مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
مع تصاعد التوترات على حدودها الشرقية وعودة شبح الحرب إلى أوروبا، تتجه بولندا نحو تعزيز جاهزيتها الدفاعية عبر إشراك المدنيين في تدريبات واسعة النطاق تهدف إلى رفع القدرة المجتمعية على الصمود في مواجهة أي تهديد محتمل من روسيا وحليفتها بيلاروسيا.
تجربة سيزاري بروسكو، الذي عاش سنوات الحرب الباردة، تتكرّر اليوم لدى آلاف البولنديين الذين يلتحقون طوعًا بدورات تُنظم في قواعد عسكرية، تشمل تدريبات البقاء، استخدام معدات الحماية، والتصرف أثناء الهجمات.
ويستهدف البرنامج تدريب 400 ألف مواطن بحلول 2027، وفق ما أعلن وزير الدفاع فلاديسلاف كوسينياك-كاميش، الذي اعتبر أن بولندا تعيش «أخطر مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية».
إعادة تشكيل مفهوم الأمن
تحمل الاحتكاكات العسكرية حول الحدود البولندية، من بينها توغلات طائرات مسيّرة وانفجارات اتهامات لروسيا، دفعت وارسو إلى رفع الإنفاق الدفاعي إلى 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من بين الأعلى في دول الناتو.
كما شرعت الحكومة في إعادة تأهيل الملاجئ القديمة وفرض إنشاء أخرى جديدة، إضافة إلى البدء ببناء منظومة دفاعية تُعرف بـ«الدرع الشرقي» على حدود بيلاروسيا وكالينينغراد.
العميد رومان برودلو، قائد لواء سلاح الفرسان المدرع التاسع، يؤكد أن "الغزو الروسي لأوكرانيا أنهى حقبة الهدوء"، مشيرًا إلى أن التقديرات الاستخبارية تضع احتمال مواجهة مع موسكو خلال أعوام قليلة.
وبرغم ذلك، يرجّح أن تعتمد روسيا أساليب الحرب الهجينة لإضعاف بولندا دون تجاوز عتبة المواجهة المباشرة.
تهديدات هجينة وحدود متوترة
يركز الجيش البولندي في الوقت الراهن على دعم حرس الحدود في رصد عمليات العبور غير الشرعية، التي تُتهم بيلاروسيا بتوظيفها كأداة ضغط سياسي على الاتحاد الأوروبي.
وبرغم تغيّر الحكومة قبل عامين، استمر النهج الأمني الصارم نفسه، ما أثار انتقادات حقوقية حول ربط الهجرة بالتهديد الروسي وتراجع الاهتمام بمعاناة طالبي اللجوء.
ومع ذلك، يرى قادة ميدانيون أن هذه الإجراءات «ضرورة لحماية البلاد»، وسط بنية دفاعية تُضاف إليها عناصر إلكترونية وأبراج مراقبة مخصصة لرصد الطائرات المسيّرة وتقليل مخاطر التخريب.
بين الذاكرة والواقع الأمني
في مدن حدودية مثل غولداب، يختلط القلق بالاعتياد على الجوار الروسي، رغم انقطاع التبادل الاجتماعي والاقتصادي عبر الحدود في السنوات الأخيرة.
وتستعد أجيال شابة لخوض أدوار عسكرية مستقبلية، على غرار الطالبة كورنيليا برزيزينسكا (15 عامًا)، التي تقول إنها ستقاتل دفاعًا عن بولندا «دون تردد».
ذاكرة الصدمات التاريخية لا تزال حاضرة في شوارع البلاد، حيث تُترك آثار الحرب العالمية الثانية على المباني تذكيرًا دائمًا بالمخاطر.
ويرى كبار السن في الوضع الحالي استدعاءً لمخاوف قديمة، بينما يسعى الجيل الشاب لاكتساب مهارات يعتقد أنه قد يحتاجها فجأة.
كما تستند تعبئة المجتمع البولندي إلى إدراك متزايد بأن الحرب لم تعد احتمالًا بعيدًا في أوروبا.
ومع نهاية تدريباته، يقول بروسكو إنه حرص على تسجيل موظفيه في الدورات نفسها، موضحًا أن الأجيال الجديدة «نشأت في زمن السلم» وقد تكون أقلّ وعيًا بطبيعة المخاطر.
وبالنسبة لكثيرين في بولندا، أصبح الدفاع مسؤولية تتجاوز الجيش، وجزءًا من يقظة وطنية تفرضها الجغرافيا والتاريخ، وتغذيها حرب ما زال صداها يتردّد عبر الحدود الأوكرانية.