اليونيفل في لبنان: هذا الهجوم من أخطر الهجمات على أفرادنا وممتلكاتها منذ اتفاق نوفمبر
تُواجه القيادة الإيرانية خياراتٍ وجوديةً بين تصعيد التحدّي واستئناف الدبلوماسية، بعد الضربات العسكرية الأمريكية-الإسرائيلية الأخيرة التي ألحقَت أضرارًا بالغةً ببنيتها التحتية النووية.
يأتي ذلك في وقتٍ تقف فيه النخبة الحاكمة في «طهران»، بعد إضعافها عسكريًا ودبلوماسيًا، عند مفترق طرق؛ إمَّا الاستمرار في التخصيب النووي والمخاطرة بمزيدٍ من الضربات المدمرة، أو العودة إلى المفاوضات والمخاطرة بانقساماتٍ داخلية بين المتشدِّدين والإصلاحيين.
ويرى مراقبون أن الصراع الذي اندلع بعد أن استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف الأمريكي في يونيو 2025 ثلاث منشآتٍ نووية إيرانية محصَّنة تحت الأرض، أدَّى إلى سجالٍ محفوفٍ بالمخاطر استمرّ 12 يومًا، كلَّف «طهران» قادةً كبار في الحرس الثوري وعلماء نوويين، وأعلنَت كلٌّ من إيران وخصومها، إسرائيل والولايات المتحدة، النصر، ومع ذلك، سُرعان ما تكشَّفت نقاط ضعف إيران العسكرية أمام قوة الضربات، واهتزّت سمعتها الرادعة كعدوٍ إقليمي رئيسي لإسرائيل.
معضلة القيادة
قال المراقبون إن قيادة الجمهورية الإسلامية باتت تعطي الأولوية لبقاء النظام على الأهداف الأيديولوجية أو السياسية طويلة المدى.
وبينما ينتقد المتشدِّدون المحادثات مع «واشنطن» باعتبارها «فخًّا استراتيجيًا»، تُشير رواياتٌ من داخل أروقة السلطة إلى أن آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى، وقادة كبار على رأس الهرم الديني، قد توصَّلوا إلى توافقٍ في الآراء بشأن استئناف المفاوضات النووية باعتبارها ضروريةً لبقاء الأمة.
من جهته، دافَع الرئيس مسعود بزشكيان عن العودة إلى مسار التفاوض؛ مجادلًا بأنه لا يعني الاستسلام، وتحدَّى المتشدِّدين لتقديم بديلٍ للصراع المُستعر، موجِّهًا عاصفً ساخنةً من الحوارات، مع ذلك، يبقى القرار النهائي بيد «خامنئي» وكبار رجال الدين، الذين يبدو أنهم يميلون بشكلٍ متزايد نحو الحوار.
الضغوط والمخاطر الخارجية
وبحسب تقارير إخبارية، حذَّرت كلٌّ من «واشنطن» و«تل أبيب» من مغبَّة أن تستأنف «طهران» أنشطتها النووية وخصوصًا تخصيب اليورانيوم؛ إذ أنهما لن تتردَّدا في استئناف ضرباتهما العسكرية.
بدورها، وبحسب مُراقبين، هدَّدت إيران بالانسحاب من «معاهدة حظر الانتشار النووي»؛ ما أثار شبح ردّ فعلٍ عنيفٍ، لكن مصادر مطلعةً أشارت إلى أن هذه التهديدات الأمريكية-الإسرائيلية لا تعدو كونها حيلةً تهدف إلى حدٍّ كبير للضغط على إيران، وليست سياسةً جادة.
تُهدِّد الدول الأوروبية بفرض عقوباتٍ سريعة إذا قاومت «طهران» الدبلوماسية، أو لم تحدَّ رسميًا من طموحاتها النووية.
الوضع الداخلي والمشاعر العامة
بحسب وكالة «رويترز» يُواجه الشعب الإيراني «إرهاقًا حربيًا» مستمرًا، وتدهورًا اقتصاديًا، وانقطاعاتٍ يوميةً للتيار الكهربائي، وأزمات مياه. كما يتزايد الإحباط الشعبي من سوء الإدارة والعقوبات، على الرغم من أن الاحتجاجات واسعة النطاق لم تظهر بعد، وأفاد مُرقبون أن السلطات في إيران بدأت عمليات قمعٍ واسعة النطاق، وشنَّت حملةً على الشبكات المشتبه في صلتها بإسرائيل، ليخرج المعتدلون إلى الظهور بحذرٍ في وسائل الإعلام، مشيرين إلى إصلاحاتٍ مُحكمة محتملة تهدف إلى تخفيف القلق العام - وليس تغيير النظام.
ويُحذِّر محلِّلون من أن أيَّ تحركٍ سريعٍ من جانب إيران لاستعادة قدراتها النووية، دون ضماناتٍ دبلوماسية، سيُؤدِّي على الأرجح إلى توجيه ضرباتٍ أمريكية-إسرائيلية جديدة، وقد يمنح الدخول في مفاوضات، إيران مهلةً ضروريةً وانفراجًا اقتصاديًا، إذا قوبل بالمثل من جانب الولايات المتحدة. وإلاَّ، فإن الحكومة تُخاطر بردّ فعلٍ داخلي عنيف وانقساماتٍ أعمق في صفوف النخبة.
تبقى نقاط الخلاف الرئيسية هي حقُّ إيران في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، مقابل المطالب الغربية بوقفٍ كاملٍ للتخصيب وآليات تحقُّقٍ صارمة. وباختصار، يحتاج حكام إيران لعملية موازنةٍ دقيقةٍ بين مخاطر التصعيد المُتحدي - الذي قد يكون كارثيًا على أمن النظام - والانخراط في مفاوضاتٍ تحمل في طياتها مخاطر سياسيةً داخليةً. قد يُحدِّد قرار القيادة في الأسابيع المقبلة مسار البلاد واستقرار المنطقة ككل.