مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تجنَّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخوض في تفاصيل المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاصة بغزة، رغم عدم معارضته العلنية لها؛ ما يكشف أنه عالق بين ضغط واشنطن وتهديدات اليمين المتطرف، الأمر الذي يدفعه لكسب الوقت حفاظًا على حكومته، واستعدادًا لاحتمال انتخابات مبكرة.
وبحسب "المونيتور"، فإن تزايُد الضغط الأمريكي وتصاعُد غضب اليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو، الذي يرافقه بطء متعمد في النقاشات، يعكس مأزقًا سياسيًا يحاول نتنياهو إدارته بحذر شديد.
وبينما تقوم خطة ترامب المعلنة في 29 سبتمبر، على 3 مراحل، تبدأ بوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وتسهيل المساعدات، وصولًا إلى انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي ونزع سلاح حماس، ثم إعادة إعمار غزة بإشراف مجلس سلام تمهيدًا لقيام إدارة فلسطينية انتقالية، فإن المرحلة الثانية تحديدًا تُعد النقطة الأكثر حساسية؛ إذ تضع نتنياهو بين التزامه بضغط واشنطن ورغبته في الحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني.
ويعتقد الخبراء أن قرارات نتنياهو الأخيرة كشفت عمق هذا التعقيد، خاصة حين ضمّ وزيرَي اليمين المتطرف إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، إلى الفريق المكلّف بمتابعة المرحلة الثانية؛ في خطوة اعتبرها كثيرون إشارة واضحة إلى أن احتمالات تنفيذها تتضاءل، خصوصًا أن كلا الوزيرين يرفض أي خطوة قد تسمح ببقاء "حماس" أو تمهّد لمسار سياسي يقود نحو دولة فلسطينية مستقلة.
ورغم تصاعد الضغوط الأمريكية، بدا أن نتنياهو يراهن على كسب الوقت؛ فالإدارة الأمريكية دفعت أولى خطوات المرحلة الثانية من خلال قرار مجلس الأمن الصادر في 17 نوفمبر، والمتعلق بقوة استقرار دولية في غزة، لكن إسرائيل تشترط استعادة جثامين 3 من رهائنها قبل المضي في أي تقدم، وهو شرط يعرقل – عمليًا – بدء تطبيق الخطة.
بالنسبة لنتنياهو، التحديات الداخلية لا تقل إلحاحًا؛ فإقرار الميزانية والتعامل مع ملف إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية يضغطان عليه سياسيًا، بينما تلوح في الأفق احتمالات انتخابات مبكرة.
وفي هذا السياق، يدرك نتنياهو أن أي انفراط في ائتلافه الحالي قد يعني نهايته السياسية، ورغم أن ترامب خفّض مستوى الضغط، مؤخرًا، بسبب انشغاله بالملف الأوكراني، فإن مراقبين يرون أن إعادة التركيز على غزة مسألة وقت؛ ما سيجعل مساحة مناورة نتنياهو تضيق أكثر، وفي الوقت نفسه، فإن اليمين المتطرف لن يمنحه أي غطاء إذا شعر أن الخطة تمضي باتجاه نزع سلاح حماس دون القضاء عليها، أو نحو أي صيغة سياسية تمنح الفلسطينيين مسارًا نحو دولة مستقلة.
وبين هذه الضغوط المتوازية، يواصل نتنياهو سياسة المماطلة، محاولًا تأجيل لحظة الحسم؛ فمع غياب أي توافق داخلي أو خارجي واضح حول مستقبل غزة، يتجه أحيانًا للغة مزدوجة: طمأنة واشنطن من جهة، وتهدئة وزرائه من جهة أخرى، بينما يستمر الجيش بتنفيذ عمليات عسكرية في غزة لكسب مزيد من الوقت وإبقاء النقاشات مفتوحة.
وفي النهاية، تبدو الأزمة أكثر من مجرد خلاف حول توقيت التنفيذ؛ إذ أصبحت معركة بقاء سياسي لنتنياهو، يخشى فيها أن يؤدي المسار الأمريكي إلى تفكيك حكومته، بينما يدرك، في الوقت ذاته، أن تجاهل الخطة بالكامل ليس خيارًا واقعيًا في ظل حسابات التحالفات الإقليمية والضغوط الدولية المتزايدة.