تستعد الحكومة البريطانية لإغلاق الفنادق التي كانت مأوى مؤقتا للمهاجرين، والبدء في نقلهم إلى ثكناتٍ عسكرية سابقة، عقِب تحوّل هذه الفنادق إلى بؤر احتجاج وغضب مجتمعي.
وكشفت "تلغراف" البريطانية أن هذه الخطوة التي ستُقدَّم باعتبارها "حلاً عمليًا"، تحمل في طياتها رسالة سياسية مزدوجة، تطمين الداخل الغاضب من تكاليف "الإقامة الفاخرة"، وإثبات الجدية أمام الشركاء الأوروبيين بأن لندن تسيطر على حدودها.
ومن جهته، قال وزير الدفاع البريطاني في مقابلة مع برنامج Sunday Morning على قناة "سكاي نيوز"، إنه يعمل بالتنسيق مع وزارة الداخلية لإدخال مخططين عسكريين إلى قيادة الحدود، ضمن خطة لإدارة ملف المهاجرين في المرحلة المقبلة.
وأوضح أن الحكومة تدرس استخدام مواقع عسكرية وأخرى غير عسكرية كمراكز إيواء مؤقتة للأشخاص القادمين عبر القوارب الصغيرة، ممن قد لا يملكون حق البقاء في البلاد أو يحتاجون إلى إجراءات سريعة لتحديد مصيرهم، سواء بمنحهم حق الإقامة أو بترحيلهم، على غرار ما جرى مع "الأعداد القياسية" التي تم ترحيلها خلال العام الماضي.
لكن الجانب الأكثر حساسية يظهر في المفاوضات الجارية مع ألمانيا؛ إذ تسعى بريطانيا إلى إبرام اتفاق "واحد مقابل واحد"، شبيه بما جرى مع فرنسا.
ويرى الخبراء أنه هذا الاتفاق، يقضي بترحيل أعداد محدودة من المهاجرين إلى برلين مقابل استقبال لندن لطالبي لجوء مسجلين لم يحاولوا عبور المانش.
وتكشف مصادر مطّلعة أنه وبينما يبدو الاتفاق في ظاهره تبادلاً متوازنًا، لكنه في الواقع يعكس اعتمادًا متزايدًا على أوروبا لإدارة أزمة داخلية؛ ما قد يُثير تساؤلات عن مدى استقلالية القرار البريطاني بعد "بريكست".
ويعتقد مراقبون أن الجدل السياسي لا يقل سخونة عن السجال الدبلوماسي؛ فالحكومة تجد نفسها في سباق مع اليمين المحافظ وحزب الإصلاح، اللذين يُزايدان بخطابات أكثر تشددًا، من دعوات لتحويل المهاجرين إلى "معتقلات بدائية" وصولاً إلى إغلاق الباب تمامًا أمام طالبي اللجوء، وفي المقابل، يحذّر نشطاء منظمات إنسانية من أن تحويل الثكنات إلى مساكن مؤقتة لا يختلف كثيرًا عن تحويلها إلى "سجون مقنّنة".
أما في الخارج، فإن شركاء لندن يدركون أن أي تعثر في هذا الملف قد يتحوّل إلى أزمة ثقة تهدد الشراكات الاقتصادية والسياسية.
وفي السياق، يتجاوز هذا القرار مجرد إغلاق فنادق وفتح ثكنات؛ إذ يعد اختبارًا لمصداقية حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر في التوفيق بين التزاماتها الدولية وضغوطها الداخلية، وبين خطابها الإنساني وإجراءاتها الأمنية، وما بين ألمانيا وفرنسا من جهة، والرأي العام البريطاني من جهة أخرى، يجد رئيس الوزراء نفسه أمام معادلة معقدة "هل يمكنه معالجة أزمة الهجرة دون أن يترك انطباعًا بأن بريطانيا تخلت عن قيمها؟"