في ظل تصاعد الهجمات الروسية على الجبهة الجنوبية، تكثف أوكرانيا جهودها لزرع الألغام باستخدام طائرات مسيّرة معدلة، في إطار استراتيجية تهدف إلى تقليل التفوق العددي الروسي ومنع اختراقات ميدانية.
وبحسب تقرير صحيفة "لوموند" الفرنسية، أنشأت القوات الأوكرانية ورشًا سرية في ريف زابوروجيا، داخل منازل مهجورة قريبة من خطوط المواجهة، حيث يتم تصنيع الألغام، العبوات الناسفة، والطائرات المسيّرة الهجومية.
ويقود أولكسندر، الملقب بـ"ساه"، الفرقة الآلية الثالثة والعشرين التي تضم 120 جنديًا، من بينهم طيارون وخبراء متفجرات. وقال ساه: "منذ بدء محادثات وقف إطلاق النار، زادت الهجمات الروسية بشكل ملحوظ في قطاعنا. نحن نعتمد الآن على زرع الألغام بواسطة المسيّرات لتعطيل تحركاتهم".
تعتمد الاستراتيجية الأوكرانية على طائرات "فامباير" المسيّرة القادرة على حمل عبوات ناسفة مضادة للدبابات، حيث يتم إخفاؤها بعناية لتجنب رصدها من الطائرات الروسية. وقد تمكنت وحدة صغيرة أخيرا من تعطيل رتل روسي مكون من تسع آليات باستخدام طائرة مسيّرة واحدة، ما سمح للقوات الأوكرانية باستهدافه بنجاح، وفق التقرير.
وفي قرية مجاورة، يشرف الجندي فياتشيسلاف، الملقب بـ"سكيف"، على ورشة لتصنيع الألغام اليدوية، حيث يستخدم مواد محلية وأدوات بسيطة لتحضير عبوات ناسفة متطورة.
وقال سكِيف: "نبتكر باستمرار لمواجهة قوة العدو، وقد خفض زرع الألغام بنسبة 60٪ التسللات الليلية في قطاعنا".
أضاف سكِيف أن الفرقة أنشأت مركز تصنيع إضافيًا، إذ تعمل ثماني طابعات ثلاثية الأبعاد لإنتاج مكونات الألغام والطائرات المسيّرة على مدار الساعة.
وأوضح سكِيف أن "أكثر من 90٪ من عمليات زرع الألغام تتم الآن عبر المسيّرات، بينما تراجع دور فرق المهندسين التقليدية بشكل كبير".
وأكد القائد ساه أن الوضع ما زال خطيرا، مشيرًا إلى أن الروس ما زالوا يفتقرون إلى العتاد اللازم لشن هجوم شامل، لكنه أضاف أن الاستعدادات جارية.
في هذا السياق، حذر الضابط الأوكراني السابق يوري جوديمينكو، الذي أصيب في معارك خاركيف عام 2022، من أن الألغام وحدها لن تكون كافية لصد الهجوم الروسي المحتمل، مشددًا على ضرورة دعم العمليات البرية والمدفعية والطائرات المسيّرة.
ومع اتساع رقعة الأراضي المزروعة بالألغام، يقول التقرير إن أوكرانيا تواجه أزمة حقيقية، إذ يقدر نائب مدير مركز إزالة الألغام الإنساني، أندري داتسيوك، أن 23% من الأراضي الأوكرانية ملوثة، مع وجود عشرات الملايين من الألغام.
وفي رده على تعارض ما يقومون به مع توقيع أوكرانيا على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام المضادة للأفراد في 2005، أكد داتسيوك أن "الاعتبارات الأخلاقية لا مكان لها عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الوطن".