احتفلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) في 28 مايو/أيار بمرور نصف قرن على تأسيسها، لكن الذكرى الخمسين جاءت هذه المرة وسط واحدة من أخطر أزماتها منذ الولادة عام 1975.
فانسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشكيلهم تحالف دول الساحل أعاد طرح سؤال محوري: هل يمكن للإيكواس استعادة موطئ قدمها وإعادة تعريف دورها الإقليمي؟
جاء انسحاب الدول الثلاث متزامنًا مع توقيعها في يوليو/تموز 2024 على معاهدة تأسيس منطقة الساحل والصحراء، ثم حظي انفصالها باعتراف رسمي من إيكواس في يناير 2025، بحسب "within nigeria".
ولم يؤدِّ ذلك إلى اقتطاع أراضٍ وسكان فحسب، بل زعزع أيضًا التوافق حول أهداف المنظمة وحدودها، فيما عجزت التحذيرات من "تفكك" محتمل عن كبح المسار، لتتحول الأزمة إلى مرآة أوسع لتحولات الأمن والسياسة في منطقة الساحل.
في تحليله لـ، تشاتام هاوس، اعتبر بول ميلي أن قرارات الانسحاب تعبّر عن صدام بين مقاربات إيكواس للانقلابات وبين الديناميكيات الوطنية، بينما رأى رومان ديدبيرج أن العقوبات والتهديدات الصادرة عن الكتلة قوّت مواقف الأنظمة العسكرية بدلًا من دفعها للحوار.
تعاني المنظمة من ثغرتين مترابطتين: غياب الاتساق في تطبيق المعايير الديمقراطية، والإفراط في فرض العقوبات التي أضرّت بالمواطنين أكثر من النخب.
ويشير جيل يابي، رئيس مركز أبحاث WATHI، إلى أن هذا الانسحاب وجّه “ضربة للتكامل الإقليمي”، مهددًا التجارة وحركة التنقل والروابط الأمنية.
يبقى الأمن أولوية قصوى، فالإيكواس تأسست جزئيًّا للتصدي للتحديات الجهادية، غير أن قدرتها على دعم الدول الهشة ظلت محدودة. ويرى روتيمي أولاوالي من منظمة YouthHubAfrica، أن أي دولة بمفردها عاجزة عن حماية حدودها ما لم يتوافر تعاون إقليمي فعّال.
رغم الأزمة، ما تزال الكتلة ركيزة أساسية للدول الاثنتي عشرة المتبقية – من السنغال والرأس الأخضر إلى نيجيريا وغانا – بفضل نظام السفر من دون تأشيرة، والتجارة البينية، والتنسيق الجماعي في ملفات الطاقة والديون والسياسة الرقمية.
وحتى دول مجموعة العشرين تبقى مرتبطة اقتصاديًّا بأسواق الإيكواس، رغم مساعي الساحل لتأسيس عملات وبنوك استثمارية جديدة.
ويشدد المحللون على أن على المنظمة استعادة شرعية ترتكز على المواطنين لا على النخب وحدها، عبر تحقيق نتائج ملموسة مثل تسريع الإجراءات الجمركية، وخفض كلفة التجوال، وتوحيد أنظمة الدفع.
كما توصي الدراسات بإصلاحات هيكلية تشمل فصل مسارات الأمن والديمقراطية، ووضع نظام امتثال متعدد المستويات، وتعزيز أشكال التكامل اليومية التي يلمسها الأفراد.
ترى مجموعة الأزمات الدولية أن فصل الملفات السياسية عن الأمن يمكن أن يسهل التعاون الإقليمي مع الحفاظ على الضغط من أجل العودة للحكم الدستوري، بينما يحذر إيبينيزر أوباداري من مجلس العلاقات الخارجية من استغلال القوى الخارجية، خصوصًا موسكو، لانقسامات غرب أفريقيا، مما يزيد من إلحاح استعادة وحدة المنظمة.
وإذا نجحت الإيكواس في تنفيذ إصلاحات ملموسة خلال عام 2025، ولا سيما خلال "قمتها المستقبلية"، فقد تبدأ عملية إعادة التكامل تدريجيًّا، بينما سيُعتبر فشل التكيف مع المتغيرات انسحاب تحالف الساحل والصحراء مؤشرًا واضحًا على هشاشة مشروع التكامل في غرب أفريقيا.