logo
العالم

ما الخيارات الجديدة التي تدرسها واشنطن لتسليح كييف؟

خلال اجتماع ترامب وزيلينسكي الأخيرالمصدر: رويترز

يرجح خبراء عسكريون أن تلجأ الولايات المتحدة الأمريكية، مع استبعاد منح أوكرانيا صواريخ "توماهوك" المجنحة لكييف، لبدائل تسليحية أخرى من شأنها أن تطيل أمد الحرب وأن تُثبّتَ موازين القوى القائمة دون إحداث تغيير استراتيجي على الصراع المستمر منذ فبراير/ شباط 2022. 

وترى مصادر عسكرية مقربة من الإدارة الأمريكية أن رفض إدارة ترامب تسليم أوكرانيا صواريخ "توماهوك"، يعود إلى سياسة رسمية تتجنب التصعيد المباشر ضد روسيا، التي سبق وأن حذرت من مغبة تسليم هذه النوعية من الأسلحة المتطورة لأوكرانيا.

واختارت واشنطن الإبقاء على الحالة الراهنة لميزان القوى بين الطرفين، مع الإبقاء أيضاً على وضعها الدبلوماسي باعتبارها "وسيط سلام" بين الطرفين، وهي الحالة التي يبتغي الرئيس دونالد ترامب تصوير إدارته وعهدته بها.

خيبة أمل أوكرانية

وأصيبت أوكرانيا بخيبة أمل كبيرة بعد رفض واشنطن تسليم صواريخ "توماهوك"، حيث كانت تعوّل عليها لتغيير مشهد الحرب، ونقل الحرب إلى قلب روسيا.

ووفق مصادر أوكرانية مطلعة، فإن كييف بنت استراتيجيات عسكرية هجومية على فرضية حصولها على "توماهوك"، تقوم على استهداف المنشآت الحيوية العسكرية منها والطاقية الروسية، والواقعة خلف خطوط الدّفاع.

وتتمثل الخطط الاستراتيجية الأوكرانية في استهداف مراكز القيادة ومستودعات الذخيرة والبنى التحتية العسكرية الحساسة ومصانع إنتاج الطائرات المسيرة وقاعدة "إنجلز" الجوية. 

وتعبّر هذه الخطط عن قناعة عسكرية أوكرانية راسخة بأن الأسلحة المتوفرة لديها، لا يمكنها كسر موازين القوى، ولا يمكنها إلحاق الضرر الفعلي بروسيا التي أعلنت التعبئة في صلب منظومة التصنيع العسكري وأصبحت تنتج كل أنواع الأسلحة والصواريخ والمعدات القتالية بوتيرة عالية.

ميزات عسكرية

وأفادت مصادر عسكرية مطلعة، بأن ميزة صاروخ "توماهوك" تتشكل في قدرته على التحليق بسرعة 500 ميل في الساعة وعلى ارتفاع منخفض لا يتجاوز 15 مترا ما يمكنه من التخفي عن الرادارات بفضل تضاريس الأرض والعوائق الطبيعية ليصبح عمليا هدفا شبه مستحيل الرصد.

وأوضحت المصادر أن دخول صاروخ "توهاموك" في مشهد الصراع نقلة في موازينها العسكرية، يعود لسببين اثنين، الأول يتمثل في قدرته على الوصول وبكل سهولة لأهداف بعيدة تصل حدود 2000 كيلومتر وبشكل يصعب رصده كما سبق تفسيره.

أما السبب الثاني ويتمثل في يُسر إطلاقه حيث تمكنت واشنطن من تطوير نظام إطلاق أرضي متنقل يتكوّن من أربعة صواريخ داخل حاوية شحن بطول 40 قدما، الأمر الذي يجعل الصاروخ قابلا للنقل والإطلاق من أي مكان.

وأضافت المصادر أنه بهذه الطريقة تتجاوز أوكرانيا منظومة الدفاع الجوي الروسي القائمة على تتبع قواعد الإطلاق الجوية ورصدها واستهدافها في سرعة قياسية، وتتمكن أيضاً من ضرب العُمق الروسي الذي لم يلحق به أي ضرر حقيقي منذ اندلاع الحرب، باستثناء بعض الصواريخ القليلة التي طالت العاصمة الروسية موسكو.  

وتؤكد الجهات العسكرية الأمريكية أن واشنطن التي تمكنت من تحويل "توماهوك" من سلاح بحري تقليدي إلى منصة برية متنقلة، والتي تدرك تمام الإدراك قيمة هذه النوعية من السلاح الخفيف وزناً العظيم تأثيراً، والأبعد مسافة؛ إذ إنه قادر على تغيير موازين القوى، ولهذا الأمر فضلت إبقاءه في مخازن الجيش الأمريكي، إلى إشعار آخر.

قدرات "توماهوك"

وفي الوقت الذي يسلم فيه الخبراء العسكريون بأهمية صواريخ "توماهوك" في تغيير مسار الحرب، إلا أن المصادر العسكرية الروسية قللت من قدرتها على إحداث نقلة كبيرة في مشهد الحرب القائم.

وتعزو هذه الجهات موقفها هذا إلى 3 اعتبارات أساسية، أوّلها أنّ حجم التأثير مرتبط بالكمّ الهائل للصواريخ، ولا يمكن لعشرات أو لمئات الصواريخ من إحداث التغيير في ميزان القوى هذا إن وقع التسليم بقدرتها على ضرب الأهداف أصلا.

ثانيها متعلق، بوجود "الرديف الموازي الصاروخي" لدى الترسانة العسكرية الروسية، والمتمثل في صاروخ "كاليبر"، وهو صاروخ تُشير الجهات العسكرية الروسية إلى تفوقه على "توماهوك" من حيث المسافة والسرعة والدقة، هذا دون تجاوز معطى تطور الدفاعات الصاروخية الروسية خلال الفترة الأخيرة، وتقدم وتحسن منظومة الرصد لديها بشكل يجعلها قادرة على التقليل من نجاعة صاروخ "توماهوك".

ثالثها مرتبط بحقيقة الميدان، حيث إنّ صاروخ "توماهوك" وقع اختباره في الميدان السوري، وتمكنت الدفاعات السورية الروسية في أبريل 2018، من رصده وتفكيك شفرته ومعرفة مساره وضربه، وهو الأمر الذي عُدَّ في الحادثة المعروفة إعلاميا "بالضربة الثلاثية لسوريا"، بالتفوق الروسي الهائل على المنظومة الصاروخية الأمريكية. 

أخبار ذات علاقة

فلاديمير بوتين

"التايمز": بوتين يتفوّق مجدداً على زيلينسكي بسياسة "التوماهوك"

البدائل الأمريكية

وفي كلّ الحالات، فإنّ رفض واشنطن لتسليم توماهوك لأوكرانيا، لا يعني أبدا عدم انخراطها في تسليح كييف، أو تراجعا عن مسار دعمها العسكري والاستخباراتي في حربها ضدّ روسيا، حتى وإن كان هذا التسليح مسيّجًا بخطوط استراتيجية محددة.

وتؤكد التقديرات العسكرية والسياسية الأمريكية أنّ رفض التسليم قد يكون ورقة سياسية رابحة في يد الرئيس دونالد ترامب في اجتماع "بودابست" المقبل الذي سيجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي على أساسه قد تبنى سيناريوهات جديدة.

وإلى حين تشكّل موقف أمريكي نهائي من التسليم من عدمه، فإنّ واشنطن تطرح بدائل عسكرية واستراتيجية واستخباراتية مهمة لدعم أوكرانيا بها.

وتشير المصادر السياسية والعسكرية الأمريكية إلى إمكانية تزويد واشنطن لأوكرانيا بأنظمة دفاع جوي من طراز "باتريوت"، وهي الأنظمة الدفاعية التي سبق لكييف أن تحصلت على البعض منها من إسرائيل وأخرى من أمريكا ذاتها وثالثة من دول أوروبية، ولكنها لا تزال في أمسّ الحاجة للبعض الآخر منها، خاصة مع شدّة وضراوة الضربات العسكرية الروسية للأهداف والمنشآت الأوكرانية في المناطق والإقليم الاستراتيجية.

وتكشف المصادر ذاتها عن عدم ممانعة إدارة ترامب في تزويد كييف بصواريخ "باراكودا" وصواريخ أخرى أمريكيّة محلية الصنع يبلغ مداها حوالي 804 كيلومترات وهي صواريخ تتمتع بقدرة الوصول إلى العمق الروسي واستهداف العاصمة الروسية موسكو ومدنا استراتيجية أخرى على غرار سانت بطرسبوغ، مع ضرورة التسليم بأنها لا تتمتع بذات النجاعة والقوة التدميرية لصاروخ "توماهوك".  

وأكدّت التقارير أنّه في حال ما تمّ إقرار هذه الخطوة – التي لا تزال محل تدارس وتطارح- فستكون ضوءا أخضر أمريكيّا غير مسبوق لاستهداف العمق الروسي وبالتالي اختراق الخطوط الحمراء في الصراع.

أمّا البديل الأخير، فيتمثل في المعلومات الاستخباراتية الثمينة التي وافقت واشنطن على تزويد أوكرانيا بها، لتوجيه ضربات بأسلحة بعدية المدى إلى البنية التحتية للطاقة الروسية.

وأشارت مصادر إعلامية أمريكية إلى أنّ ترامب وقع مؤخرا تفويضا لأجهزة الاستخبارات والبنتاغون لمساعدة كييف في توجيه الضربات، كما دعا دول حلف الناتو إلى تقديم دعم مماثل".

وتطمح واشنطن من خلال هذه الخطوة إلى شلّ المقدرات الطاقية الروسية من الغاز الطبيعي والنفط، وإحكام الطوق الاقتصادي على موسكو، إذ باتت إيرادات الغاز الطبيعي والنفط الموارد الرئيسة للاقتصاد الروسي الذي يعاني الأمرين جراء العقوبات الاقتصادية الغربية.

وعلى الرغم من الأهمية العسكرية والاستخبارتية لهذه البدائل إلا أنها تبقى دون المأمول لأوكرانيا، والتي تعتبر انّ الترسانة العسكرية المتوفرة لديها، قادرة على تأخير الهزيمة الكاملة ولكنّها عاجزة عن جلب الانتصار الواضح.

أخبار ذات علاقة

ترامب وبوتين

من التصعيد إلى التوازن الحذر.. أزمة "توماهوك" تعيد رسم علاقات موسكو وواشنطن

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC