أبدت عدة دول أفريقية موافقتها على استقبال مهاجرين غير نظاميين طُردوا من الولايات المتحدة يوصفون بـ"سيئي السمعة" من قِبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، فقد بدا على الاتفاقيات غير الرسمية الموقعة مع الحكومات المعنية أنها تحمل طابع المقايضة، التأشيرة والدعم المالي مقابل الموافقة.
ووصل 14 مهاجرًا إلى الأراضي الغانية في السادس من سبتمبر، قادمين مباشرةً من مركز احتجاز في لويزيانا بالولايات المتحدة، وعلى متن طائرة الشحن العسكرية التي نقلتهم، سافر بعضهم مقيدًا. وهم من نيجيريا ومالي وتوغو، وليس بينهم أي غاني.
وبعد هذا الاستقبال بأيام، أعلنت السفارة الأمريكية في أكرا عبر حسابها على موقع "أكس" أن "مدة الصلاحية القصوى لجميع فئات التأشيرات للغانيين قد عادت إلى مدتها الأصلية"، وهي خمس سنوات مع إمكانية الدخول المتعدد.
ورحب وزير الخارجية الغاني صمويل أوكودزيتو أبلاكوا في اليوم السابق بهذا الرفع للقيود، مشيدًا بـ"المفاوضات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي استمرت لعدة أشهر".
وأصبحت أكرا الآن شريكة في سياسة الرئيس ترامب المناهضة للهجرة، وهو ما جعل الأخير يراجع قراره بشأن منح التأشيرات، إذ إن هؤلاء المهاجرين الذين تُرسلهم الولايات المتحدة بانتظام إلى "دول ثالثة" ليسوا من مواطنيها، في تحدٍّ لجميع الاتفاقيات الدولية.
هؤلاء "المطرودون" في السادس من سبتمبر هم أول من وافقت غانا على استقبالهم. وفي 19 سبتمبر، وصلت مجموعة ثانية تضم 14 شخصًا من غرب أفريقيا: ثلاث نساء وأحد عشر رجلاً، في إطار اتفاق غير رسمي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة، ولم تُعلن تفاصيله بعد.
وأثارت هذه القضية جدلاً في البرلمان الغاني، فقد اتهمت المعارضة الرئيس جون ماهاما بإبرام هذه "الصفقة" دون علم النواب.
وأوضح الرئيس ماهاما للصحفيين الذين سألوه عن أسباب قراره بقبول الاتفاق الذي اقترحته الولايات المتحدة: "أولاً، فُرضت علينا رسوم جمركية بنسبة 10%... رُفعت إلى 15%، ثم أُدرجنا ضمن الدول الـ36 التي كان من المقرر فرض حظر على تأشيراتها"، وهذا يُفسر بوضوح شدة الضغوط.
وبعدها أعادت السلطات الغانية مهاجرين إلى بلدهم الأصلي، رغم أن نيجيريا وغامبيا لم توقعا بعدُ اتفاقيةً كهذه مع واشنطن، أما الأحد عشر الآخرون، فقد نُقلوا إلى معسكر بونداسي العسكري.
كما أنه على الرغم من الإجراءات المتخذة أمام المحاكم الغانية لإطلاق سراحهم، أُرسل ستة من المرحّلين الأحد عشر إلى توغو بين 20 و21 سبتمبر.
وترتفع حدة المخاوف مع احتمال تكرار هذا النوع من الطرد، إذ ينتظر نحو أربعين شخصًا حاليًا ترحيلهم من الولايات المتحدة إلى غانا. وأوضح وزير الخارجية الغاني "لم تتلقَّ أكرا أي أموال أو تعويضات أو مزايا مادية بموجب هذه الاتفاقية. قرارنا مبني على أسس ومبادئ إنسانية بحتة".
ولم تكن غانا الدولة الأفريقية الوحيدة التي وافقت على تولي دور الطرف الثالث في استضافة موجات الترحيل التي تفرضها إدارة ترامب.
وبعض هذه الاتفاقيات كانت مدرجة على جدول أعمال المناقشات التي عُقدت خلال القمة الرئاسية في واشنطن من 9 إلى 11 يوليو، حيث استخدم الرئيس الأمريكي التهديد بزيادة الرسوم الجمركية للضغط على رؤساء دول القارة. وعلى هامش هذه المناقشات، عُقد العشاء الذي جمع رؤساء الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال مع دونالد ترامب .
وبعد شهرين، لا تزال الضغوط الأمريكية المكثفة مستمرة خلف الكواليس، وسط معارك دبلوماسية حول حظر السفر وقيود التأشيرات الأخرى التي فرضتها واشنطن.
وحاليا وافقت خمس دول على استقبال الرعايا الأجانب المرحّلين من قِبل السلطات الأمريكية، وهي جنوب السودان وأوغندا ورواندا وأيسواتيني، وكما هو الحال في غانا، فإن المرحّلين الذين "استقبلتهم" هذه الدول ليسوا مواطنيها.
وفي منتصف يوليو استقبلت إيسواتيني فيتناميين ولاوسيين ويمنيين وكوبيين وجامايكيين، حيث تؤكد منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن إيسواتيني حصلت على 5.1 مليون دولار كجزء من هذه الاتفاقية التي تهدف إلى "تعزيز قدرات البلاد في إدارة الحدود والهجرة"، ويبدو أنه تم تحديد عتبة 160 شخصًا مطرودًا من الولايات المتحدة.
من جانبها، ستحصل رواندا على 7.5 مليون دولار مساعدات أمريكية، مقابل "استقبال" 250 شخصًا طردتهم واشنطن.