logo
العالم

مسار متقلّب.. كيف انهار تحالف باكستان وطالبان التاريخي؟

أفغاني يرفع علم طالبانالمصدر: رويترز

بعد سنوات من الدعم السري والعلني، فشلت باكستان في احتواء حركة طالبان الأفغانية، التي كانت حتى زمن قصير تعدّ أكبر وأوثق حليف لإسلام آباد، قبل أن تتحول إلى "مصدر إحباط كبير".

ووفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن فشل باكستان في الحفاظ على طالبان التي تسيطر تماماً على أفغانستان منذ 2021، كان مضاعفاً، مع التقارب الذي أبدته كابول أخيراً نحو نيودلهي، العدو التاريخي لإسلام آباد.

ويعود هذا الفشل إلى أخطاء استراتيجية تاريخية وتقديرات خاطئة، فقد اعتمدت باكستان على طالبان كأداة لمواجهة الهند، لكنها واجهت تمرداً من "التلميذ" الذي رعته، وفق وصف المجلة، إذ كان الجيش الباكستاني الداعم للحركة منذ تسعينيات القرن الماضي.

ودعمت إسلام آباد صعود طالبان إلى السلطة، ثم استمرّت في دعمها سراً خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، أثناء حربها مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة.

وكان من المفترض أن تجني باكستان مكاسب من عودة طالبان إلى السلطة عام 2021، متوقعة أن تكون حكومة صديقة توفر عمقاً دفاعياً ضد الهند، وتُحيّد خطر جبهتين، وتوفر ساحة تدريب لجماعات إرهابية مدعومة باكستانيًا للتسلل إلى كشمير.

لكن هذا الافتراض كان خطأ فادحاً، إذ شعرت طالبان بالاستياء من الاعتماد على باكستان وأساليبها المتسلطة، فانقلبت عليها، وتجلى ذلك في اشتباكات حدودية عنيفة في وقت سابق من هذا الشهر، خلفت عشرات القتلى من الجانبين، عقب هجمات جوية باكستانية على كابول وولاية باكتيا.

وفاقم الوضع زيارة وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، إلى نيودلهي، إذ وجّه من هناك تحذيرات شديدة لإسلام آباد. وفي البيان المشترك، أدان الجانبان "الهجمات الإرهابية" في باهالغام بكشمير، المنسوبة إلى جماعات مدعومة باكستانيًا، وأعربا عن دعم لوحدة أراضي كل منهما، بما يشمل كشمير وفق التفسير الهندي. 

مسار الاستثناء

يعكس التقارب مع الهند عودة أفغانستان إلى جذورها الجيوسياسية، محتضنة نيودلهي بدلاً من إسلام آباد، ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن التوتر بينهما ليس جديدا، "هو العودة إلى الطبيعي التاريخي".

أخبار ذات علاقة

عناصر من طالبان الإفغانية يقومون بدورية قرب الحدود الباكستانية

باكستان تعلن عن محادثات مع "طالبان" الأفغانية في قطر

وكانت العلاقات الودية بين البلدين في منتصف التسعينيات حتى 2001، ثم بعد 2021، استثناء عن مسار متوتر، فعند انفصال باكستان عن الهند عام 1947، صوّتت أفغانستان وحدها ضد انضمامها إلى الأمم المتحدة؛ بسبب رفضها خط دوراند، الذي قسّم موطن البشتون. 

وغذّت كابول نزعة البشتونية التوسعية، مما يهدد باكستان وجودياً، خاصة مع خوفها من تدخل هندي شرقاً وأفغاني غرباً. في المقابل، دعمت باكستان التمرد الأفغاني في الثمانينيات، لإقامة نظام يعتمد عليها. ونجحت مؤقتاً مع طالبان 1996-2001. 

لكنّ "الحرب الأمريكية على الإرهاب" غيّرت المعادلة، إذ حذّرت إدارة الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، الرئيس الباكستاني برويز مشرف من "العودة إلى العصر الحجري" إن لم يتعاون، لتتخلى إسلام آباد ظاهرياً عن طالبان، لكنها منحت قيادتها ملاذاً في كويتا، وسمحت بعمليات محدودة ضد حكومة حامد كرزاي، مع تقديم دعم لوجستي لأمريكا.

وأبقت هذه السياسة المزدوجة العلاقات مع كابول فاترة، إذ استمر الدعم لطالبان حتى عودتها للسلطة 2021، لكن الاعتماد غير المتوازن جعل العلاقة غير محتملة لكابول، لكن الدافع الرئيس لباكستان هو حرمان الهند من نفوذ في أفغانستان، حيث تتمتع نيودلهي بعلاقات جيدة مع كابول بسبب العداء المشترك. 

وشاركت الهند في مشاريع تنمية، معتبرة أفغانستان بوابتها إلى آسيا الوسطى، بعد شعور كابول بخيبة أمل من علاقتها غير المتكافئة مع إسلام آباد وقضية البشتون، ما أثار غضب باكستان اختيار متقي نيودلهي منبراً للهجوم عليها، لتردّ الهند بإعادة فتح سفارتها في كابول، والسماح لطالبان بالاستيلاء على السفارة الأفغانية في دلهي، مع اقتراب الاعتراف الرسمي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC