مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تشهد فنزويلا حالة من التوتر المتصاعد نتيجة التحركات العسكرية الأمريكية قبالة سواحلها، وهو ما أثار مخاوف من احتمال وقوع غزو مباشر.
وأشارت صحيفة "يوراسيان تايمز" إلى أنه في ظل هذه الأجواء المشحونة، أعلن الرئيس نيكولاس مادورو عن مناورات طارئة للاستعداد للكوارث والصراعات، بينما تتزايد تعبئة الميليشيات المدنية والانخراط الشعبي في الاستعدادات الدفاعية.
ويعود أصل الأزمة إلى سلسلة من التحركات الأمريكية التي شملت إرسال ثماني سفن حربية وغواصة نووية إلى جنوب البحر الكاريبي، بذريعة مواجهة تهريب المخدرات.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أغرقت القوات الأمريكية ثلاثة قوارب يُشتبه في أنها كانت تُستخدم لتهريب المخدرات؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصًا.
هذه العمليات وُصفت من قِبل خبراء في الأمم المتحدة بأنها "إعدامات خارج نطاق القضاء".
بالتوازي، تسربت تقارير إعلامية أمريكية تفيد بأن وزارة الدفاع تدرس خيارات لشن ضربات داخل الأراضي الفنزويلية ضد تجار المخدرات، رغم عدم توقيع الرئيس دونالد ترامب على أي قرار بهذا الشأن حتى الآن.
من جانبه، يرى مادورو في هذه التحركات مؤشرًا على مسعى أمريكي للإطاحة بنظامه تحت غطاء مكافحة المخدرات.
في مواجهة هذه التطورات، دعا مادورو آلاف المواطنين للانضمام إلى ميليشيات مدنية، استجابةً لخطابه حول "التهديد الأمريكي".
وبالفعل، شارك العديد في تدريبات على استخدام السلاح داخل الثكنات العسكرية والأحياء؛ كما أعلن الرئيس عن مناورات لاختبار استعداد الشعب لمواجهة الكوارث الطبيعية أو أي صراع مسلح محتمل؛ حيث شملت المناورات المدارس والمستشفيات، في إشارة إلى شمولية التعبئة المجتمعية.
وظهر مادورو على شاشة التلفزيون حاملًا ملفًّا يتضمن مشروع مرسوم لإعلان حالة "اضطراب خارجي" يمنح الحكومة سلطات طوارئ واسعة، بينها تجاوز البرلمان، وتعليق بعض الضمانات الدستورية، ونشر الجيش في مختلف أنحاء البلاد؛ ورغم أنه لم يصدر القرار بعد، فإنه أكد أن بلاده تتهيأ "لكل السيناريوهات".
لم يقتصر الرد الفنزويلي على الوجود الأمريكي على الداخل؛ ففي الـ18 من سبتمبر/أيلول، أطلقت كراكاس مناورات عسكرية واسعة باسم "الكاريبي السيادي 200" بجزيرة لا أورشيلا.
وأعلن وزير الدفاع فلاديمير بادرينو حينها أن الهدف من المناورات هو الرد المباشر على الانتشار العسكري الأمريكي.
وشملت الخطوات الفنزويلية نشر مقاتلات سو-30 إم كيه 2 الروسية الصنع، المزودة بصواريخ مضادة للسفن، كرسالة ردع واضحة.
في المقابل، عززت الولايات المتحدة وجودها البحري والجوي في المنطقة بثلاث مدمرات من فئة "أرلي بيرك"، والطراد "ليك إيري"، وسفينة هجومية برمائية، إضافة إلى مقاتلات شبح "إف-35 بي" وطائرات "إم كيو-9 ريبر" المسيرة في بورتوريكو.
تبرر واشنطن هذا التصعيد بضرورة "تجفيف منابع المخدرات"، وتتهم مادورو بإدارة "كارتل الشمس"، واعتباره أحد أبرز تجار المخدرات في العالم، بما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي.
بالتوازي مع التصعيد العسكري، تحركت فنزويلا على الصعيد الدبلوماسي، إذ دعا وزير الخارجية إيفان جيل بينتو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى التضامن الدولي ضد "العدوان الأمريكي".
وأكد أن واشنطن "تختلق ذرائع" لتبرير عمل عسكري، متهمًّا إياها بالسعي لشن "حرب وحشية" بتكاليف هائلة.
كما شكر وزير الخارجية الفنزويلي الدول التي أبدت دعمها، بما في ذلك أصوات داخل الولايات المتحدة نفسها، وأكد أن بلاده ترفض المحاولات الأمريكية لفرض عزلة عليها.
في المقابل، تجاهلت إدارة ترامب دعوة مادورو للحوار، وأكدت مجددًا عدم الاعتراف بشرعيته بعد الانتخابات التي وُصفت بأنها شابتها "مخالفات واسعة".
اللافت أن مادورو لم يحضر اجتماعات الأمم المتحدة هذا العام، في خروج عن تقليد اعتاد عليه هو وسلفه الراحل هوغو تشافيز؛ أما واشنطن، فواصلت عبر مسؤوليها، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو، وصف مادورو بـ"الهارب من العدالة".
ويتسم المشهد الفنزويلي اليوم بترابط وثيق بين التهديدات الخارجية والأوضاع الداخلية المتردية.
فمن جهة، تواجه كراكاس ضغوطًا عسكرية غير مسبوقة على حدودها البحرية والجوية، ومن جهة أخرى، تعمل الحكومة على تعبئة المجتمع لردع أي تدخل محتمل.
ومع استمرار واشنطن في اتهام مادورو وقيادته بالتورط في تجارة المخدرات، تتعزز المخاوف من انزلاق الأزمة إلى مواجهة مباشرة قد تهدد استقرار المنطقة بأسرها.