صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين
تصاعدت التوترات بين تايلاند وكمبوديا، وسط مخاوف من انزلاق الصراع إلى حرب حدودية مفتوحة في منطقة جنوب شرق آسيا.
وتعيد الاشتباكات الحدودية الدامية إلى الأذهان صراعاً قديماً على منطقة حدودية تضم مواقع ذات رمزية تاريخية ودينية، أبرزها معبد "براسات تا موين توم".
وبينما يحمّل مراقبون الجغرافيا، والسيادة، مسؤولية التصعيد، يحذّر آخرون من وجود أصابع خارجية تسعى إلى إشعال النزاع، وسط اتهامات مبطنة لواشنطن بالسعي إلى إرباك الصين في محيطها الإستراتيجي، ضمن لعبة صراع النفوذ بين القوى الكبرى.
وأعلن الجيش التايلاندي، أخيراً، أن الضربات الجوية التي شنتها القوات الكمبودية أسفرت عن مقتل 9 أشخاص، بينهم طفل في الثامنة من عمره، وإصابة 14 آخرين، في تصعيد هو الأشد منذ نحو 15 عاماً، بحسب ما نقلته وكالة "فرانس برس".
كما شهدت تايلاند سلسلة هجمات دامية في شمال شرق البلاد، حيث قُتل 6 أشخاص قرب محطة وقود في محافظة سيساكيت، واثنان في محافظة سورين، إضافة إلى قتيل في مقاطعة أوبون راتشاثاني.
ويرى المختص في الشؤون الآسيوية، الدكتور محمد بايرام، أن ما يجري بين كمبوديا وتايلاند يمثل تصعيداً عسكرياً خطيراً في منطقة حدودية متنازع عليها بين البلدين، أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وأوضح بايرام، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الخلفية التاريخية لهذا التصعيد تعود إلى صراع طويل الأمد على منطقة حدودية تضم مواقع ذات أهمية تاريخية ودينية، أبرزها معبد "براسات تا موين توم"، مشيراً إلى أن كمبوديا تتهم تايلاند بخرق الاتفاقيات وإلقاء قنابل داخل أراضيها.
وأشار بايرام إلى أن تايلاند، من جانبها، أغلقت جميع المعابر الحدودية مع كمبوديا، وسحبت سفيرها، ودعت مواطنيها إلى مغادرة الأراضي الكمبودية، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بشأن إشعال الاشتباكات، موضحاً أن أصل النزاع يعود إلى خلافات حدودية قديمة منذ تفكك الاستعمار الفرنسي، حيث تشمل المنطقة المتنازع عليها معابد تعود لحضارة "الخمير"، وشهدت المنطقة مواجهات مشابهة في عامي 2008 و2011.
وبيّن بايرام أن العلاقات بين البلدين تشهد توتراً متصاعداً منذ مايو الماضي، حين قُتل جندي كمبودي في اشتباك مسلح، وأُصيب جنود تايلانديون بلغم أرضي داخل المنطقة المتنازع عليها.
ولفت إلى أن هذا التوتر أسفر عن خفض مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجانبين، وسط حشد كل طرف للرأي العام الدولي، في ظل مخاوف من تصعيد قد يقود إلى حرب حدودية شاملة، ما يعيد نزاعاً قديماً إلى الواجهة، ويهدد المنطقة بأزمة إقليمية ما لم تُبذل جهود وساطة دولية لاحتوائه.
بدوره، يقول الخبير في العلاقات الدولية، راضي إسماعيل، إن مؤشرات هذا الصدام كانت قائمة منذ فترة، وتجددت أكثر من مرة، لكنها وصلت، اليوم، إلى مرحلة حرجة تمثلت في سقوط ضحايا بهذا الشكل الدموي.
وأضاف إسماعيل، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك مخاوف حقيقية من تصعيد محتمل في الأيام المقبلة، خاصة في ظل الإدارة الجديدة في كمبوديا، التي قد تلجأ إلى ردود فعل حادة، ما قد يؤدي إلى تصاعد خطير في وتيرة المواجهات.
وأشار إسماعيل إلى أن جوهر الأزمة يكمن في التساؤل عن الجهة التي تقف وراء هذا التصعيد، ملمحاً إلى الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تأزيم الوضع في المناطق المحيطة في الصين، ومنع الاستقرار في محيطها الإستراتيجي، بحسب تعبيره.
وتابع أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى إلى خلق توترات في عدة دول بجنوب شرق آسيا، في سياق نهج سياسي اتبعته واشنطن خلال السنوات الماضية، يقوم على تقديم أشكال مختلفة من الدعم لتايلاند، رغم علاقاتها الجيدة مع الصين.
وتوقع إسماعيل أن تصب هذه المواجهات التي تقترب من حدود الحرب، في إطار إستراتيجية أوسع تتبعها إدارة ترامب تقوم على "إعادة تدوير الصراعات" وتوسيعها في مناطق قريبة من الصين، للضغط على بكين ضمن مسار الحرب الباردة، والعمل في الوقت نفسه على إشغالها بقضايا تمس أمنها القومي المباشر.