بعد محاكمة تاريخية مستمرة منذ 5 سنوات ونصف السنة، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، سيناريو "معقدًا"، وهو طلب عفو رئاسي من إسحاق هرتسوغ قبل إصدار أي إدانة.
وتشير الدلائل إلى مساعٍ حثيثة لتجنب الحكم، مع نداءات من حكومته وزوجته سارة، ودعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحتى تلميحات من هرتسوغ نفسه الذي حث عائلات الرهائن على دعم العفو، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية.
لكن خبراء قانونيين يحذرون من أن هذا الطريق مليء بالعقبات، وقد لا يصمد أمام محكمة العدل العليا، إذ إن سلطة الرئيس في منح العفو منصوص عليها في القانون الأساسي، الذي يخوّله "العفو عن المجرمين وتخفيف الأحكام".
ويُقدم الطلب عادة من المتهم أو أسرته، ولا يُنظر فيه إلا بعد انتهاء الإجراءات القانونية، لكن محاكمة نتنياهو لم تنتهِ بعد، ما يجعل العفو استثناء نادرًا.
والسابقة الوحيدة هي قضية "الحافلة 300" عام 1984، حيث أصدر الرئيس حاييم هرتسوغ (والد الرئيس الحالي) عفوًا عن عناصر الشاباك المتورطين في التستر على قتل "مسلحين"، قبل بدء الإجراءات، لحماية أسرار أمنية وتجنب فضيحة عامة، لكن محكمة العدل العليا رفضت حينها التماسات ضد العفو.
ويرى رئيس المحكمة، مئير شمغار أن مصطلح "المجرمين" يشمل المشتبه بهم، مدعومًا بأحكام سابقة، ما يسمح بالعفو قبل الإدانة في ظروف استثنائية، وبينما أيّدت نائبة الرئيس ميريام بن بورات هذا، مشددة على "مصلحة عامة أساسية"، إلا أن القاضي أهارون باراك عارض ذلك، معتبرًا أنه تجاوز للصلاحيات.
ويوضح البروفيسور يانيف روزناي من جامعة رايخمان أن العفو في "الحافلة 300" كان مشروطًا، وهو اعتراف كتابي بالجرائم من مسؤولي الشاباك، واستقالة رئيسه فورًا، ما جعله بديلًا من المحاكمة دون تضييع العدالة.
"لا سابقة لعفو دون إقرار بالمسؤولية"، يقول روزناي، محذّرًا من أن عفوًا غير مشروط لنتنياهو سيكون إشكاليًا، خاصة في عام انتخابي، وقد يُنظر إليه على أنه تدخل في الديمقراطية، إذ يجب أن يشمل تحمل المسؤولية واستقالته من رئاسة الوزراء.
وتؤكد البروفيسورة سوزي نافوت من معهد الديمقراطية الإسرائيلي أن "العفو قبل الإدانة استثناء متطرف"، مقتصر على حالات أمنية نادرة، وأنه "لا صلة بين الحافلة 300 وجرائم فساد"، معتبرة أن منح نتنياهو عفوًا الآن ينتهك المساواة أمام القانون، ولا يُنظر فيه إلا بعد انتهاء الإجراءات.
كما يعارض المدعي العام السابق موشيه لادور العفو بشدة، واصفًا إياه "استسلامًا لسيادة القانون" أمام حملة نتنياهو ضد القضاء، وبينما لا يرفض صفقة إقرار بالذنب، أكد أنها يجب أن تعكس خطورة التهم، التي يراها "قوية ومبررة".
ويحذر روزناي من أن عفوًا كهذا يشجع على عدم مكافحة الفساد بين أصحاب السلطة، ويفاقم الأزمة الدستورية.
مع مناقشات محتملة قريبًا بين هرتسوغ والنائب العام غالي بهاراف ميارا، يبقى السيناريو معقدًا، وفق "هآرتس"، إذ إن العفو ممكن قانونيًا في استثناءات، لكنه يتطلب شروطًا صارمة، وقد يواجه طعونًا قضائية.