logo
العالم

ألمانيا تتعهد بزيادة المساهمة في "الناتو".. هل خضعت لضغوط ترامب؟

ألمانيا تتعهد بزيادة المساهمة في "الناتو".. هل خضعت لضغوط ترامب؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: رويترز
29 أبريل 2025، 12:32 م

لا يمكن الفصل بين تعهد ألمانيا بزيادة مساهمتها في حلف شمال الأطلسي، وبين ضغوطات وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يشكو مرارا من تقصير أوروبي في الإنفاق على الحلف.

وفي مناسبة الذكرى الـ70 لانضمام ألمانيا إلى الحلف، قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن حلف شمال الأطلسي يمكنه الاعتماد على برلين لزيادة مساهمتها في الدفاع عن أوروبا.

وسعى شتاينماير إلى طمأنة الحلفاء الذين يشعرون بالقلق إزاء ما وصفه بـ"التحولات الجيوسياسية التاريخية"، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية، ومآلاتها، والتي من المتوقع أن توسع الشرخ بين ضفتي الأطلسي.

وقال الرئيس الألماني مخاطبا الحلفاء "اليوم، ومع استمرار حرب بوتين على أوكرانيا بكل قوتها، وفي ظل ممارسة الولايات المتحدة ضغوطا شديدة على حلفائها الأوروبيين، فإن ألمانيا في وضع حاسم".

وأضاف "لقد فهمنا الرسالة، يمكنكم الاعتماد علينا... سنسعى جاهدين لجعل ألمانيا، بجيشها وبنيتها التحتية، العمود الفقري للدفاع التقليدي في أوروبا".

تأسس الناتو عام 1949 للتصدي لما سمي بـ"العدوان السوفيتي" على أوروبا، وفي 6 أيار/مايو 1955، انضمت ألمانيا الغربية كعضو خامس عشر وسط مخاوف من تجمع القوات السوفيتية شرق الستار الحديدي، وهو التعبير المجازي الذي استخدمه تشرشل للإشارة إلى الحاجز السياسي والعسكري والأيديولوجي الذي فصل بين أوروبا الغربية المتحالفة مع الولايات المتحدة وأوروبا الشرقية المتحالفة مع الاتحاد السوفيتي.

وبعد سبعين عاما، لا يزال التهديد ذاته مستمرا من قبل وريثة الاتحاد السوفيني السابق، روسيا.

"تحول في الذهنية"

يرى خبراء بأن العقيدة العسكرية الألمانية شهدت تحولا تدريجيا منذ بدء الحرب الأوكرانية في 2022 ، فالبلاد التي عاشت في "سبات عسكري عميق"، بعد أن خرجت مدمرة من الحرب العالمية الثانية، التزمت بقواعد في السياسة الخارجية قائمة على الشعور بالذنب لما سببته من مآس في أوروبا، ونأت بنفسها، بعد الحقبة النازية، عن النزاعات والحروب.

 

عكف الألمان خلال العقود السبعة الفائتة على الصناعة والبناء والتنمية، وحققت قفزات هائلة في هذه الحقول، غير أن الحرب الأوكرانية هزت هذا الانضباط العسكري والأخلاقي والمالي الصارم، إذ وافق أكبر اقتصاد في أوروبا، مؤخرا، على خطط لزيادة هائلة في الإنفاق العسكري، تتضمن 569 مليار دولار لتطوير البنية التحتية العسكرية والقدرات الدفاعية والأمنية.

ويعزو خبراء مثل هذه الزيادة الهائلة في الانفاق إلى تزايد المخاوف من أن أوروبا لم تعد قادرة على الاعتماد كليا على الولايات المتحدة في دفاعها، وذلك عقب موجة من الانتقادات من ترامب.

ولم تقتصر ضغوطات ترامب على مطالب بزيادة الانفاق على الحلف، بل هدد، في مناسبات عدة، بالانسحاب من الحلف وسحب جنوده من أوروبا، وخصوصا من ألمانيا التي تتواجد فيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، وهي قاعدة "رامشتاين" التي تضم نحو 35 ألف جندي أمريكي.

"ثمن الحماية"

ويعتقد الرئيس الأمريكي أن بلاده تدفع أكثر من نصيبها العادل للدفاع عن بقية دول الحلف، وهو يرى أن كثيرًا من أعضاء الناتو لا يلتزمون بمعدل الإنفاق الدفاعي المتفق عليه (2% من الناتج المحلي الإجمالي).

وينتهج ترامب الذي يعرف بـ"رجل الصفقات" سياسة واضحة في هذا الصدد، فهو يكرر دائما بأن "الحماية لها ثمن"، وأن أوروبا عليها أن تتحمل عبئا اقتصاديا أكبر في مقابل "الحماية الأمريكية" التي تترجم من خلال حلف الأطلسي. 

ويلاحظ خبراء، في تفسيرهم لسياسة ترامب، أن الأخير صرّح عدة مرات بأن الناتو "عفا عليه الزمن" لأنه تأُسس في حقبة الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، ويرى أن التهديدات الحالية "مثل الصين، الإرهاب، الهجرة غير الشرعية" لا تتصدى لها آليات الحلف بشكل كافٍ.

من جانب آخر، ورغم هذا الاستياء الأمريكي من شركاء الحلف، يرجح خبراء أن مسألة التهديد بالانسحاب ليست جدية تماما، بل هي ورقة تفاوضية، ذلك أن جزءا من تهديدات ترامب بالانسحاب من الناتو هو أسلوب تفاوضي للضغط على الدول الأعضاء لزيادة إنفاقها العسكري والالتزام بمسؤولياتهم داخل الحلف الذي صمد لعقود، ومن الصعب أن ينهار في هذه المرحلة التي تشهد نزاعات وحروبا وتغييرات جيوسياسية معقدة.

 

ضمن هذه الرؤية، يمكن فهم التوجهات الأوربية الجديدة، وبينها الألمانية، نحو زيادة الانفاق الدفاعي وتطوير الصناعات العسكرية بحيث تكون مستعدة لأسوأ السناريوهات، إذ يرى كثير من القادة الأوروبيين أن تهديدات ترامب تمثل خطرًا على وحدة الحلف واستقراره، وبالتالي على أمن القارة.

ويرى خبراء أن هذا التوجس لم يدفع أوروبا، وألمانيا بصورة خاصة، إلى زيادة الانفاق الدفاعي فحسب، بل بدأت القارة بمناقشة ضرورة إنشاء منظومة ردع نووي مستقلة.

أخبار ذات علاقة

مشاة يعبرون أحد الشوارع وسط ظلام مدريد

"الليلة الظلماء".. هل أطفأت "يد خفية" أنوار أوروبا؟ (صور)

 وفي هذا السياق، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد في مقابلة صحفية، أنه إذا كانت أوروبا تسعى إلى تحقيق "استقلالية دفاعية أكبر"، فعليها أن تبدأ مناقشة مسألة الردع النووي.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC