناريو غير قابل للتطبيق عمليا.
وأوضح إيفان يواس أن موسكو تواصل تصعيد مستوى العنف وتعزيز وجودها العسكري والقوات القادرة على الضغط من الضفة الأخرى للنهر، بهدف فرض ضغوط سياسية وعسكرية متزايدة على كييف وانتزاع تنازلات إقليمية دون مواجهة واسعة.
وأكد أن رفع سقف المطالب يعكس سياسة ضغط وابتزاز سياسي واضحة، مع استبعاد نجاحها في تحقيق هذه الأهداف بالقوة في المرحلة الراهنة.
من جانبه، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية نبيل رشوان، أن جبهة دنيبر لا تمثل محور العمليات الرئيس للقوات الروسية في الوقت الحالي، خاصة وأن الضغط العسكري يتركز في مناطق أخرى تخضع جزئيا للسيطرة الأوكرانية، دون أن تحقق روسيا سيطرة كاملة عليها.
وأشار المحلل السياسي إلى أن العمليات على هذه الجبهة تتسم بالصعوبة، ولا تحظى بأولوية قصوى لدى القيادة العسكرية الروسية في المرحلة الراهنة، موضحّا أن موسكو تسعى إلى استكمال السيطرة على مدينة خيرسون قبل الدخول في أي مفاوضات أو توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأضاف الخبير في الشؤون الروسية لـ"إرم نيوز"، أن الهدف الروسي يتمثل في فرض السيطرة الكاملة على المقاطعات الأربع التي أعلنت موسكو ضمها، مؤكدا أن التوقعات لا تشير إلى تحقيق اختراق كبير في هذا المسار خلال الفترة الحالية.
وأشار إلى أن المناطق الواقعة خارج هذه المقاطعات، إلى جانب شبه جزيرة القرم، ستظل موضع تفاوض، في ظل إصرار روسيا على انتزاع اعتراف بسيطرتها، مقابل رفض أوكراني قاطع لأي تنازل.
وكشف أن الاستراتيجية الروسية تشمل ضغوطا ميدانية وسياسية، من بينها تهجير السكان في بعض المناطق، ضمن محاولات فرض واقع جديد على الأرض، موضحا أن اللقاء المرتقب بين ترامب والقيادة الأوكرانية سيناقش الملفات الأمنية والمناطق محل الخلاف، مع استمرار التنسيق مع الأوروبيين.
وأكد أن التحركات العسكرية الروسية تشهد بطئًا ملحوظًا وأن هذا التقدم مرتبط بتوقعات حدوث وقف لإطلاق النار، مشددا على أن المشهد الميداني لم يشهد حتى الآن تغيرات جوهرية أو تحولات نوعية.