logo
العالم

منطقة "حروب غير مقصودة".. كيف تحوّل مضيق تايوان إلى أخطر بؤرة صراع عالمي؟

جنود يحملون ألغامًا بحرية خلال مناورة عسكرية في تايوانالمصدر: فورين أفيرز

مع تصاعد التوتر في مضيق تايوان، لا يكمن الخطر الأكبر في غزو  صيني متعمد للجزيرة، بل في إمكانية اندلاع حرب عرضية نتيجة حادث بسيط أو سوء تقدير، قد يجر العالم كله إلى مواجهة لا يريدها أحد.

وبحسب "فورين أفيرز"، فإن القرب الجغرافي بين القوات الصينية والتايوانية يجعل أي تصادم محتملًا سريعًا ومفاجئًا، كما أن الطائرات والسفن  الصينية تقترب أكثر فأكثر من جزيرة تايوان، وتختبر حدود الرد العسكري للجزيرة، لدرجة أنه في يناير وحده، عبرت الطائرات الصينية خط الوسط للمضيق 248 مرة، مقارنة بـ72 مرة في يناير 2024، وفي إبريل، اقتربت إحدى الطائرات الصينية لمسافة 5 دقائق فقط من وسط مدينة تايبيه، كما دخلت السفن الصينية منطقة بحرية متاخمة لتايوان لأول مرة خلال مناورات بحرية، في خطوةٍ تزيد احتمال تصادم غير مقصود.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ترامب: غزو الصين لتايوان سيكون "حدثا كارثيا"

 ويحذّر المراقبون من أن مثل هذه المناورات، رغم أنها تهدف إلى الضغط النفسي على الحكومة التايوانية، فإنها تحمل خطورة الوقوع في حربٍ غير مقصودة، خاصة إذا فقد الأفراد السيطرة على مواقفهم أو ارتكبوا أخطاء فردية؛ فالتجارب السابقة تعلمنا دروسًا قاسية: في العام 2001، أدى تصادم بين مقاتلة صينية وطائرة استطلاع أمريكية إلى وفاة الطيار الصيني واحتجاز طاقم الطائرة الأمريكية 10 أيام، رغم أن الحادث كان غير مقصود.

حتى لو كان الحادث بسيطًا، فإن الزعماء على جانبي المضيق قد يجدون صعوبة كبيرةً في التراجع عن المواجهة إذا حدثت؛ فالصين، بقيادة الحزب الشيوعي، لا يمكنها أن تظهر ضعيفةً أمام تايوان أو المجتمع الصيني، وتايوان، بدورها، تُواجه ضغوطًا سياسية داخلية للحفاظ على موقفها القوي تجاه الاستقلال، ولذلك فإن أي تراجع من أحد الطرفين سيُنظر إليه على أنه ضعف؛ ما قد يشعل احتجاجات محلية ويزيد من عزيمة الانفصاليين، مما يرفع احتمالية التصعيد بشكل غير متوقع.

أخبار ذات علاقة

سفينة تابعة لخفر السواحل التايواني تمر عبر ساحل الصين، في المياه قبالة جزيرة نانجان في أرخبيل ماتسو في تايوان

أمام شبح "الغزو الصيني".. واشنطن تواجه خيارات صعبة في أزمة تايوان

 وجاء في السياق أن لمثل هذه الحوادث الصغيرة سوابق تاريخية كبيرة؛ فاندلاع الحرب العالمية الأولى، العام 1914، بدأ باغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند على يد قومي صربي، ليكون مثالًا صارخًا على حرب الصدفة، ودفعت المطالب الانتقامية للإمبراطورية النمساوية المجرية ضد صربيا، روسيا، حليفة صربيا، إلى تعبئة قواتها؛ ما دفع ألمانيا كذلك إلى حشد جيوشها ضد روسيا، فيما انضمت إنجلترا، حليفة روسيا، إلى المواجهة، وفي غضون شهر واحد، تحوّل عمل عنف فردي إلى صراع عالمي غطّى الكرة الأرضية بأسرها.

التدخل الأمريكي يزيد من المخاطر

ويرى الخبراء أن الوجود الأمريكي في المعادلة يُعقد الأمور أكثر؛ ففي حال وقوع حادث، قد تُفسِّر واشنطن الأحداث على أنها تصرُّف عدائي متعمد؛ ما يدفعها للتدخُّل العسكري بسرعة، حتى قبل التأكد من نية الصين، كما أن سياسة الغموض الإستراتيجي التي تتبعها واشنطن توفر مساحة للرد المرن، لكنها لا تمنع التصعيد المفاجئ إذا لم تُدر الأمور بحذر.

وبحسب صادر مطّلعة، فإن الدرس المستفاد واضح؛ إذ لتجنب كارثة عرضية، تحتاج الصين وتايوان إلى قنوات اتصال سرية وموثوقة لمناقشة أية أزمة محتملة، ويجب على القيادة الصينية توجيه قواتها لتجنب المغامرات الفردية الخطرة، كما يجب على تايوان أن تتوخى الحذر في قواعد الاشتباك، وألا تفترض كلّ تحرك صيني على أنه استفزاز متعمد.

في النهاية، حتى أفضل التدابير قد لا تمنع وقوع حادث، لكن التحضير والتنسيق يمكن أن يمنعا التصعيد من الانزلاق إلى حرب كاملة؛ فالتاريخ يعلمنا أن الحوادث الصغيرة أحيانًا تصبح شرارة صراعات عالمية، ومضيق تايوان، اليوم، على حافة مثل هذا الاحتمال؛ الأمر الذي ينذر بكارثة لا تحمد عقباها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC