logo
العالم

غرف الدردشة المشفرة.. مخاوف أمريكية من جيل جديد من المتطرفين الرقميين

مناصرة لكيرك ترفع صورته بعد اغتيالهالمصدر: رويترز

يفحص المحققون الفيدراليون النشاط الرقمي للمشتبه به المتهم باغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك في ولاية يوتا، وسط تصاعد الأسئلة حول الدور المتنامي للمساحات الرقمية في تغذية موجة جديدة من الهجمات ذات الدوافع السياسية، بما في ذلك محاولة اغتيال الرئيس دونالد ترامب العام الماضي. 

ويأتي ذلك فيما يحمّل خبراء الأمن مخاطر العنف المتطرف للعزلة الرقمية والتواصل السام عبر المنصات المغلقةـ وفق ما ذكرته قناة "فوكس نيوز".

أثار منشور فيروسي على منصة "إكس" من حساب Libs of TikTok جدلًا واسعًا بعد ربطه بضع عمليات إطلاق نار أخيرة بأشخاص متحولين جنسيًّا أو غير ثنائيين، واصفًا ذلك بأنه "وباء عنف المتحولين جنسيًّا". 

لكن الخبراء يرفضون هذا الطرح، محذرين من أن الخطر الحقيقي يكمن داخل زوايا الإنترنت المخفية على منصات مثل Reddit وDiscord، حيث تتلاقى المظالم الشخصية مع الخطاب المتطرف وتعمل كبيئة خصبة لدفع الأفراد المنعزلين نحو العنف.

أخبار ذات علاقة

إيريكا كيرك

"نصابة".. انتقادات حادة لمقدم بودكاست سخر من أرملة تشارلي كيرك

وقال مايكل بالبوني، مستشار الأمن الداخلي السابق في نيويورك، إن عمليات الاغتيال ارتفعت خلال العقد الماضي، ولم تعد تقتصر على السياسيين، مشيرًا إلى أن "الناس يشعرون بالظلم أو عدم الأهمية، ويعتقدون أنهم سيقْدمون على عمل بطولي". 

وأضاف أن الكراهية على الإنترنت هي الشرارة التي تحول الشعور بالظلم إلى قرار بالقتل، وأن التشابه في الأفكار داخل مجموعات الدردشة يرفع احتمالات أن يتخذ أحد الأعضاء الخطوة القاتلة.

ويُراجع المحققون الأدلة الرقمية المتعلقة بالمشتبه به في اغتيال كيرك، بما في ذلك رسائل عُثر عليها في Discord، فيما تفحص الوكالات الفيدرالية سجلات الدردشة ذات الصلة. 

وتظهر نماذج مشابهة في قضايا سابقة: من "مذكرات ديسكورد" الخاصة لمطلق النار في بوفالو، إلى رسائل إنستغرام ومحادثات Yubo في قضية أوفالدي، وصولًا إلى بيانات 8chan التي نشرها منفذو هجومي إل باسو وكرايستشيرش.

نمط تطرف يشبه تجارب الإرهاب الدولي

يشير المحقق السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي وخبير الأمن الدولي بيل دالي إلى أن التطرف الحالي يتشابه مع مسارات التجنيد التي شوهدت سابقًا لدى التنظيمات الإرهابية الدولية. 

ووفق دالي، فإن التطرف لا يحدث فجأة بل تدريجيًّا، من خلال "تراكم تغييرات سلوكية صغيرة" مع اندماج الأفراد في مجتمعات إلكترونية توفر لهم الاعتراف والانتماء.

أخبار ذات علاقة

تشارلي كيرك

جامعة أمريكية تطرد أستاذة للقانون بسبب تعليق عن تشارلي كيرك

ويحذر من أن منصات الألعاب والدردشة، التي كانت يومًا فضاءات آمنة، باتت تُستخدم لاستهداف المستخدمين الأصغر سنًّا؛ أما جيسون باك، العميل المتقاعد من FBI، فيشير إلى أن محاولة ربط العنف بالهوية الديموغرافية مضللة، مؤكدًا أن "الهوية لا تتنبأ بالعنف"، وأن التركيز يجب أن يبقى على السلوك لا على التصنيفات.

ويركز النموذج السلوكي لمكتب التحقيقات الفيدرالي على مسار يبدأ بالتظلم، يليه التثبيت، ثم التحقق داخل المجتمعات الرقمية، ثم التخطيط، وصولًا إلى "نقطة الاختراق" حيث يقرر الفرد أن العنف هو الحل. 

ويشير الخبراء إلى أن المنصات المغلقة تمنح المنعزلين إخفاءً للهوية وشعورًا بالانتماء؛ ما يجعلها بيئة خصبة للتطرف.

القاتل المنفرد… كابوس أجهزة إنفاذ القانون

يرى بالبوني أن الظروف التي تنتج هذه الأنماط العنيفة تشكلت عبر سنوات من القلق، بدءًا من الجائحة وفقدان الوظائف ووصولًا إلى المخاوف المتعلقة بالأتمتة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاستقطاب السياسي. 

ويوضح أن هذه البيئة خلقت ما يسميه "كابوس الذئب المنفرد" لأجهزة الأمن، لأن هؤلاء الأفراد ليسوا خلايا منظمة بل هم أشخاص مجهولون يمتلكون السلاح والدافع والقدرة على الوصول.

ويضيف دالي أن التشفير والاستضافة الخارجية يفاقمان المشكلة، إذ ينتقل المستخدمون نحو مواقع مشفرة يصعب اختراقها. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسلم وساما لأرملة تشارلي كيرك

ترامب يكرم تشارلي كيرك بأعلى وسام مدني أمريكي

ويشير تقرير المدعي العام في نيويورك حول مطلق النار في بوفالو إلى أن هذه المنتديات منحت الجاني شعورًا بالانتماء وتعليمات تكتيكية أسهمت في تسريع تطرفه.

وجريمة اغتيال كيرك في يوتا، التي وُصفت بأنها أبرز هجوم سياسي منذ محاولة اغتيال ترامب في بنسلفانيا عام 2024، أثارت مخاوف متجددة من تصاعد العنف الحزبي. 

وتشير الأدلة المبكرة إلى أن دافع المهاجم مرتبط أكثر بالعلاقات الرقمية والمظالم الشخصية منه بالأيديولوجيا المباشرة.

ويحذر الخبراء من أن الاحتفاء الذي أبداه بعض اليساريين بوفاة كيرك يعكس تحولًا خطيرًا في السياسة السائدة، مؤكدين أن فهم هذه الجرائم يجب أن يركز على السلوك وليس الهوية. 

ويشدد دالي وباك وبالبوني على أن التدخل الفعّال يتطلب يقظة جماعية من العائلات والأصدقاء والمجتمع؛ لتأكيد ضرورة الإبلاغ عن أي تغيّر سلوكي أو وصول للأسلحة، وتجنب تمجيد منفذي الهجمات أو تداول أسمائهم.

ومع تصاعد التوترات السياسية واستمرار تضخيم الغضب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد كل هجوم، يلفت المحققون إلى أن الخطر الأكبر يكمن في التقاء المظالم الشخصية مع الوحدة والتحقق الرقمي، محولين اليأس الفردي إلى عنف عام داخل زوايا الإنترنت المعتمة من خوادم Discord إلى مجموعات Reddit وغرف الدردشة المشفرة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC