تطورات متسارعة قد تُنبئ بتحول في الموقف الأمريكي من الحرب الإيرانية الإسرائيلية، فبعد العديد من التصريحات النافية لرغبة واشنطن في الانضمام إلى تل أبيب في تصعيدها العسكري ضد طهران، وجّه البنتاغون "قدرات إضافية" إلى الشرق الأوسط.
وفي إشارة أخرى، كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يقطع مشاركته قمة مجموعة السبع بكندا، ويعود إلى واشنطن ليلًاًمع كشف صحيفة "نيويورك تايمز" أن "المغادرة السريعة" لترامب كانت لبحث "قرار حاسم" بشأن الصراع بين طهران وتل أبيب.
وبحسب "سي إن إن"، فقد تفاقم الشعور بتصاعد أزمة سياسية وأمنية وطنية متشابكة، نتيجة لقرار ترامب المفاجئ بمغادرة قمة مجموعة السبع في غرب كندا مساء الاثنين، خصوصًا بعد تصريحه في تبريره لمغادرته السريعة "يجب أن أعود مبكرًا لأسباب واضحة. إنهم يتفهمون. هذا أمر بالغ الأهمية".
لكن في أحدث وأوضح تصريح، بعد عودته إلى واشنطن، نقلت وكالة "رويترز" عن ترامب قوله إنه "سيتم القضاء على البرنامج النووي الإيراني"، وسيسعى لـ "نهاية حقيقية" للصراع بين تل أبيب وطهران.
وتتطابق أحدث تصريحات الرئيس الأمريكي، مع ما كانت كشفت "نيويورك تايمز" عنه من أن ترامب بات أمام خيارين فقط، دبلوماسية الفرصة الأخيرة، أو قنبلة خارقة للتحصينات، في إشارة منح إسرائيل قنبلة GBU-57 التي تحتاجها لتدمير منشأة فوردو الحصينة.
وهو ما تذهب إليه أيضًا شبكة "سي إن إن" التي قالت إن تل أبيب ترسل إشارات واضحة، ومن خلال خلال كبار المسؤولين السابقين بأنها تأمل أن تنضم الولايات المتحدة في النهاية إلى الصراع، وتستخدم تفوقها العسكري الفريد لتدمير المجمع النووي الإيراني في فوردو، المدفون في أعماق الأرض.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، قوله إن الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس الولايات المتحدة "ملزمان بضمان أن المنطقة تسير في طريق إيجابي وأن العالم خالٍ من إيران التي تمتلك سلاحاً نووياً".
الإشارات نحو اقتراب ترامب من الاستجابة للضغط الإسرائيلي، والانخراط في صراع مباشر مع النظام الإيراني، ترى "سي إن إن" أنها باتت واضحة، إلى درجة خروج تحذيرات مضادة من أبرز صنّاع الرأي العام في الولايات المتحدة: مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون.
وقال كارلسون في برنامج "غرفة الحرب" الذي يقدمه بانون يوم الاثنين: "لا أريد أن تتورط الولايات المتحدة في حرب أخرى في الشرق الأوسط لا تخدم مصالحنا".
وتؤكد الأصوات العالية المعارضة لتدخل أمريكي أعمق على الإرث المؤلم لحربي العراق وأفغانستان، اللتين خلقتا قوى سياسية غذّت انتفاضة ترامب الشعبوية.
وتعكس الأصوات المتعددة التي تُهاجم ترامب خطورة قرار ستحمل عواقب تتجاوز العبء الثقيل المتمثل في إرسال عسكريين أمريكيين إلى الحرب.
مهما كان قراره، سيُطلق ترامب العنان لعواقب ستكون محورية لأمن إسرائيل، والشرق الأوسط الأوسع، وقوة الولايات المتحدة ونفوذها. لا يعلم ما إذا كان الهجوم الأمريكي على غرف تحت الأرض في فوردو سينجح أم سيُغرق واشنطن في صراع طويل الأمد.
ولم تنفصل تصريحات ترامب عن الواقع، إذ تزامنت مغادرته كندا، مع إعلان وزير دفاعه، بيت هيغسيث، إصدار توجيهات بنشر "قدرات إضافية" في منطقة الشرق الأوسط.
وقال هيغسيث، عبر منصة "إكس" إن "حماية القوات الأمريكية هي أولويتنا القصوى، وتهدف عمليات نشر تلك القدرات الإضافية إلى تعزيز وضعنا الدفاعي في المنطقة".
وبينما لم يتضح ما قصده هيغسيب، بـ "القدرات الإضافية"، كشفت وسائل إعلام أمريكية عن تحرك حاملة الطائرات "نيميتز" إلى الشرق الأوسط "دون تأخير".
واللافت أن "نيميتز" أجرت عمليات أمنية بحرية في بحر جنوب الصين الأسبوع الماضي ضمن الوجود الروتيني للبحرية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، قبل أن تغادر غربًا باتجاه الشرق الأوسط "المتوتر".