logo
العالم

اتهامات ببيعه لأمريكا.. "الكنز الصامت" يثير سجالاً سياسياً في تركيا

أردوغان وترامبالمصدر: (أ ف ب)

تشهد تركيا سجالاً سياسياً حاداً بين الحكومة والمعارضة، حول منجم واعد للمعادن النادرة وسط البلاد، بعد اتهامات ببيع مخزونه للولايات المتحدة الأمريكية ضمن صفقة بين الرئيسين رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب.

ويقع المنجم أو الحقل في منطقة بيليكوفا بولاية إسكي شيهير وسط تركيا، وتعتقد أنقرة أنه يضم احتياطيا كبيرا من المعادن النادرة التي تشكل محور صناعات الدفاع والتقنية والمعدات الطبية وأجهزة الهواتف.

وأثار حزب الشعب الجمهوري المعارض قضية منجم "بيليكوفا" في البرلمان التركي الذي عاد مطلع الشهر الجاري للانعقاد بعد عطلة الصيف، قبل أن تجر اتهامات المعارضة للحكومة ببيع مخزون المنجم لواشنطن سيلا من الانتقادات.

أخبار ذات علاقة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أردوغان: تركيا ستشارك في مراقبة تطبيق الاتفاق حول غزة

 وسارعت الرئاسة التركية لنفي تلك الاتهامات التي أوردها زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، ودعمها مسؤولون ووسائل إعلام تابعة أو مؤيدة لأكبر أحزاب المعارضة في تركيا.

وتزامن تصاعد القضية في الداخل التركي مع ورود أنباء غير رسمية في الصحافة العالمية عن مفاوضات بين أنقرة وواشنطن حول منطقة "بيليكوفا"، بعد تعثر مفاوضات مثيلة مع الصين وروسيا تريد تركيا عبرها عقد شراكة مقابل الحصول على تقنيات الاستخراج والتصنيع لتلك المعادن.

مستقبل تركيا

ووصف أوزيل، الذي كان يتحدث أمام نواب حزبه في اجتماع بالبرلمان، المعادن النادرة المكتشفة في منجم "بيليكوفا" بأنها "مستقبل تركيا"، ولا يمكن بيعها لترامب، على حد قوله.

واتهم أوزيل الرئيس أردوغان بتوقيع اتفاق لبيع مخزون المنجم بشكل خام للولايات المتحدة الأمريكية، خلال لقائه الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض الشهر الماضي.

وقال إن بلاده قادرة على تطوير تقنية لاستخراج تلك المعادن ومعالجتها في المستقبل من خلال الاهتمام بالبحث العلمي، بدلاً من تبرير بيع تلك المعادن لواشنطن التي ستستخدمها في صناعات متعددة ومنتجات تبيعها مجدداً لتركيا بألف ضعف.

 

نفي رسمي

ونفى مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية ادعاءات بيع مخزون المنجم للولايات المتحدة، وقال إنها غير صحيحة على الإطلاق.

وأوضح المركز أن حقل "بيليكوفا" للمعادن الأرضية النادرة أحد أكثر الاكتشافات الاستراتيجية في تاريخ التعدين في تركيا، و"يتم العمل في هذا الحقل باستخدام الموارد المحلية والوطنية".

وأضاف أن تشغيل المصنع التجريبي الذي أنشأته شركة "إيتي مادن" (شركة حكومية) قد بدأ، و"تستمر الاستعدادات للإنتاج الصناعي بما يتماشى مع السيادة الكاملة لبلادنا ومصالحها الوطنية".

تناقض في الروايات

وردت صحيفة "الجمهورية"، المقربة من حزب الشعب الجمهوري، على نفي مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لدائرة الاتصال في الرئاسة التركية، بنشر تقرير حكومي يكشف عن كون العمل في المنطقة لا يزال في مرحلة إنشاء المصنع التجريبي.

بدوره، تحدث التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة في شركة "إيتي مادن" عن العام 2023 رغم صدوره في العام التالي 2024، الذي قد يكون شهد تغييراً في مراحل إنشاء المصنع وبدء استخراج المعادن من المنجم.

أخبار ذات علاقة

مسيّرة شبحية مسلحة من طراز "بيرقدار قزل إلما"

المسيّرة التي اقتربت من الخط الأحمر للناتو.. تركيا تطلق مقاتلة بيرقدار "شبحية"

سجال سياسي

اعتبر مركز مكافحة التضليل الإعلامي مزاعم بيع مخزون البلاد في "بيليكوفا" بأنه "تلاعب وتضليل يستهدف سياسات التعدين الاستراتيجية في تركيا".

لكن النائب عن حزب الشعب الجمهوري، دنيز يافوز يلماز، قال إن حزب العدالة والتنمية الحاكم لا يسعى لاستخراج واستخدام المعادن النادرة في تركيا، بل بيع تلك المعادن الثمينة بشكل خام لواشنطن وبسعر رخيص.

وقال يلماز، وهو مهندس كهرباء، عبر حسابه في "إكس"، إنه "حتى عام 2025 لم يحدث أي تقدم في إنشاء المنشآت الصناعية.. هذا ما يسمى بقلب البلاد رأساً على عقب ونهبها".

سر معادن "بيليكوفا"

وشرح الكاتب الاقتصادي التركي، محمود آيدوغموش، أهمية المعادن المكتشفة في منطقة "بيليكوفا" التي قال إنها كنز صامت يبلغ وزنه 694 مليون طن تحت الأرض، وقد تكون ثاني أكبر احتياطي للمعادن النادرة في العالم بعد الصين.

وأوضح آيدوغموش، في مقال نشرته صحيفة "سوزجو"، أن المعادن النادرة التي ستشكل مستقبل العالم موجودة في تركيا، لكنه أقر بسهولة الحفر وصعوبة الاستخراج والمعالجة وتحويل تلك المعادن لمنتجات.

كما عارض الخبير التركي بيع مخزون المنجم بشكل خام، وقال: "إذا قمنا بمعالجة هذا المعدن في تركيا… إذا حولناها إلى بطارية، أو مغناطيس، أو شريحة ليزر.. وعندما يصل هذا الحقل إلى طاقته الكاملة، فإنه يتمتع بإمكانات تصديرية تصل إلى مليارات الدولارات سنويا".

 

تحدي منافسة الصين

وتضم قائمة المعادن النادرة 17 عنصراً، بينها: التيتانيوم والليثيوم والبريليوم، ووفق الدراسات الجيولوجية، تضم منطقة "بيليكوفا" كثيراً من تلك العناصر التي تستخدم في صناعات مثل: بطاريات المركبات الهجينة، وأنظمة تخزين الطاقة، وزجاج التلسكوب والكاميرا، بجانب كابلات الألياف الضوئية والمنتجات عالية القيمة، مثل شاشات التلفزيون والهواتف.

ويرتبط وصف معادن نادرة بتلك العناصر الموجودة في قشرة الأرض بكونها ليست نادرة من حيث الكمية، لكنها تتميز بنوع آخر من الندرة، فهي لا توجد منفصلة في الطبيعة، بل تكون مختلطة مع معادن أخرى، مما يجعل استخراجها وفصلها عملية معقدة تتطلب تقنيات متقدمة.

وهذه التعقيدات في عمليات استخراج المعادن النادرة تنعكس مباشرة على أسعارها وتجعلها مرتفعة، إلى جانب خصائصها الفريدة التي تمنحها قيمة استراتيجية عالية.

وتأتي الصين في مقدمة الدول القليلة المنتجة لهذا النوع من المعادن، عبر أكبر مصانع معالجة لها، وتحتكر قرابة نصف الاحتياطي العالمي لتلك المعادن الأرضية النادرة، تليها البرازيل ثم فيتنام وروسيا، ثم الولايات المتحدة التي تبحث عن مصادر خارج حدودها لتلبية الطلب الصناعي الداخلي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC