يفترض المحلل العسكري الألماني كارلو ماسالا في كتابه "حرب المستقبل: روسيا في مواجهة الغرب" سيناريو خطيراً يبدأ بهجوم روسي على مدينة نارفا الإستونية عام 2028.
ومن خلال هذا العمل، يُطلق ماسالا تحذيراً استراتيجياً حول التهديدات الأمنية المحتملة على الحدود الشرقية لأوروبا، مستندًا إلى حقائق جيوسياسية وتجارب تاريخية، ليُعيد تسليط الضوء على هشاشة الردع الغربي في وجه الطموحات الروسية المتجددة.
وبحسب تقرير موسّع نشرته صحيفة "لو موند" الفرنسية، فإن هذا الكتاب لا يندرج ضمن أدب الخيال، بل هو دراسة تحليلية تلبس ثوب الرواية لتوجيه إنذار مبكر إلى صانعي القرار الأوروبيين.
وماسالا، الباحث في مركز أبحاث تابع للجيش الألماني، يقدّم تصوراً مفصلاً لعملية عسكرية مباغتة تنفّذها القوات الروسية ضد مدينة نارفا، حيث يشكّل السكان من أصول روسية ثلث عدد سكانها، في لحظة تشكك داخل الناتو حول مدى الالتزام الفعلي بالدفاع المشترك.
ولا يقتصر السيناريو الذي يطرحه المؤلف على التحرك العسكري، بل يتضمّن هجمات هجينة تستبق الغزو، مثل إثارة موجات لاجئين، وشنّ عمليات تخريب ضد منشآت غربية، وتزامن الأزمة الأوروبية مع تصعيد صيني ضد الفلبين، ما يضع الغرب أمام اختبار متعدد الجبهات.
ورغم أن الجيش الروسي قد يخرج منهكًا من حرب أوكرانيا، إلا أن ماسالا يُحذّر من أن موسكو، عبر التاريخ، لم تتوقف عن شنّ الهجمات حتى في فترات ضعفها، ويُذكّر بأن روسيا شنّت غزواً على أحد جيرانها في المتوسط مرة كل 20 إلى 25 عاماً.
ويضيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي خاض بالفعل 5 مغامرات عسكرية منذ عام 1999، قد ينظر إلى الهجوم على إستونيا كخطوة لاستعادة ما يعتبره "أراضي تاريخية روسية".
ولفت التقرير، إلى أن "هذه المخاطر تتعاظم في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الدور الأمريكي في الدفاع عن أوروبا ما ينعكس في السيناريو المفترض الذي يتخيله ماسالا، حيث يرفض الرئيس الأمريكي المخاطرة بحرب عالمية ثالثة من أجل مدينة صغيرة على حدود روسيا".
وبينما تنتشر قوات بريطانية وفرنسية في قاعدة "تابا" العسكرية شمال إستونيا، يؤكد ماسالا أن الردع الحقيقي يجب أن يكون أوروبياً بالدرجة الأولى، وأن تُظهر القارة استعدادها للردّ من أول كيلومتر، إن أرادت تجنّب اختبار قاتل لقدرتها على الصمود.
وخلص تقرير الصحيفة الفرنسية إلى القول، إن "(حرب المستقبل) ليس مجرد كتاب، بل ناقوس خطر يذكّر الأوروبيين بأن السلام في القارة هشّ، وأن الزمن الذي كانت فيه الحدود الشرقية محصّنة ضد التهديدات قد ولّى".
