لوكاشنكو: صاروخ أوريشنيك الروسي الفرط صوتي نُشر في بيلاروس

logo
العالم

"ورقة الجنكة".. الصين تشعل سباق تسلح الجيل السادس بالمقاتلة الغامضة

المقاتلة J-36 الصينيةالمصدر: armyrecognition

في مشهد بدا وكأنّه إعلان مدروس عن دخول  الصين رسميًا عصر الجيل السادس من الطيران الحربي، ظهرت مقاتلة غامضة تُدعى "J-36" فوق ضواحي مدينة تشنغدو، تحلّق بثقة غير مسبوقة فوق المناطق السكنية.

المفارقة أن ظهور المقاتلة الصينية J-36 جاء بعد مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأراضي الصينية، وكأن بكين أرادت أن تقول لواشنطن: "نحن نتحاور على الأرض… لكننا نحلق فوقها أيضًا".

ففي 28 أكتوبر الماضي، كشفت صور حديثة عن النموذج الثاني من المقاتلة، بتعديلات جذرية شملت مداخل الهواء الجانبية ونظام العادم المتحكّم بالدفع المتّجه، ما يتيح للطائرة قدرة خارقة على المناورة وتغيير الاتجاه بزوايا حادة أثناء الطيران.

وأظهرت اللقطات إعادة تصميم معدات الهبوط، بما يزيد من مساحة الوقود الداخلية وحمولة الأسلحة، لتتحول J-36 من مشروع تجريبي إلى منصة قتالية متعددة الأدوار.

وبعد 3 أيام فقط، حلّقت J-36 في تشكيل مع مقاتلة "J‑20" الشهيرة، في لحظة اعتبرها الخبراء إعلانًا رسميًا عن جاهزية الصين لاختبار الجيل السادس ميدانيًا ضمن سلاحها الجوي.

المقاتلة الصينية الجديدة، التي أُطلِق عليها لقب "ورقة الجنكة" لتصميمها الماسي بلا زعانف خلفية بشكل يشبه ورقة "شجرة الجنكة الصينية"، وتُقدَّر كتلتها بنحو 40 طنًا، أي أكبر من المقاتلة الأمريكية "F-22".

تصميمها غير التقليدي يجعل بصمتها الرادارية شبه معدومة، بينما يمنحها نظام المحركات الثلاثة قدرة على التحليق بسرعات تفوق ماخ 1.5 دون استخدام الحارق اللاحق، أي بسرعة تفوق الصوت مع اقتصاد في الوقود يتيح لها البقاء في الجو لفترات طويلة.

ويرى الخبراء أنّ ظهور المقاتلة الصينية J-36 في سماء المناطق السكنية لم يكن مشهدًا عابرًا، بل رسالة مدروسة تكشف عن مرحلة متقدمة من اختبارات الجيل السادس في الصين، ورسالة مزدوجة تحمل طمأنة داخلية وإشارة ردع خارجية.

وقال الباحث الاستراتيجي، هشام معتضد، إن ما ظهر في الصور والفيديوهات المتداولة ليس حدثًا عابرًا، بل يمثل “مرحلة جديدة في تسارع اختبار منصات الجيل السادس” لدى الصين.

وأكد معتضد في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن التغييرات التصميمية بين النماذج تؤكد أن البرنامج الصيني بلغ طورًا متقدمًا من التقييم الهندسي والاختبار الديناميكي.

وأشار إلى أن التحليق فوق محيط مدني أو بالقرب من مرافق الإنتاج في تشنغدو يحمل رسالة مزدوجة: فهي داخلية لطمأنة الرأي العام حول تقدم الصناعة الدفاعية، وخارجية لعرض القدرات أمام الخصوم.

ويرى الباحث الاستراتيجي أن هذا الظهور يعزّز سردية الاعتماد الذاتي والتقدّم التقني التي تسعى بكين إلى ترسيخها، كما يشكّل إشارة واضحة لدوائر صنع القرار في أمريكا وحلفائها.

وأضاف أن التحليل الفني يشير إلى أن المقاتلة تنتمي إلى فئة الطائرات الثقيلة من الجيل القادم، بتصميم من دون زعانف رأسية واضحة، واحتمال اعتماد ثلاثي المحركات، إضافة إلى مآخذ هواء وعوادم مصمّمة لتقليل البصمة الرادارية والحرارية، وهي خصائص — إن صحت — توجهها نحو مهام السيطرة الجوية بعيدة المدى والعمليات الضاربة ضد أهداف أرضية وبحرية.

وأوضح هشام معتضد أن التحسينات بين النسخ المختلفة، بما في ذلك تعديل المآخذ والعوادم وترتيب عجلات الهبوط، تعكس انتقال المشروع من مرحلة إثبات المفهوم إلى الاختبارات الدقيقة التي تتناول مسائل الانسيابية والتبريد والتحكم الحراري.

وتابع: "المقاتلة قد تُستخدم لأدوار مركّبة تشمل السيطرة الجوية بعيدة المدى بفضل قدرتها على التخفي وحمل الوقود والذخيرة داخليًا، إلى جانب تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى، والعمل كمركز قيادة وتحكّم متحرك ضمن مفهوم النظام الشبكي الذي يدمج الطائرات المأهولة وغير المأهولة في منظومة واحدة".

وأضاف معتضد أن هذا التطوّر يفرض على أمريكا تسريع برامجها الجوية مثل NGAD وF/A‑XX، وتوسيع تحالفاتها الدفاعية لمواجهة القدرات الصينية المتنامية، لافتًا إلى أن الظهور التجريبي لا يعني الجاهزية القتالية الكاملة، إذ لا يزال المشروع في طور الاختبار الفني.

وأكد الباحث الاستراتيجي أن ظهور "J-36" بعد مغادرة ترامب كان رسالة سياسية بامتياز، تعكس توازنًا صينيًا بين "الانفتاح الدبلوماسي" و"الردع الاستراتيجي".

فالصين، بحسب قوله، أرادت التأكيد أن الحوار مع أمريكا لا يعني التراجع عن التحصين العسكري، بل السير في المسارين معًا.

ويعتبر أن إطلاق المقاتلة في هذا التوقيت "إعلان دبلوماسي بطابع عسكري" يعبر عن عقيدة بكين الحديثة التي تمزج بين النعومة السياسية والصلابة التقنية.

من جانبه، قال العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، إن المقاتلة الصينية الجديدة تتمتّع بقدرات استثنائية في التخفي والمناورة، متفوّقة — في بعض جوانب التقنية والذكاء الاصطناعي — على المقاتلة الأميركية "F-35".

وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هيكلها مصنوع من مواد تمتصّ الموجات الرادارية، ما يجعل رصدها أمرًا بالغ الصعوبة.

وأضاف أن أبرز نقاط ضعفها تكمن في السرعة، إذ لا تتجاوز سرعتها القتالية "2 ماخ"، وهي أقل من سرعة "F-35"، إلا أن تفوّقها في أنظمة التشويش الإلكتروني يعوّض ذلك، حيث يمكنها تعطيل كمّ كبير من الرادارات المعادية في وقت واحد، ما يمنحها ميزة تكتيكية في المعارك الجوية.

وأشار الخبير العسكري إلى أن المقاتلة قادرة على حمل أكثر من طنين من الأسلحة، من بينها صواريخ جو-جو وجو-أرض، ويمكن تجهيزها برؤوس نووية، كما يسمح نظام الدفع الخاص بها بحمل أوزان أكبر من نظيراتها الأميركية، مما يجعلها أكثر كفاءة في المهام الهجومية طويلة المدى.

وأشار العميد زهوي إلى أن التجارب السابقة أثبتت فاعلية المقاتلات الصينية في النزاعات الإقليمية، مثل الصراع الهندي-الباكستاني، حيث أظهرت أداءً متفوّقًا.

ويرى أن أمريكا، رغم تفوّقها العسكري، تواجه تحديًا حقيقيًا أمام هذا التطوّر المتسارع، خصوصًا في بحر الصين الجنوبي، حيث تستخدم بكين مقاتلاتها كأداة ردع وإظهار قوة أمام خصومها الإقليميين والدوليين.

وأشار إلى أن "J-36" ليست مجرد سلاح متطوّر، بل أداة استراتيجية تمثّل طموح الصين في تثبيت نفسها كقوّة جوّية عالمية قادرة على موازنة النفوذ الأميركي وحماية مصالحها الحيوية حول العالم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC