logo
العالم

حشد عسكري وتصعيد إعلامي.. أين رست "الصفقة" بين ترامب ومادورو؟

الرئيسان ترامب ومادوروالمصدر: أ ف ب

رأى خبراء في العلاقات الدولية، أن إمكانية إبرام صفقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في ظل شبح الحرب الذي يخيم في منطقة الكاريبي، مطروحة بقوة وسيكون لها فرص نجاح كبيرة إذا تم العمل عليها، رغم الحشد العسكري للولايات المتحدة والتصعيد الإعلامي القائم.

وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن من أبرز الأسباب التي تعزز احتمالية عقد اتفاق يمنع المواجهة العسكرية، السمات العامة للرئيس الأمريكي، الذي هو في الأساس رجل أعمال ومتخصص في إبرام صفقات، ويتمتع بمرونة ملحوظة تمكّنه من إبرام الاتفاقات الأكثر تعقيدًا.

وأشاروا إلى أن مصلحة ترامب الذي يروج لنفسه كصانع سلام عالمي ويرغب في الفوز بجائزة نوبل للسلام، لا تتماشى مع إشعال المزيد من الحروب أو شن نزاعات جديدة.

وكان كشف مسؤول كبير في البيت الأبيض أن دونالد ترامب لم يتخذ قرارًا بعد بشأن مهاجمة فنزويلا بريًّا، في حين ألمح إلى أن نافذة ربما تكون مفتوحة أمام الدبلوماسية، وذلك في وقت تحشد القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك حاملة طائرات "يو إس إس جيرالد ر. فورد"، الأكثر تقدما و15 ألف جندي.  

أخبار ذات علاقة

ترامب ومادورو

"سأتحدث معه".. ما سر نافذة ترامب الدبلوماسية أمام مادورو؟

التحشيد مقدمة لتدخل عسكري

ويقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد شيات، إن الولايات المتحدة من خلال حرصها العسكري وانتشار قواتها سواء في بورتوريكو أو في مناطق قريبة من فنزويلا، تبدو وكأنها تتحرك تحت ذرائع معلنة تتعلق بمحاربة تهريب المخدرات، وهذا التبرير رغم تكراره في الخطاب الأمريكي، لا يمثل العامل الأهم في الحسابات الجيوسياسية، بل إن جوهر الأمر يرتبط بطبيعة النظام السياسي القائم في فنزويلا، الذي يشكل بحسب وصفه "واجهة" لعدم التفاهم والانسجام مع واشنطن في قارة ترى الأخيرة ضرورة أن تبقى تحت مظلتها الإستراتيجية.

وأوضح شيات في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة حتى عندما تتعامل مع دول غير منتمية للمنظومة الليبرالية، تشترط ألا تكون هذه البلدان حاضنة لتوجهات معادية أو مرتبطة بأقطاب دولية منافسة، كما كانت الحال خلال فترة الاتحاد السوفيتي في الماضي وروسيا اليوم، لافتًا إلى أن واشنطن تبدو اليوم أكثر حزمًا وصرامة تجاه الملف الفنزويلي، انطلاقًا من منطق خاص تتعامل به في القارة اللاتينية يختلف عن أسلوبها في بقية مناطق العالم.

ولفت شيات إلى أن التجارب التاريخية تشير إلى أن حشد الولايات المتحدة لقواتها جنوب القارة كان غالبًا مقدمة لتدخل عسكري مباشر، كما حدث في بنما سنة 1989 أو في كوبا خلال أزمة الصواريخ، مضيفًا أن الوضع الحالي يفتح المجال أمام احتمالات عدة، خاصة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي قد يرى في التدخل العسكري خيارًا مطروحًا لضرب فنزويلا، سواء بعملية محدودة أو مكثفة، أو حتى بالتركيز فقط على دفع الرئيس نيكولاس مادورو إلى التنحي.

تبعات خطيرة

وأشار شيات إلى أن لكل خيار من هذه الخيارات تبعات خطيرة على المستوى الاجتماعي والسياسي داخل فنزويلا، خصوصًا مع وجود انقسام حاد بين تيارين رئيسيين، الليبرالي من جهة، والشيوعي الاشتراكي من جهة أخرى؛ ما قد يفاقم احتمالات اندلاع حرب أهلية، منوهًا بأن روسيا قد تسعى للتدخل لتثبيت موطئ قدم لها في أمريكا الجنوبية، كما قد تظهر ردود فعل من موسكو وبكين داخل مجلس الأمن، إلا أن هذه المواقف – وفق تقديره – قد لا تكون كافية لوقف التوجهات الأمريكية.

وذكر شيات أن السياسة التي يتبناها ترامب في القارة اللاتينية تقوم على إيجاد فضاء سياسي مواتٍ لبلاده وتحييد الأنظمة التي يراها معادية، مثل: فنزويلا وبوليفيا، وبدرجة أقل البرازيل التي تُعد قوة اقتصادية لا يرغب في المجازفة بها، مشيرًا إلى أن غياب قوة دولية حامية حقيقية لفنزويلا، كروسيا مثلًا، قد يجعل التدخل الأمريكي أكثر سهولة من الناحية العملية.

واستكمل شيات بالتأكيد أن إسقاط مادورو -إن حدث- قد يؤدي إلى مقاومة داخلية وتدهور أكبر في الأوضاع، وأن مآلات التدخل ستظل مرتبطة بطبيعة التدخل الأمريكي وما إذا كان مكثفًا أو محدودًا، وأن الهدف الأساسي هو تنحية النظام السياسي الحالي، مشيرًا إلى أن الاستقرار في أمريكا الجنوبية يظل عاملًا ضروريًّا في حسابات واشنطن، نظرًا إلى حساسية المنطقة وأهميتها الإستراتيجية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

فور تلقيه الإشارة.. مادورو يبدي استعداده للتحدث مع ترامب "وجها لوجه"

رجل الصفقات

ويرى الباحث في الشأن اللاتيني، الدكتور بلال رامز بكري، أن الأزمة في الكاريبي بين الولايات المتحدة وفنزويلا تشهد تصعيدًا وتحشيدًا عسكريًّا وإعلاميًّا، إلا أنه أشار إلى أن هناك فرصًا حقيقية وواقعية لعقد صفقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وأضاف بكري في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن من أبرز الأسباب التي تعزز احتمالية عقد الصفقة السمات العامة للرئيس الأمريكي، واصفًا إياه بالشخص العملي الذي ينتمي إلى خلفية أعمال، ومستعد دائمًا لعقد الصفقات ويتمتع بمرونة ملحوظة تمكّنه من إبرام الاتفاقات الأكثر تعقيدًا.

وبين بكري أن مصلحة ترامب الذي يروج لنفسه كصانع سلام عالمي ويرغب في الفوز بجائزة نوبل للسلام، لا تتماشى مع إشعال المزيد من الحروب أو شن نزاعات جديدة بالإضافة إلى أنه يميل إلى دعم الرجال الأقوياء حتى ولو كانت لديهم نزعات استبدادية، مستشهدًا في هذا السياق بـ تقاربه مع الرئيس الكوري الشمالي الحالي، وهذه العوامل تعزز فرص عقد صفقة بين الرجلين.

وسائل ضغط

وبحسب بكري، فإن الجانب الفنزويلي يدرك أن أي مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، سواء أكانت عسكرية أم اقتصادية أم سياسية، ستكون خاسرة، ومن مصلحة الرئيس مادورو، الحفاظ على منصبه وكرسيه، وهو ما يدفعه إلى الرغبة في عقد صفقة مع ترامب.

واستطرد بكري أن هذه الصفقة إن حدثت ستكون بعيدة عن العلن، وستكون الجهود الدبلوماسية الخاصة بها في الخفاء، ومن الممكن أن يكون ذلك بجهود البرازيل وكولومبيا، اللتين تسعيان بكل قوة لاحتواء الأزمة وتفادي أي مواجهة شاملة قد تكون ضارة للقارة.

واوضح أن التصعيدات الإعلامية والدبلوماسية العديدة ليست سوى وسيلة للضغط وتحسين شروط المفاوضات، مؤكدًا أن الصفقة بين ترامب ومادورو تعتبر ذات فرص كبيرة للنجاح.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC