logo
العالم

تركيا وبريطانيا.. هل تمهد صفقة "اليوروفايتر" لعودة أنقرة إلى حضن أوروبا؟

مقاتلات يوروفايترالمصدر: رويترز

اعتبر خبراء في الشؤون الأوروبية والعلاقات الدفاعية أن الصفقة العسكرية الكبرى التي وقعتها تركيا مع بريطانيا لشراء 20 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون" بقيمة تقترب من 11 مليار دولار لا تمثل مجرد خطوة تقنية لتحديث الأسطول الجوي التركي.

وأشار الخبراء إلى أنها "رسالة سياسية مركبة" موجهة إلى واشنطن من جهة، وإلى الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، في لحظة حساسة تشهد فيها أنقرة إعادة تموضع دبلوماسي داخل منظومة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

والصفقة، التي وقعت في أنقرة بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وصفت في لندن بأنها "أكبر عقد لبيع طائرات قتالية منذ جيل"، إذ تضمن الاتفاق تسليم أولى المقاتلات بحلول عام 2030، وتوفير نحو 20 ألف وظيفة في بريطانيا. 

أما أردوغان، فاعتبر الاتفاق "رمزًا جديدًا للشراكة الاستراتيجية بين تركيا والمملكة المتحدة"، مؤكدًا أنه يشكل ركيزة أساسية في مشروع بلاده لتحديث القوات الجوية التركية بعد تعثر صفقة طائرات "إف-35" الأمريكية.

 

أخبار ذات علاقة

مقاتلة "يوروفايتر تايفون"

"صداع".. إسرائيل تنظر بقلق لصفقة مقاتلات "يوروفايتر تايفون" التركية

رسالة ضغط على واشنطن لإعادة فتح ملف الـF-35

من جانبه، قال الباحث الفرنسي باتريس مويوفر الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، والمتخصص في شؤون تركيا والدفاع لـ"إرم نيوز"، إن أنقرة "تستخدم الصفقة مع لندن كورقة ضغط محسوبة على الإدارة الأمريكية".

وأضاف أن تركيا لم تتخل أبدًا عن طموحها للعودة إلى برنامج الـ إف-35، لكنها في الوقت ذاته تعلم أن ذلك لن يحدث إلا إذا أعادت واشنطن تقييم علاقتها مع أنقرة بعد أزمة الصواريخ الروسية إس- 400.

ورأى أن توقيع عقد اليوروفايتر هو رسالة غير مباشرة إلى البيت الأبيض بأن تركيا تملك بدائل غربية، وأن تجاهلها لم يعد ممكنًا داخل الناتو".

واعتبر مويوفر أن "لجوء أردوغان إلى بريطانيا، بدلاً من الولايات المتحدة، يعكس رغبته في إظهار قدر من الاستقلالية الاستراتيجية عن واشنطن، مع الحفاظ على موقع بلاده كقوة جوية رئيسة في الجناح الجنوبي للحلف الأطلسي".

وأشار إلى أن الصفقة الدفاعية بين أنقرة ولندن قد تتجاوز بعدها العسكري البحت لتصبح أداة سياسية بيد تركيا في مسعاها المتجدد نحو تطبيع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. 

وأوضح مويوفر أن رفع ألمانيا لفيتوها على الصفقة في يوليو الماضي لم يكن مجرد تنازل تقني، بل "مؤشر على انفتاح أوروبي مشروط" تجاه تركيا بعد سنوات من الجفاء.

 

أخبار ذات علاقة

مقاتلة يورو فايتر

بريطانيا: مفاوضات صفقة اليوروفايتر مع تركيا مستمرة

أنقرة بين لندن وواشنطن... توازن أم مناورة؟

ورأى الباحث الفرنسي أن الصفقة تمثل جزءًا من استراتيجية "التحوط المتوازن" التي يتبعها أردوغان منذ سنوات، إذ يسعى إلى توسيع هامش استقلالية بلاده دون قطع الجسور مع الغرب، ومع أن أنقرة لا تزال تستورد أنظمة دفاعية من روسيا، فإنها في الوقت ذاته تعزز شراكاتها الدفاعية مع بريطانيا وأوروبا.

ولفت مويوفر إلى أن "أنقرة ترسل رسالة واضحة: من لا يبيع لنا السلاح، سنشتريه من خصومه أو منافسيه".

رهان أوروبي على أنقرة: الأمن مقابل التوازن

من جانبها، قالت إليز ماسيكار الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي ومعهد العلوم السياسية في باريس ومتخصصة في علم الاجتماع السياسي لتركيا لـ"إرم نيوز"، إن الصفقة تمثل "توازنًا دقيقًا بين المصالح الدفاعية الأوروبية والرغبة في إبقاء تركيا ضمن المدار الغربي".

وأضافت ماسيكار أن "بريطانيا أرادت إرسال إشارة مزدوجة: أولاً، إلى تركيا لتأكيد أن أوروبا لا تزال شريكًا عسكريًا موثوقًا؛ وثانيًا، إلى واشنطن بأن لندن قادرة على لعب دور الوسيط بين أنقرة والحلف الأطلسي. 

وتابعت: "إن ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، المشارِكة في كونسورتيوم تصنيع الطائرة، وافقت على الصفقة بعد رفع برلين الفيتو، ما يعني أن أوروبا بدأت تتعامل مع تركيا ببراغماتية أكبر".

وأوضحت ماسيكار أن "التقارب التركي البريطاني في المجال الدفاعي يأتي في سياق ما بعد البريكست، حيث تسعى لندن لتعزيز نفوذها العسكري خارج الاتحاد الأوروبي عبر صفقات ضخمة تؤكد مكانتها كقوة أطلسية مستقلة".

 

أخبار ذات علاقة

مقاتلة يوروفايتر

صفقة ألمانية تركية.. "يوروفايتر" تغيّر "فلسفة الأمن" في أوروبا

ورأت الباحثة الفرنسية أن أنقرة "تستخدم التعاون الدفاعي كجسر لإعادة بناء الثقة مع أوروبا"، مضيفة أن "القيادة التركية تراهن على أن التحالفات الأمنية قد تمهّد لاحقًا لحوار سياسي واقتصادي أوسع".

وحذرت من أن الطريق ما زال طويلًا، لأن "القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ستظل العامل الحاسم في أي تقارب تركي-أوروبي مستقبلي".

بهذا المعنى، لا تبدو صفقة "اليوروفايتر" مجرد تحديث لأسطول جوي، بل مناورة استراتيجية متعددة الطبقات، تختبر قدرة أنقرة على التحليق مجددًا في الفضاء الأوروبي، سياسيًا هذه المرة، لا عسكريًا فقط.

أهداف أردوغان .. تحديث الجيش وتعزيز النفوذ الإقليمي

وتسعى أنقرة، إلى تحديث أسطولها الجوي الذي يضم مقاتلات من طراز F-16 الأمريكية، في وقت تواجه فيه قيودًا متزايدة على صادرات السلاح الأمريكية. 

كما تعمل تركيا على تطوير طائرتها الوطنية من الجيل الخامس، لكنها تحتاج في المدى القريب إلى دعم قدراتها الجوية عبر شراء مقاتلات متقدمة مثل اليوروفايتر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC