كشفت وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي أن المفوضية الأوروبية تدرس توسيع نطاق استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا، عبر إضافة نحو 25 مليار يورو من الأموال الروسية الخاصة المجمدة في البنوك الأوروبية إلى خطة القرض التعويضي الجاري إعدادها.
وحتى الآن، يتحكم الاتحاد الأوروبي في نحو 140 مليار يورو من الأصول الروسية الحكومية المجمدة، معظمها مودع في شركة "يوروكلير" المالية في بلجيكا، ويعتزم الاتحاد استغلال العوائد النقدية لتلك الأصول كضمان لقرض ضخم جديد لأوكرانيا.
لكن الوثيقة، التي حصلت عليها "بوليتيكو"، تكشف أن المفوضية "تطمح إلى المزيد"؛ إذ تدرس ضم أموال روسية أخرى مجمدة في حسابات مصرفية خاصة داخل الاتحاد، ما يرفع القيمة الإجمالية إلى 165 مليار يورو.
وبحسب مصادر، فإن الوثيقة تعترف بأن الجدوى القانونية لهذه الخطوة لم تُقيَّم بعد بالكامل، وهو ما يفتح الباب أمام مواجهات قضائية محتملة من البنوك أو المودعين الروس.
لكن ورغم ذلك، يبدو أن بروكسل مصممة على المضي قدماً؛ إذ ستعرض المفوضية "مبادئ تصميم" لخطة القرض خلال قمة الاتحاد المقبلة، بهدف إطلاقها رسمياً قبل نهاية العام، على أن يناقشها وزراء المالية في نوفمبر.
بدورها أعربت بلجيكا، التي تستضيف "يوروكلير"، عن مخاوفها من أن تتعرض لملاحقات قانونية روسية؛ ولذلك اقترحت المفوضية بناء نظام ضمانات ثنائية من الدول الأعضاء إلى الاتحاد الأوروبي لضمان توفير السيولة اللازمة في حال حدوث دعاوى أو مطالبات.
وسيُدرج هذا النظام لاحقاً ضمن ميزانية الاتحاد الجديدة للفترة 2028–2035، لضمان وجود "هامش مالي كافٍ" لتغطية أي التزامات مستقبلية.
وبحسب الوثيقة، سيُخصص جزء كبير من القرض المقترح لتمويل تطوير القاعدة الدفاعية والتكنولوجية الأوكرانية ودمجها في الصناعة الدفاعية الأوروبية، إلى جانب دعم الموازنة العامة لكييف "بشروط مناسبة".
وبمعنى آخر، تتحول الأموال الروسية المجمدة من أدوات ضغط اقتصادية إلى وقود مباشر لاستمرار آلة الحرب الأوكرانية، في تحول نوعي يعكس عجز الاتحاد عن إيجاد حلول سياسية للصراع.
ومن منظور أوروبي، يُقدَّم المشروع باعتباره "قرض تعويضات" من روسيا لأوكرانيا، لكنه عملياً يمثل سابقة قانونية خطيرة في مصادرة أصول دولة ذات سيادة لا تزال عضواً في النظام المالي العالمي.
وبينما يرى مؤيدو الخطة أنها ضرورة أخلاقية بعد غزو أوكرانيا، يحذر آخرون من أن الإجراء قد يضرب مصداقية النظام المالي الأوروبي في الصميم، ويفتح الباب أمام عالم مالي بلا ثقة ولا قانون.
ويحذر محللون أوروبيون من أنه مع كل اجتماع جديد في بروكسل، يزداد الإحساس بأن الاتحاد الأوروبي يتقدم نحو منطقة رمادية بين العدالة الاقتصادية والانتقام السياسي؛ فبينما تسعى العواصم الأوروبية لتقوية أوكرانيا، قد تجد نفسها في مواجهة مع القانون الدولي ومع أسس النظام المالي الذي لطالما تفاخر به الغرب كرمز للشفافية والاستقرار.