زيلينسكي: مباحثات "غير سهلة" ولكن "مثمرة" مع الأمريكيين في برلين

logo
العالم

استخدام الأصول الروسية.. هل تتحول خطة بروكسل إلى شرارة مواجهة مع موسكو؟

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف قرب مقر الاتحاد في بروكسلالمصدر: (أ ف ب)

في الوقت الذي يبحث فيه الاتحاد الأوروبي عن أدوات ضغط جديدة لإبقاء دعم أوكرانيا قائمًا في معادلة باتت تُكلِّف بروكسل أكثر مما تحتمل، عاد ملف الأصول الروسية المجمّدة إلى الواجهة كأخطر ورقة سياسية واقتصادية منذ بداية الحرب.

وخلال الساعات الماضية، حذّر ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، من أن لجوء الاتحاد الأوروبي إلى استخدام الأصول الروسية المجمّدة لدعم أوكرانيا قد يُعتبر "فعلًا يبرّر الحرب".

وفي المقابل، تواصل المفوضية الأوروبية الدفاع عن خطتها، باعتبارها لا تمسّ بالملكية الروسية، بل تمنح أوكرانيا تمويلًا مبدئيًا لا يُسدَّد إلا إذا دفعت موسكو تعويضات بعد الحرب.

وقد اقترحت المفوضية "قرض التعويضات" الذي يعتمد على توظيف النقد المتولّد من أرصدة مؤسسات مالية أوروبية تحتفظ بالأصول الروسية المجمّدة، إلى جانب الاقتراض من الأسواق الدولية لتخفيف العبء عن الدول الأعضاء.

وبحسب المقترح، تخصّص بروكسل نحو 90 مليار يورو لهذا الجهد، أي ما يعادل ثلثي الفجوة التمويلية المقدّرة لأوكرانيا بين 2026 و2029، والبالغة 136.5 مليار دولار وفق صندوق النقد الدولي.

حتى الآن، اكتفت أوروبا باستخدام الأرباح الناتجة عن الأصول لدعم أوكرانيا، لكن خطوة توظيف أصل الأموال نفسها أثارت انقسامًا واضحًا داخل الاتحاد، خاصة أنّ بعض القادة يرونها أداة ضغط ضرورية لتغيير ميزان القوى، فيما يحذّر آخرون من مخاطر قانونية قد تجرّ أوروبا إلى نزاعات طويلة وتضرب سمعة النظام المالي الأوروبي.

وتشير تقارير أوروبية إلى أنّ مؤسسات مالية رئيسية أبدت تحفّظات خشية الطعن القانوني أو الانتقام الاقتصادي الروسي الذي قد يطال أموالًا أوروبية داخل روسيا، تفوق قيمتها الأصول الروسية المجمّدة في أوروبا.

ويرى الخبراء أن خطة بروكسل لاستخدام الأصول الروسية المجمّدة قد تتحوّل إلى "شرارة مواجهة" مع موسكو، إذ ترى أوروبا أنها أداة ضغط اقتصادية لتعزيز موقف كييف، فيما تعتبرها روسيا "عملًا عدائيًا" ومبررًا محتملًا للحرب، وفق تحذيرات رئيس مجلس الأمن الروسي.

واستبعد الخبراء تطوّر الأزمة إلى صدام عسكري مباشر، إلا أن هناك ترجيحات لتصعيد اقتصادي وقانوني متبادل، وسط مخاوف أوروبية من اهتزاز الثقة بالنظام المالي العالمي وتداعيات رد روسي مماثل في الحجم والتأثير.

في البداية، قال كامل حواش، الخبير في الشؤون الأوروبية، إن الدول الداعمة لأوكرانيا، خاصة الغربية منها، باتت تبحث عن أدوات متعددة للضغط على روسيا، لافتًا إلى أن العقوبات المفروضة على موسكو منذ اندلاع الحرب أصبحت "واسعة ومتشعّبة".

وكشف حواش في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن روسيا تسعى من جانبها لابتكار مسارات بديلة تُبقي تجارتها وقدراتها العسكرية في حالة تطوّر رغم تلك الضغوط.

وأشار إلى أن طرح الاتحاد الأوروبي لفكرة استخدام الأصول الروسية المجمّدة يقوم على توظيف عوائدها لتقديم دعم مالي كبير لأوكرانيا، بما يشبه – وفق تصور بروكسل – "قرض تعويضات" قد يقترب من 90 مليار يورو خلال عامين.

وأوضح أن الأوروبيين يرون في هذه الخطوة أداة ضغط اقتصادية وجيوسياسية لتعزيز موقع كييف في أي مفاوضات مستقبلية.

ولفت الخبير في الشؤون الأوروبية إلى أن رد موسكو كان "سريعًا وحادًا"، حيث وصفت الخطوة بأنها "سرقة"، معتبرة أن تلك الأصول ملك للدولة الروسية ولا يجوز استخدامها ضد مصالحها، محذّرة من أن استغلال هذه الأموال قد يعدّ "ذريعة لعدوان" ويمثل انزلاقًا نحو مواجهة مباشرة.

وأكد كامل حواش أن داخل أوروبا نفسها لا يوجد إجماع حول هذه الخطوة، موضحًا أن رئيس وزراء بلجيكا وصف الإجراء بأنه "معيب وغير قانوني"، ومحذّرًا من تأثيراته السلبية على سمعة النظام المالي الأوروبي، فضلًا عن مخاطر التعرّض لملاحقات روسية.

واستطرد قائلًا: "السؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كانت هذه الخطوة قد تتحوّل إلى شرارة مواجهة"، موضحًا أن هذا الاحتمال "غير مستبعد"، خاصة وأن التحذيرات الروسية جادّة.

وأشار الخبير في الشؤون الأوروبية إلى أن إدراج القرار رسميًا قد تعتبره موسكو "عملًا عدائيًا"، الأمر الذي يرفع مستوى التصعيد مع الدول الداعمة لأوكرانيا، ورغم ذلك فإن تطوّر الأزمة إلى مواجهة عسكرية مباشرة يبقى احتمالًا ضعيفًا.

وفي السياق ذاته، قال بسام البني، الخبير في الشؤون الروسية، إنه لا يعتقد أن مصادرة الأصول الروسية ستُنَفَّذ فعليًا، وإن حدثت فلن يكون هناك رد عسكري روسي، بل رد "مماثل في المستوى نفسه".

وأكد في تصريح لـ"إرم نيوز" أن روسيا لديها ما يوازي أو يفوق حجم الأموال الروسية المجمّدة في الغرب، ما يمنحها القدرة على اتخاذ خطوات مقابلة إذا لجأت أوروبا إلى هذا الخيار.

ولفت البني إلى أن الأموال الأوروبية داخل روسيا تعادل أو ربما تتجاوز قيمة الأصول الروسية في الدول الغربية، محذرًا من أن الإقدام على هذا الإجراء سيفقد أوروبا جزءًا من مصداقيتها، وسيعكس مؤشرًا واضحًا على دخولها أزمة اقتصادية وعدم قدرتها على تمويل الحرب في أوكرانيا إلا عبر إجراءات "استثنائية".

وأضاف الخبير في الشؤون الروسية أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تصعيد اقتصادي وقانوني متبادل، مع احتمال أن ترد موسكو بعقوبات أو إجراءات قانونية أعقد، وذلك في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات داخلية قد تعرقل تنفيذ خطته. 

أخبار ذات علاقة

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس

الاتحاد الأوروبي: واشنطن ما زالت "الحليف الأكبر" لنا

وأشار بسام البني إلى أن هذه الخطوة الأوروبية، إن تم تنفيذها أو حتى تبنّيها، قد تشكّل "قنبلة موقوتة" في العلاقة بين روسيا والغرب، لكنها لن تتحوّل إلى مواجهة عسكرية تقليدية في المدى القريب بفعل الردع المتبادل والانقسام الأوروبي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC