مقتل 8 أشخاص بغارات أمريكية على 3 مراكب في شرق المحيط الهادئ
أثارت تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان جدلاً واسعًا أوروبيًا وعالميًا، بعد أن أقر باستحالة انتصار أوكرانيا على روسيا عمليًا، مؤكدًا أن الغرب خسر الحرب بالوكالة على الأراضي الأوكرانية، وأن القادة الأوروبيين لا يجرؤون على الاعتراف بهذه الحقيقة.
وفقاً لمراقبين، أعادت تصريحات أوربان رسم حدود التأثير الدبلوماسي في القارة الأوروبية، وأعطت موسكو فرصة لاستثمار الانقسام الأوروبي لمصلحتها.
وأشار أوربان إلى أن الادعاءات حول قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا «ليست مجرد سوء فهم بل كذبة»، موضحًا تفوق روسيا العسكري وعدد قواتها البرية، ومشيرًا إلى أن أوروبا أمام واقع لا يمكن تجاهله، حيث أصبح من الواضح أن استمرار الصراع بهذه الطريقة لم يعد في صالح الغرب.
كما دعا أوربان إلى إنشاء هيكل أمني أوروبي جديد يضم روسيا، مؤكداً ضرورة تقديم نظام يضمن الأمن لأوروبا وروسيا معًا كشرط لإنهاء الصراع، فيما انتقد سياسة الاتحاد الأوروبي الحالية، واصفًا إحجام بروكسل عن التفاوض مع موسكو بأنه «خطأ كارثي» قد يترك الآخرين يحددون مستقبل القارة.
رحبت موسكو بتصريحات أوربان، معتبرة أن أوروبا تركز على عرقلة عملية سلام حقيقية، فيما أثارت دعوته لإحياء تحالف فيشغراد بروح قومية محافظة قلق بروكسل، خوفًا من تأثير هذا التحالف على وحدة الموقف الأوروبي تجاه الصراع.
وفي الوقت نفسه، حذّر سياسيون أوكرانيون من أن أي تراجع في الموقف الأوروبي الموحد بشأن العقوبات سيُفسَّر في الكرملين على أنه علامة ضعف وانتصار سياسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي ملتزمًا رسميًا بدعم أوكرانيا، والغالبية الأوروبية ترفض موقف أوربان، ما يحد من تأثير تصريحاته على المدى القصير، لكنه يفتح الباب أمام إعادة تقييم التحالفات الأوروبية والدور الروسي في مسار التسوية المحتملة للصراع.
ويرى خبراء أن تصريحات قادة أوروبيين مثل فيكتور أوربان، التي تقر عمليًا بانعدام فرص أوكرانيا في هزيمة روسيا، منحت موسكو مكسبًا دبلوماسيًا واضحًا عبر إظهار الانقسام داخل الموقف الغربي، وإبراز التباين بين واقعية بعض القادة ورغبة الاتحاد الأوروبي في مواصلة الدعم طويل الأمد لكييف.
وفي هذا الإطار، قال خبير الشؤون الأوروبية كارزان حميد، إن الحرب الروسية الأوكرانية باتت تقترب من عامها الرابع، وإن القادة الأوروبيين ومعهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تباهى، سابقًا، بقدرته على وقف القتال خلال 24 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض، أدركوا أنهم أمام أزمة أشد تعقيدًا مما توقعوا.
وكشف في تصريحاته لـ«إرم نيوز» أن ما قاله رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يعكس واقعًا يفضّل كثير من القادة الأوروبيين تجنّب الاعتراف به، وهو أن أوكرانيا لن تربح المعركة وقد تخسر الحرب، وإذا أحسنت الحظ فستذهب إلى المفاوضات من موقع ضعيف إذا اضطرت إلى التفاوض المباشر مع موسكو.
وأشار حميد إلى أن داعمي كييف كانوا على علم، منذ البداية، بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عاجز عن إدارة المواجهة السياسية والعسكرية منفردًا، لافتًا إلى أن رهانهم الوحيد كان استنزاف قدرات الكرملين الاقتصادية والعسكرية والسياسية، «دون قراءة كافية للتاريخ أو استيعاب دروسه».
وأكد، أن تصريحات أوربان ليست طارئة؛ فمنذ اندلاع الحرب طالب بحلول دبلوماسية وسياسية، وظهرت معه أصوات أوروبية أخرى في الاتجاه ذاته، إلا أن الضغوط الاقتصادية والعقوبات السياسية دفعت دولًا عديدة إلى مراجعة مواقفها تجاه بروكسل، من بينها صربيا بعلاقتها التقليدية مع موسكو، واليونان التي انتقلت من التحالف الوثيق مع روسيا إلى الصمت حيال ما يجري.
ورأى المحلل السياسي، أن التكتل الأوروبي اختار الرهان على الحرب بدلًا من السلام، مشيرًا إلى أن حادثة محاولة خطف طائرة «سو–31» لضرب أهداف للناتو في رومانيا تمثل مؤشرًا على أن الغرب يستعد للانخراط المباشر في الصراع.
وأوضح، أن أي طرف لا يمكنه الانتصار في حرب متعددة المحاور، لكن العقل يفرض فهم العدو قبل فهم الذات، وفي نفس الوقت تبدو أوروبا وروسيا واقفتين على أعتاب مواجهة تنتظر فقط «الضغط على الزناد»، في وقت تدفع فيه الولايات المتحدة وبريطانيا القارة نحو هذا السيناريو لأهداف سياسية واقتصادية.
وأضاف أن هناك دولاً أوروبية تدفع باتجاه الحرب بدوافع تاريخية وسياسية تقوم على العداء لموسكو، وفي الوقت ذاته على رغبة في إعادة تشكيل قيادة التكتل بعيدًا عن الثقل التقليدي لألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا.
ولفت إلى وجود مخاوف أوروبية كبيرة تمنع الانزلاق الكامل إلى المواجهة، أبرزها غياب اليقين بشأن القدرات البشرية، وعدم وضوح الموقف الأمريكي، والتساؤلات حول رد الفعل الروسي إذا واجهت موسكو حصارًا متعدد الجبهات، وكذلك مواقف الحلفاء الآخرين إذا حُشدت قوات أوروبية قرب الحدود الروسية.
وأكد حميد، أن الدول التي ما زالت تطالب بحلول دبلوماسية وسياسية، رغم قلّتها، يمكنها ممارسة ضغط فعلي على كييف لتغيير الرئيس زيلينسكي بعد تسريب ملفات فساد مرتبطة بالمساعدات الدولية، بهدف اختيار قيادة أكثر قدرة على التفاوض وإدارة الأزمة دون الانفجار، مشددًا على أن الضغط الزائد يولّد الانفجار.
من جانبه، أوضح خبير الشؤون الروسية بسام البني، أن الدعاية الروسية تُجيد استثمار تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بشأن استحالة فوز أوكرانيا، ودعا إلى قراءة هذه المواقف في سياقها الأوسع، «وليس باعتبارها نصرًا دبلوماسيًا خالصًا لموسكو».
ورأى البني في تصريح لـ«إرم نيوز» أن المشهد الراهن يتسم بتداخل الرسائل السياسية وتشابك حسابات القوى الكبرى، وهو ما يمنح روسيا مساحة مناسبة لاستثمار الخطاب الأوروبي المتباين.
وقال إن اللحظة الحالية تبدو متناقضة، خاصة مع تصاعد التقييمات القاتمة لمسار الحرب والتي يظهر الاتحاد الأوروبي في المقابل أنه مستعدًا لتمويل دعم طويل الأمد لكييف، في انعكاسٍ لانقسام أوروبي بين واقعية سياسية ورغبة في لجم النفوذ الروسي.
وأشار ، إلى أن أوربان كرّر، مرارًا، أن أوكرانيا لا تمتلك أي فرصة لتحقيق النصر، مؤكدًا أن استمرار ضخ الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي «جنون» قد يلحق، بحسب وصف أوربان، أضرارًا اقتصادية بالقارة.
وأضاف البني أن أوربان يدعو، منذ مدة، إلى وقف الحرب، وفتح قنوات تفاوض مباشرة مع موسكو بعيدًا عن واشنطن، معتقدًا أن الظروف الراهنة تمنح روسيا أفضلية تفاوضية، معتبرًا الحديث عن هجوم روسي محتمل «غير منطقي»، في ظل التفوق العسكري والتحالفات الواسعة للناتو.
واعتبر أن روسيا، وسط هذا التباين الأوروبي وتزايد الانتقادات الداخلية لمواصلة الدعم، حققت انتصارًا دبلوماسيًا جديدًا يضاف إلى سلسلة مكاسب سابقة، نتيجة التصدعات التي باتت تَظهر بوضوح داخل الموقف الغربي تجاه الحرب في أوكرانيا.