تترقب الأوساط السياسية والقضائية في فرنسا، الاثنين، قرار محكمة الاستئناف في باريس بشأن طلب الإفراج عن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وبحال تم قبول الطلب، فقد يتمكن ساركوزي من العودة إلى منزله في نهاية اليوم نفسه، بعد أن أمضى ثلاثة أسابيع في سجن لا سانتيه.
على عكس طلبات الإفراج السابقة المقدمة في القضية ذاتها، التي لم تجذب اهتمامًا واسعًا، يحمل طلب ساركوزي صدى إعلاميًا وسياسيًا كبيرًا، نظرًا لمكانته كأحد أبرز الشخصيات العامة في فرنسا.
ووفقا لصحيفة "لوفيغارو" فإن الجلسة ستُعقد صباح اليوم، ولكن ساركوزي لن يخرج من زنزانته للذهاب إلى قاعة المحكمة، بل سيشارك في الجلسة عبر تقنية الفيديو كونفرنس، وهو الإجراء المعتاد في مثل هذه القضايا كثيفة الحجم.
في محيط محكمة الاستئناف، من المتوقع أن يشهد المكان حضور عدد كبير من المتفرجين الذين يحرصون على رؤية الرئيس السابق والتعرف على طريقة تعامله مع فترة الاعتقال، أكثر من اهتمامهم بالمسائل القانونية بحد ذاتها. وسيُطلب من الحاضرين إغلاق هواتفهم المحمولة عند الدخول إلى القاعة لمنع أي تصوير، حيث سيظهر ساركوزي على الشاشة من داخل السجن.
وستُعقد جلسة الاستماع برئاسة أوليفييه جيرون، رئيس دائرة الاقتصاد والمالية في محكمة الاستئناف، ومن المتوقع أن تكون فنية ومعقدة، نظرًا لتعقيدات القانون الجنائي الفرنسي وتعدد مواده.
بحسب المادة 465 من قانون الإجراءات الجنائية أصدرت المحكمة أمر الحبس ضد ساركوزي، معتبرة أن "جسامة الأفعال وتأثيرها على ثقة المواطنين بالممثلين المنتخبين والمؤسسات يجعل تنفيذ الحبس أمرًا ضروريًا"، وذلك بعد الحكم الصادر في 25 سبتمبر الماضي. وفق المحكمة، فإن خطورة الأفعال وكميتها تتطلب تنفيذ الحبس لحماية النظام العام وضمان فعالية العقوبة.
مع ذلك، وبمجرد تقديم ساركوزي استئنافًا، يُعاد تصنيفه من كونه منفذًا لعقوبة إلى كونه خاضعًا للحبس الاحتياطي، وهذا ينقل الملف من إطار المادة 465 إلى المادة 144 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تُحدد شروط الحبس الاحتياطي، مثل: حفظ الأدلة والوقائع، منع الضغط على الشهود أو الضحايا، حماية الشخص المتهم، وضمان تواجده تحت تصرف القضاء، بالإضافة إلى منع تكرار الجريمة.
وإذا قررت المحكمة الإفراج عن ساركوزي، فقد يترافق ذلك مع عدة شروط، تشمل الإقامة الجبرية تحت مراقبة إلكترونية، أو التحكم القضائي مع تحديد مناطق ممنوعة، أو منع لقاء أشخاص محددين، وحتى منع القيادة، وقد يُطلب أيضًا وضع كفالة مالية للمتهم.
وتعمل المؤسسة القضائية بحذر شديد، خاصة بعد زيارة جيرالد دارمانين، وزير العدل، لساركوزي في السجن. فكل قرار سيكون تحت المراقبة الدقيقة من الرأي العام والإعلام، مع توقع أن يُنظر لأي تصرف على أنه خاضع للضغط السياسي، سواء كان بالرفض أو القبول.
من المتوقع أن يصدر القرار في فترة ما بعد ظهر الاثنين. وإذا تم قبول الإفراج، يمكن لساركوزي مغادرة السجن بعد استكمال إجراءات رفع القيود، رغم أن يوم 11 نوفمبر القادم عطلة رسمية، ما قد يؤثر على سرعة تنفيذ القرار.
في المجمل، يمثل هذا اليوم لحظة حاسمة ليس فقط لساركوزي، بل أيضًا للمعايير القضائية في فرنسا، حيث يتم اختبار قدرة القضاء على اتخاذ قرارات عادلة ومستقلة وسط ضغوط سياسية وإعلامية كبيرة.