دعا شركاء الولايات المتحدة التجاريون الأساسيون إلى الحوار، الخميس، غداة الهجوم التجاري الضخم الذي شنه الرئيس دونالد ترامب وأدى إلى انخفاض البورصات العالمية وإثارة مخاوف من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي.
وأشارت "فرانس برس" إلى أن بورصة وول ستريت أغلقت على تراجع حاد، وتكبّد مؤشر إس آند بي 500 أكبر خسارة له منذ حزيران/يونيو 2020 متراجعا بنسبة 4,84 بالمئة. وأغلق مؤشر داو جونز منخفضا بنسبة 3,98 بالمئة بينما هوى مؤشر ناسداك بنسبة 5,97 بالمئة.
كذلك، تراجعت سواق الأسهم الأوروبية، إذ انخفضت بورصة فرانكفورت بنسبة 2,27%، وباريس بنسبة 2,69%، ولندن بنسبة 1,54%.
وفي مؤشر إلى المخاوف بشأن تباطؤ اقتصادي آتٍ، أغلقت أسعار النفط على تراجعات حادّة الخميس، إذ هوى سعر خام برنت بحر الشمال تسليم حزيران/يونيو بنسبة 6.42% مستقرا عند 70.14 دولارا للبرميل.
بدوره، هوى نظيره الأميركي، خام غرب تكساس الوسيط، تسليم أيار/مايو، بنسبة 6,64% ليصل إلى 66,95 دولارا للبرميل.
ورغم ذلك فإن الرئيس الأمريكي شدّد الخميس على أنّ الأسهم "ستزدهر" وكذلك الاقتصاد الأمريكي.
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الشركات الفرنسية العاملة في الولايات المتحدة إلى تعليق جميع مشاريع الاستثمار هناك حتى يتم "توضيح" إعلان نظيره الأمريكي بشأن زيادة هائلة في الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي.
أما رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني فشدّدت على أنّ الهدف بالنسبة للرسوم الجمركية ينبغي أن يكون "إلغاءها وليس زيادتها".
وحذّرت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ كانون الثاني/يناير، قد تقلّص تجارة البضائع حول العالم بنسبة واحد بالمئة هذا العام.
في الأثناء، أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن "كل الإجراءات المناسبة" ستتّخذ "للدفاع عن الشركات والعمّال".
من جهتها، أعلنت كندا أنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة على بعض السيارات المستوردة من الولايات المتحدة ردا على تعرفات ترامب التي دخلت حيّز التنفيذ، الخميس.
أما ليسوتو، المملكة الواقعة في جنوب أفريقيا، فأعلنت أنها سترسل وفدا حكوميا إلى الولايات المتحدة "على وجه السرعة" بعد أن فرض ترامب عليها رسوما جمركية بنسبة 50 بالمئة.
وكانت بكين قالت الخميس، إنها "تحافظ على التواصل" مع واشنطن بشأن التجارة والاقتصاد، وحضّت واشنطن على "إلغاء" رسومها الجمركية العقابية فورا وتعهدت الرد.
وأبقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس الباب مفتوحا أمام الحوار مع الإدارة الأمريكية، معتبرة أنه يمكن إيجاد حل تفاوضي ومؤكدة في الوقت نفسه أن الأوروبيين "مستعدون للرد".
وأعربت برلين عن دعمها الاتحاد الأوروبي في بحثه عن "حل تفاوضي" مع واشنطن.
وعند إعلانه التعرفات الجمركية، قال الرئيس الأمريكي: "تعرضت بلادنا للنهب والسلب والاغتصاب والتدمير من دول قريبة وبعيدة، حليفة وعدوة على السواء"، قبل أن يعرض لائحة بشركاء التجارة المعنيّين.
ويتضمن الهجوم الحمائي الذي يشنّه البيت الأبيض، وهو غير مسبوق منذ ثلاثينيات القرن العشرين، تعرفات جمركية بنسبة 10% حدا أدنى على كل الواردات، ونسبا أعلى على البلدان التي تعتبر معادية بشكل خاص في المسائل التجارية.
وبحسب المحللين في أكسفورد إيكونوميكس، فإن هذه الرسوم التي فرضها ترامب وعواقبها قد تؤدي إلى إبطاء النمو العالمي بشكل كبير إلى ما دون 2%.
وقال لاري سامرز، وزير الخزانة السابق في عهد الرئيس بيل كلينتون، عبر منصة إكس الخميس، إن "الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب هي الأكثر كلفة ومازوخية التي طبقتها الولايات المتحدة منذ عقود"، وقدر الخسارة بنحو 30 تريليون دولار بسبب الهبوط الحاد في وول ستريت قبل إعلانات ترامب وبعدها.
ورغم الدعوات إلى الحوار، انتقدت غالبية الدول ترامب بشدة.
وتعتقد الحكومة اليابانية أن حليفتها الولايات المتحدة ربما انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية واتفاقهما التجاري الثنائي.
واستنكرت أستراليا الإجراءات بحقها ووصفتها بأنها "ليست من تصرفات صديق"، بينما اعتبرت بنغلادش ثاني أكبر مصنع للملابس في العالم أنها توجه "ضربة قوية" لصناعتها.
وأعربت فرنسا التي تنظم اجتماعا لممثلي صناعاتها الأكثر تضررا الخميس، عن أسفها لـ"الصعوبة الهائلة" التي تواجهها أوروبا، وأبدت مثل برلين استعدادا لاستهداف شركات التكنولوجيا الأميركية في إطار استجابة أوروبية موحدة.
في إسبانيا، انتقد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز "العودة إلى حمائية القرن التاسع عشر"، معتبرا أنها "ليست طريقة ذكية لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين في عالم مترابط تماما".
وتهدف هذه الرسوم الإضافية أيضا إلى الرد على ما تُسمّى حواجز "غير جمركية" أمام السلع الأمريكية، مثل المعايير الصحية والبيئية.
وأعلن البيت الأبيض مساء الأربعاء، أن بعض السلع لن تتأثر: سبائك الذهب، والمنتجات الصيدلانية، وأشباه الموصلات، والنحاس، وأخشاب البناء، ومنتجات الطاقة والمعادن غير الموجودة على الأراضي الأمريكية.
لكن التعرفات لم تشمل روسيا وكوريا الشمالية، باعتبار أنهما لم تعودا شريكين تجاريين مهمين، وفق ما أفاد مسؤول أمريكي.
ولم تتأثر المملكة المتحدة إلا نسبيا بعد فرض رسوم عليها بنسبة 10 %، فيما تتفاوض مع واشنطن على اتفاقية تجارية ثنائية، لكن هذه العقوبات الأمريكية سيكون لها "تأثير" على الاقتصاد البريطاني، حسبما أكد رئيس الوزراء كير ستارمر الخميس.