logo
العالم

بإنشاء "جدار مسيّرات".. أوروبا تعزز تحالفاتها لردع الاختراقات الروسية

قادة أوروبيون خلال قمة كوبنهاغنالمصدر: (أ ف ب)

وسط أجواء من التوتر المتصاعد بسبب تكرار حوادث اختراق الأجواء الأوروبية، اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي في قمة غير رسمية بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن، حيث طغت ملفات الأمن والدفاع على جدول الأعمال.

وتمثلت أبرز مخرجات القمة في طرح مشروع إنشاء "جدار مسيرات" عبارة عن شبكة من أجهزة الاستشعار وأنظمة دفاعية قادرة على رصد الطائرات غير المأهولة وتعقبها وإسقاطها، وذلك بعد أن شهدت الدنمارك وبولندا وإستونيا حوادث متكررة لاختراق المجال الجوي عبر مسيّرات ومقاتلات روسية. 

وحملت القمة رسالة واضحة لموسكو، تضمنت بأن أوروبا تتحرك بخطوات متسارعة نحو تعزيز قدراتها الدفاعية، رافضة محاولات روسيا لزرع التوتر والانشقاق داخل التكتل الأوروبي.

وناقشت القمة خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة داخل أوروبا لتمويل قرض كبير لصالح أوكرانيا، وأبدى عدد من القادة الأوروبيين دعمهم القوي للفكرة، إلا أن آخرين دعوا إلى الحذر خشية تداعيات قانونية أو تصعيدية. 

وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على أن روسيا تسعى لاختبار صلابة الاتحاد وزرع الانقسام داخله، مؤكدة أن الأوروبيين لن يسمحوا بذلك.

أخبار ذات علاقة

 رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا  فون دير لايين

قمة كوبنهاغن.. أوروبا تتعهد التصدي لمحاولات روسيا "زرع الشقاق"

 وقال مدير مركز «جي إس إم» للأبحاث والدراسات في روسيا الدكتور آصف ملحم، إن الحديث الأوروبي عن إنشاء "جدار المسيرات" لا يعدو كونه حملة دعائية تهدف إلى طمأنة الرأي العام وإظهار وحدة شكلية في مواجهة التهديدات الروسية، ويظل التنفيذ الفعلي بعيد المنال. 

وأضاف في حديث خاص لـ"إرم نيوز" أن مخرجات قمة كوبنهاغن الأخيرة لم تتجاوز إطار التوصيات المبدئية، حيث ناقش القادة فقط سبل بلورة آليات أولية للمشروع دون التوصل إلى خطة زمنية أو التزامات مالية واضحة.

وأوضح ملحم أن القمة أبرزت الانقسام الأوروبي، فبينما تدفع دول الشرق والشمال باتجاه تسريع إنشاء الدرع الجوي، تعترض دول الغرب والجنوب على تخصيص معظم التمويل لصالح الحدود الشرقية، وهذا الخلاف يعكس هشاشة المنظومة الدفاعية الأوروبية واعتمادها المفرط على المظلة الأمنية الأميركية.

وأشار إلى أن "جدار المسيرات" يواجه تحديات لوجستية وتقنية كبرى، فالمجال الجوي الأوروبي مزدحم بطائرات الركاب والبضائع، ما يجعل أي منظومة مسيّرات دفاعية عرضة للحوادث والأضرار الجانبية، وأن التهديدات لا تأتي فقط من خارج الحدود، بل من داخل الاتحاد نفسه عبر شبكات عملاء موالين لموسكو.

وأضاف أن مخرجات القمة جسدت هذا القلق من خلال تأكيد على ضرورة توحيد المبادرات الوطنية في إطار دفاعي موحد، لكن دون طرح حلول عملية أو جدول زمني ملزم.

وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن أوروبا تبدو متأخرة في مواجهة التغيرات الأمنية، مستشهدًا باعتراف رئيس لاتفيا بأن المشروع كان ينبغي أن يبدأ قبل عامين على الأقل، لافتًا إلى أن المشروع ما زال في مرحلة النماذج الأولية، ما يجعل الحديث عن تحول قمة كوبنهاغن إلى نقطة انطلاق لعقيدة دفاعية جديدة أمرًا مبالغًا فيه في المرحلة الراهنة.

المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية كارزان حميد، من جهته، اعتبر أن التقدم الروسي في أوكرانيا خلال الأشهر الماضية أدخل قادة أوروبا في حالة من "الهلع والارتباك"، وهو ما انعكس في مخرجات قمة كوبنهاغن التي ركزت على ملفين رئيسيين، أولهما تقييم القدرات العسكرية للتعامل مع اختراقات الطائرات المسيرة، وثانيهما بحث كيفية التصرف بالأصول الروسية المجمّدة في البنوك الأوروبية.

وأشار حميد لـ"إرم نيوز" أن هذه المخرجات حملت رسائل متناقضة لموسكو؛ فمن جهة تبدي بروكسل استعدادًا لتشديد المواجهة عبر مشاريع مثل "جدار المسيرات"، ومن جهة أخرى تعكس نقاشات القمة حدود الانقسام داخل التكتل وعدم وجود رؤية موحدة حول تمويل المشروع أو جدواه. 

وأضاف أن ما طرح في كوبنهاغن لا يؤسس بعد لعقيدة دفاعية أوروبية متماسكة، بل يعكس حالة من التردد بين مواجهة مباشرة مع روسيا أو الاكتفاء بردع رمزي يرضي الداخل الأوروبي.

وأشار إلى أن التصعيد الأوروبي جاء مدفوعًا أيضًا بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعطى انطباعًا بأن أوروبا تملك مساحة أوسع للحركة ضد موسكو، بشرط أن تصبّ صفقات السلاح في صالح واشنطن. 

واعتبر كارزان حميد أن هذا يوضح كيف تسعى الولايات المتحدة لتحويل "جدار المسيرات" وأي مبادرات مشابهة إلى أداة لتغذية صناعاتها الدفاعية أكثر من كونها ركيزة لأمن أوروبا.

ولفت إلى أن القمة أظهرت كذلك انقسامًا متزايدًا بين الحكومات الأوروبية وشعوبها، إذ تتحدث البيانات الرسمية عن وحدة وتماسك، فيما تكشف الشوارع الأوروبية عن رفض متصاعد لخيار الحرب، هو ما يجعل الرسائل الموجهة لروسيا مشوشة.

وقال حميد، إن مخرجات كوبنهاغن لم تؤسس حتى الآن لعقيدة دفاعية جديدة، بل عكست محاولة للهروب إلى الأمام، مع التمسك بخطاب ردعي لا يخفي هشاشة أوروبا أمام قوة عسكرية بحجم روسيا، الأمر الذي قد يقود القارة إلى مواجهة كارثية ما لم يُطرح مسار بديل للحل السياسي.

أخبار ذات علاقة

مقر الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي يناقش إقامة "جدار مسيرات" لصد توغلات روسيا

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC