رأى محللون سياسيون أن الانتقادات وتغير المواقف بين رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو ووزير داخليته برونو ريتايو حول الحجاب تعكس الانقسامات داخل الحكومة.
وفي خضم الجدل المستمر حول قضايا الهوية والحريات الشخصية في فرنسا، ظهر موضوع الحجاب مجددًا ليشعل النقاش السياسي.
وهذه المرة، جاء الرد من رئيس الحكومة فرانسوا بايرو، الذي دعا الوزراء إلى الالتزام بـ"قواعد السلوك الجيد"، مطالبًا بوضوح التمييز بين المواقف الشخصية والتصريحات الرسمية.
هذه الدعوة لم تمر دون ملاحظات، خصوصًا أنها جاءت بعد تصريحات مثيرة للجدل من وزير الداخلية برونو ريتايو.
وخلال اجتماع عُقد في قصر ماتينيون، طلب رئيس الحكومة فرانسوا بايرو من الوزراء توضيح مواقفهم في أثناء المقابلات الإعلامية، وتأكيد ما إذا كانت هذه المواقف تعكس آراء شخصية أو سياسات حكومية.
ووفقًا لمصادر مطلعة، كان الهدف من هذا التوجيه هو الحد من الالتباس وحماية صورة الحكومة.
في المقابل، أكد مقربون من وزارة الداخلية أن ريتايو قد التزم هذا المبدأ بالفعل.
وقال الخبير السياسي الفرنسي جون إيف كامو، إن "موقف فرانسوا بايرو يعكس محاولة واضحة للحفاظ على توازن سياسي داخل الحكومة، خاصة مع قرب التصويت على بيان السياسة العامة".
وأضاف كامو لـ"إرم نيوز"، أن "بايرو يعتمد أسلوبًا دبلوماسيًا لإدارة التوتر بين الوزراء، خاصة في موضوع حساس مثل الحجاب الذي يثير انقسامًا في الأوساط السياسية والشعبية الفرنسية".
واعتبر أن دعوة الوزراء للتمييز بين مواقفهم الشخصية والرسمية "تهدف إلى تجنب الإساءة لصورة الحكومة، التي تحتاج إلى وحدة الخطاب في هذه المرحلة الحرجة. ومع ذلك، فإن تصريحاته تحمل بُعدًا سياسيًا أعمق، إذ يسعى لتعزيز صورته كرئيس حكومة قادر على إدارة الأزمات بحكمة واعتدال".
من جهته، قال لوران دوبريه من مركز الدراسات الاستراتيجية والاجتماعية في فرنسا، إن "تعليقات بايرو تُبرز محاولته الحد من التأثيرات السلبية التي قد تترتب على تصريحات برونو ريتايو بشأن الحجاب".
وأضاف دوبريه لـ"إرم نيوز"، أن "تصريحات بايرو تأتي في وقت حساس يتطلب ضبط النفس في التعامل مع القضايا الشائكة مثل الحجاب".
واعتبر أن "موقفه يعكس استراتيجية تهدف إلى تفادي الانقسامات الداخلية التي قد تؤثر في مسار المفاوضات مع البرلمان حول الموازنة والسياسات الاجتماعية".
ورأى دوبريه أنه "قد يُنظر إلى تعليقات بايرو على أنها انتقاد غير مباشر لريتايو، ما يثير تساؤلات حول مدى توافق الرؤية داخل الحكومة".
وحضر الاجتماع الوزراء الأربعة الكبار في الحكومة: وزيرة التعليم الوطني إليزابيث بورن، ووزير العدل جيرالد دارمانان، ووزير الداخلية برونو ريتايو، ووزير شؤون ما وراء البحار مانويل فالس.
كما حضر الاجتماع وزير الاقتصاد إريك لومبارد.
وتناول النقاش عدة ملفات حساسة، من بينها التقدم المحرز في إعداد الموازنة الجديدة لعام 2025، التي تُعد نقطة خلافية في ظل مفاوضات مكثفة مع الأحزاب السياسية.
كما تم التطرق إلى الوضع في جزيرة مايوت، التي لا تزال تعاني آثار إعصار تشيدو بعد مرور 3 أسابيع على الكارثة.
وتُظهر تصريحات فرانسوا بايرو توجهًا حازمًا للحفاظ على وحدة الخطاب الحكومي، في وقت يزداد فيه الضغط السياسي والاجتماعي.
