التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بنظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو مؤخرا في مينسك، عقب سلسلة من الزيارات الرفيعة التي عززت العلاقات الثنائية في المجالات التجارية والعسكرية؛ ما يفتح الباب نحو شراكة استراتيجية بين البلدين، وسط عزلة عالمية.
وكشف "جيمس تاون فاونديشن"، أن هذا اللقاء شهد توقيع 12 وثيقة تعاون لتعميق الشراكة في السياسة والسياحة والإعلام والاستثمار والمناطق الاقتصادية والصناعية الخاصة، إضافة إلى بيان مشترك يعد بتطوير نموذجٍ لشراكة تاريخية بين البلدين.
يعتقد الخبراء أن الشراكة بين إيران وبيلاروسيا تعود إلى اتفاق تعاون استراتيجي في عام 2007، حيث حصلت الأخيرة على النفط الإيراني، بينما استفادت طهران من خبرة مينسك النووية، ومع ضغوط الغرب في أواخر عام 2010، تعزَّز تحالفهما وتعمّق بعد بدء الحرب الروسية في أوكرانيا؛ إذ أصبحت العلاقات أكثر استراتيجية وأقل تجارية، مع اعتمادٍ متبادل في مواجهة العقوبات الغربية.
وشهدت السنوات الأخيرة توسيع التعاون العسكري، بدءا من مذكرة الدفاع بين البلدين في عام 2023، مرورا باتفاق التعاون الدفاعي في مارس 2025، وزيارة نائب رئيس الأركان البيلاروسي لطهران في مايو، كما أظهرت التقارير اهتمام بيلاروسيا بتصنيع الطائرات المسيّرة الإيرانية "شاهد" بالقرب من الحدود مع أوكرانيا؛ ما يعكس التقاء المصالح العسكرية واللوجستية.
وإلى جانب الشق العسكري، يشمل التعاون الإيراني-البيلاروسي مجالاتٍ بما فيها العلوم والتكنولوجيا والطب والمعدات الطبية والميكروبيولوجيا والنانو تكنولوجي والطاقة، وفي عام 2024، تم تأسيس مكاتب تجارية دائمة لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وتعزيز استخدام العملات المحلية؛ ما يُبرز السعي لتعزيز الاستقلال الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
انضمت كلٌّ من إيران وبيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون و"بريكس" بين 2023-2024؛ ما يعكس استراتيجية كلا البلدين للاتجاه شرقا كبديل بعيدا عن النفوذ الغربي، وتعزز هذه الشراكة علاقاتهما الوثيقة مع موسكو اقتصاديا وسياسيا، بما في ذلك التعاون مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والاتفاقية الحرة بين إيران والاتحاد، وربط الطرق والممرات التجارية مثل "الممر الشمالي-الجنوبي" بين روسيا وإيران والمحيط الهندي.
ومن المتوقع أن يستمر تقارب إيران وبيلاروسيا؛ مدفوعا بالانتماء المشترك للمنظمات متعددة الأطراف، وعلاقاتهما الوثيقة مع روسيا، والسعي إلى عالم متعدد الأقطاب يحد من النفوذ الغربي، كما أن توافقهما على الرؤى الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية يجعل من هذه الشراكة عنصرا ثابتا في مشهد العلاقات الدولية المعقد.