نزلت النقابات العمالية والطلابية في فرنسا إلى الشارع مجددًا، في يوم احتجاجي واسع شهد أكثر من 240 تجمعًا في مختلف المدن الفرنسية، من باريس إلى مرسيليا وليون ورين، في "اختبار مزدوج" للنقابات والحكومة الجديدة.
يأتي ذلك وسط ترقب الفرنسيين إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة ومشروع قانون المالية لعام 2026.
ووفق صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن الرسالة واضحة، هي الضغط على رئيس الوزراء الجديد سباستيان لوكورنو من أجل تنازلات ملموسة في الملفات الاجتماعية والاقتصادية.
جاء التحرك بدعوة من التنسيق النقابي المشترك الذي يضم أبرز النقابات الفرنسية: الاتحاد العام للعمل (CGT)، والاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل (CFDT)، والاتحاد النقابي الوحدوي (FSU)، والنقابة التضامنية (Solidaires)، إلى جانب نقابات أصغر ومنظمات طلابية، مثل الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا (UNEF)، والاتحاد الطلابي واليسار الثوري الشاب (Le Poing levé).
ورفعت النقابات لائحة مطالب واضحة، تتمثل في إلغاء خطة الادخار التي طرحها رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو سابقًا (44 مليار يورو من التخفيضات)، وإلغاء رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، وفرض شروط اجتماعية وبيئية صارمة على المساعدات العامة للشركات، وزيادة الضرائب على الأثرياء، وتمويل إضافي للخدمات العامة.
لكن الرد الحكومي بقي "غامضًا"، بحسب تعبير قادة النقابات، ما جعلهم يرون أن رئيس الوزراء "لم يقطع الحبل السري" مع الرئيس إيمانويل ماكرون، ومع أرباب العمل، على حد وصف الأمينة العامة لـ (CGT)، صوفي بينيه.
وفي باريس، انطلق الموكب من ساحة إيطاليا نحو ساحة فوبان، وسط انتشار أمني كثيف يقدر بـ 5 آلاف شرطي.
وفي مرسيليا ونانت، بدأ التجمع منذ الصباح، فيما شهدت بوردو وأجاكسيو مظاهرات عند الساعة 11 ظهرًا.
أما في ليون ورين، فقد انطلقت المسيرات بعد الظهر، بينما خرجت ستراسبورغ وديجون ومونبلييه في توقيت متزامن مع باريس.
حتى تلاميذ المدارس الثانوية دخلوا على خط الاحتجاج، حيث أغلقت عدة ثانويات أبوابها في باريس ورين وبوردو.
وتزامن الإضراب مع مشاورات سياسية حساسة: لوكورنو يستعد للقاء مارين لوبان (التجمع الوطني) صباح الجمعة، تليها وفود الحزب الاشتراكي، ثم الحزب الشيوعي والخضر.
وقد تحدد هذه اللقاءات مصير الحكومة، إذ لوّحت المعارضة بطرح تصويت على حجب الثقة إذا لم يقدم لوكورنو تنازلات حقيقية في مشروع الميزانية، وفقًا للصحيفة الفرنسية.
ورأت "لوموند" أن يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول لم يكن مجرد يوم إضراب عادي، بل جاء كـ "اختبار مزدوج"؛ اختبار للنقابات: هل ما زالت قادرة على حشد الشارع كما فعلت ضد إصلاح التقاعد العام الماضي؟ واختبار للحكومة الجديدة: هل يستطيع لوكورنو إثبات استقلاليته عن ماكرون وأرباب العمل، أم سيظل أسير سياسات التقشف والالتزامات الأوروبية بخفض العجز؟