logo
العالم

ورقة ضغط أم "إعلان حرب".. العقوبات الغربية تعقّد الصراع مع روسيا

حقل نفطي لشركة "لوك أويل" الروسية المشمولة بالعقوبات الأخيرةالمصدر: رويترز

"سلوك غير ودي"، هكذا وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات الأمريكية الأوروبية الجديدة على بلاده، بعد إعلان عقوبات أمريكية ضخمة، وحزمة أوروبية جديدة حملت الرقم 19، لتكون الأكبر ضمن سلسلة عقوبات جعلت روسيا أكثر البلدان تعرضاً للعقوبات في التاريخ الحديث.

لكن تصريحات بوتين وتحذيراته من "رد ساحق" على أي هجوم كشفت أيضاً أن العقوبات الجديدة لم تكن فقط "سلوكاً غير ودي" بل ربما تصل إلى مستوى "إعلان حرب"، خاصة أنها توسعت "نوعياً" هذه المرة لتقترب من إطباق الخناق على الاقتصاد الروسي، إذ طالت قطاع الغاز الوارد إلى أوروبا، إضافة إلى الدول التي قد تحاول فك الطوق، خاصة الصين والهند، وهما من أكبر مستوردي النفط والغاز الروسيين.

فما الجديد في العقوبات الغربية؟ وإلى أين قد تصل تأثيراتها؟

أخبار ذات علاقة

الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي يقر الحزمة الـ19 من العقوبات على روسيا

29 ألف عقوبة

ربما لم يختبر بلد في التاريخ الحديث حجم عقوبات كتلك التي طالت روسيا، إذ تشير إحصاءات نشرها إعلام روسي إلى أن نحو 29 ألف عقوبة، وإجراء تقييدي، فرضتها دول أخرى على روسيا، معظمها جاء بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، في فبراير عام 2022.

ورغم أن العقوبات التي بدأت تنهال على روسيا تباعاً، ومنذ الساعات الأولى للحرب، شملت كل جوانب الحياة، فإن استهداف قطاع الغاز بقي محدوداً، نظراً إلى أن أوروبا كانت تعتمد عليه بشكل كبير، وشهد عام 2022 إصدار 8 حزم من العقوبات الأوروبية التي استثنت الغاز بشكل مؤقت، لتجنب أزمة في الطاقة.

وتشير إحصاءات نشرتها "بلومبرغ" إلى أن نحو 15% من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال تأتي من روسيا، (كانت النسبة نحو 40% قبل الحرب الأوكرانية)، وهو ما يجعل روسيا ثاني أكبر مورد للغاز إلى أوروبا بعد الولايات المتحدة، كما يجعل كلاً من روسيا والاتحاد الأوروبي في حاجة متبادلة للغاز، رغم العداء، إلى أن تصل دول الاتحاد مرحلة تستطيع فيها التخلي عن الاعتماد على الغاز الروسي، وهو ما ألمح إليه الرئيس الروسي في تعليقه اليوم على العقوبات، حين أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يلزمه مزيد من الوقت قبل أن يكون قادراً على التخلي عن الغاز الروسي.

لكن العقوبات الأخيرة التي أقرتها دول الاتحاد تقول شيئاً آخر، إذ إن وقف تلك الواردات يهدد عائدات الغاز الروسية التي تغطي نحو 40% من الميزانية العامة لروسيا، وإن كانت روسيا تعتمد على أسواق أخرى أبرزها نحو الصين والهند، فيبدو أن العقوبات الجديدة ستهدد ذلك المنفذ أيضاً.

تناغم أمريكي أوروبي

فيما بدا أنه تناغم بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، طالت العقوبات أيضاً شركات صينية وهندية.

أخبار ذات علاقة

سكوت بيسنت

بسبب أوكرانيا.. أمريكا تفرض عقوبات على أكبر شركتين للنفط في روسيا

ولم تقتصر العقوبات الأمريكية على تجميد أصول "روسنفت" و"لوك أويل"؛ وهما أكبر شركتي نفط روسيتين، بل إن العقوبات تمنع الشركات والأفراد من التعامل معهما، وهي إجراءات تشمل عقوبات على عشرات الشركات التابعة للشركتين، كما تطال شركات أخرى تتعامل معهما وبما يشمل المصارف التي تُسهّل مبيعات النفط الروسي في الصين والهند وتركيا، حسبما ذكرت صحيفة "الغارديان".

وفي أول تأثير للعقوبات، علّقت شركات نفط حكومية صينية كبرى مشترياتها من النفط الروسي المنقول بحراً، حسبما نقلت وكالة "رويترز" مساء اليوم عن مصادر تجارية، وأضافت أن ذلك يأتي في وقت تستعد فيه مصافي التكرير في الهند، أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحراً، لخفض وارداتها من النفط الخام من موسكو بشكل حاد، امتثالاً للعقوبات الأمريكية.

وإن كانت الحرب في أوكرانيا هي السبب المعلن للعقوبات وتوسيعها، فقد أعلنت الصين رفضها للعقوبات على الشركتين الروسيتين، وقالت الخارجية الصينية إن بكين لم تتسبب بالأزمة الأوكرانية وليست طرفًا فيها، واعتبرت بكين أن تلك الإجراءات قد تؤدي إلى زيادة التوترات في الأسواق العالمية للطاقة وتضر بالاقتصاد العالمي.

تحوّل نوعي

وإن كانت العقوبات السابقة على روسيا أدت إلى تراجع في عملتها، وتركت آثاراً على اقتصادها، فإن تشديد العقوبات الغربية ستكون له آثار أخطر على الاقتصاد الروسي، إذ إن إنتاج شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" يشكل نحو نصف صادرات الخام الروسي، حسب "بلومبرغ" التي ذكرت أن التوقعات تشير إلى أن روسيا ستعاني خسائر بنحو مليار ونصف المليار دولار شهرياً بسبب تراجع إمدادات الشركتين.

ومع التهديد بعقوبات تطال الشركات التي قد تتعامل مع الشركتين الروسيتين، سيكون أمام موسكو الاعتماد أكثر على "أسطول الظل" لبيع النفط عبر وسطاء، وهو ما يعني واردات أقل.

ورغم الآثار المرتقبة، حاولت موسكو التقليل من أهمية العقوبات الجديدة، واستذكر بوتين أن ترامب في ولايته الأولى فرض "أكبر عدد من العقوبات على الإطلاق" ضد بلاده.

وأشار بوتين إلى أن آثار العقوبات قد تمتد حتى إلى الولايات المتحدة، قائلاً إنها ستؤدي إلى "ارتفاع حاد في أسعار النفط والمنتجات البترولية، بما في ذلك في محطات الوقود.. والولايات المتحدة ليست استثناء".

لكن الرئيس الروسي، وفي إشارة إلى أن حدود الحرب قد تتسع أكثر، أعاد في هذا السياق الحديث عن "رد مدوٍ" إن تعرضت بلاده لهجمات بصواريخ "توماهوك" الأمريكية بعيدة المدى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC