عبرت الأوساط العسكرية والأمنية في إسرائيل عن صدمتها العميقة إزاء ما وصفته بأنه "جرأة مفاجئة" من عناصر حركة "حماس" باتت ملحوظة بقوة، خلال استهدافهم الجنود الإسرائيليين في غزة.
وسلط الإعلام العبري كذلك الضوء على ما وصفه محللون إسرائيليون بأنه "تصعيد مدروس" من جانب حماس، في الوقت الذي يسود الظن في إسرائيل بأن الحركة انتهت ميدانياً وفقدت قوامها البشري والعسكري بشكل شبه كامل.
وآخر العمليات التي تم الكشف عنها هي محاولة خطف الجندي احتياط أفراهام أزولاي من داخل جرافة إسرائيلية على يد 3 مسلحين خرجوا من نفق في خان يونس جنوب القطاع، وصعدوا على المركبة الهندسية "الباقر" التي كان يقودها وأطلقوا النار عليه بعدما فشلت عملية الخطف، ثم لاذوا بالفرار مجدداً، وفق بيان للجيش الإسرائيلي.
وتزامنا مع تلك العملية، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 5 جنود، أحدهم نجل حاخام من أتباع حركة "حباد"، وإصابة آخرين حالة بعضهم خطيرة، في كمين ببلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، في واقعة صدمت المؤسسة العسكرية.
وبالعودة إلى خان يونس، كان مقطع فيديو لفلسطيني يعتلي دبابة إسرائيلية ويلقي عبوة شواظ فوق رؤوس الجنود ليحترق 7 بداخلها، قبل أن يغادر على قدميه، ذي وقع شديد على المنظومة العسكرية الإسرائيلية.
ترميم الصفوف
وحول كمين بيت حانون، ادعت قناة inews24 العبرية أن "حماس عادت إلى قوتها التي كانت عليها قبل 7 أكتوبر، وباتت تدير المعارك بدراية واسعة بعد ترميم صفوفها".
وأضافت: "الجيش يقدّر أن الخلية الفلسطينية كانت تخطط لأسر جنود إسرائيليين، لكنها لم تتمكن من ذلك، والمسلحون يقدر عددهم بنحو 10 انسحبوا على ما يبدو إلى فتحة نفق قريبة".
وأكد مراقبون إسرائيليون أن "حماس" باتت تستغل حالة الإنهاك الشديد في صفوف الجيش الإسرائيلي وإجبار الجنود على الخدمة العسكرية في غزة رغما عنهم ما فجر غضب الآلاف منهم، علاوة على عدم حصولهم على أي راحة من القتال المستمر، وهو ما أثر بالسلب على معنوياتهم وقدراتهم على الإمساك بخيوط المواجهة.
قدرات استخباراتية
المحلل العسكري بموقع "واللا" العبري أمير بوحبوط قال معلقاً: "يبدو حالياً أن حماس رممت هيكليتها القيادية في قطاع غزة، وهي تعرف كيف تُنسّق جهودها. من نفّذ سلسلة العمليات هذه في الأسابيع الأخيرة ضد الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يُدير أطرًا قتالية ببراعة".
وأضاف في تدوينة عبر منصة "إكس": "تحذر مصادر أمنية من أن قائد الجناح العسكري لحماس عزالدين الحداد، ورغم الضغوط، ينجح في جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن قوات الجيش الإسرائيلي في مختلف محاور القتال، وبناء على ذلك ينفذ هجمات منظمة ومحكمة من خلال نيران القناصة وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات وتفجير العبوات الناسفة في مختلف النطاقات والتشكيلات".
وتابع: "تقدر مصادر أمنية أن حماس نجحت في تعيين قادة ميدانيين جدد، وأصبحت تدير منظومة العمليات الفدائية من خلال سلسلة من الأوامر التي تنتقل من القيادة في مدينة غزة والمعسكرات المركزية إلى مراكز القتال الأخرى".
الانتشار والبقاء
بدوره، قال المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف أيال: "5 جنود قتلوا في بيت حانون، داخل منطقة تعرف بأنها جزء من المحيط الأمني، منطقة يفترض أن الجيش لم يتركها أبداً نظرياً. لكن عملياً، لم يكن متواجداً هناك، الجيش بتركيبته الحالية، لا يستطيع الانتشار في كل مكان".
وأضاف: "أما عن شعار البقاء في المناطق، فمَن يريد البقاء هناك إنما يدعو لمواجهة مع حرب عصابات تتأقلم مع القوة المحتلة، الجيش يتحصن، والمقاومة تبحث عن ثغرات، الجيش يحفر، وحرب العصابات تحفر أعمق"، حسب تعبيره.