logo
العالم

انتقادات واستراتيجية أمنية "عدائية".. هل ينهي ترامب التحالف التاريخي مع أوروبا؟

دونالد ترامب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون د...المصدر: رويترز

تكشف الاستراتيجية الأمنية التي أعلنت عنها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تضمنت انتقادات حادة للقارة العجوز بسبب قضية الهجرة، إصرارًا على المضي في السياسات التي تهدد العلاقة الأطلسية مع الحلفاء الأوروبيين، وفق خبراء في العلاقات الدولية.
 
وأوضح الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه مع تصاعد شعار "أمريكا أولًا"، فإن بقاء الاتحاد الأوروبي موحدًا بهذه الصورة، ومدفوعًا بقيم لها علاقة بالليبرالية والديمقراطية، يجعل إدارة ترامب تعمل على تقويض أسس التحالف والتعاون الأوروبي.

ومؤخرًا، حذر ترامب أوروبا  من أنها تمضي في مسارات خطِرة، بعد أيام من نشر استراتيجيته الأمنية الجديدة، التي تضمنت انتقادات حادة للقارة العجوز بسبب قضية الهجرة.

وانتقدت الاستراتيجية بشدة الحلفاء الأوروبيين، إذ قالت إن الولايات المتحدة ستدعم معارضي القيم التي يقودها الاتحاد الأوروبي، ومنها تلك المتعلقة بالهجرة. 

أخبار ذات علاقة

رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا

"لا نقبل التهديد".. المجلس الأوروبي يندد باستراتيجية ترامب للأمن القومي

"أمريكا أولًا"

يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد أبو العينين، إن واشنطن مصرة على الاستمرار في السياسات التي تهدد العلاقة الأطلسية ومع الحلفاء الأوروبيين، في وقت يرى فيه زعماء القارة العجوز أن هذه الإدارة تتجه بطبيعة الحال إلى هذا المسار الذي يبنى عليه أن استمرار الولايات المتحدة في قوتها ودورها يقتضي تحميل الآخرين فكرة "ادفعوا لتوفير الضمانات لكم".
 
ويرى أبو العينين، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة لم تزدهر وتصل إلى ما باتت عليه في العقود الأخيرة إلا عبر ما توفره السوق الأوروبية بعدد لا بأس به من المستهلكين والمستثمرين والتسهيلات التي تقدم للأمريكيين في إطار علاقة التحالف، لكن يبدو أن أقطاب إدارة ترامب الذين يتعاملون بمبدأ "أمريكا أولًا" يرون أن هذه السياسة من الممكن أن تتعزز على حساب الدول الأخرى حتى لو كانوا حلفاء.
 
وتابع أبو العينين: "هذا المبدأ أصبح مسار نقاش غير مستقر عليه داخل الولايات المتحدة ذاتها، إذ إن الضغط في فترة قصيرة على المجموعة الأوروبية بغرض وصول الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج القومي الإجمالي في وقت لم تستعد فيه دول القارة العجوز، يحدث جانبًا من الجدل".
 
واعتبر أن هذا المبدأ يمثل ضغطًا على الأوروبيين، لاسيما مع التهديدات والمخاطر القادمة من روسيا، في ظل مسار الولايات المتحدة الحالي بدفع أوروبا لأن تكون معتمدة على نفسها في القوة التقليدية العسكرية بنسبة 60% في عام 2027، الأمر الذي يدفع الأوروبيين لمزيد من العمل المشترك لهذا الانسحاب الأمريكي، والذي يعتبر إعلانًا مبكرًا لرغبة أمريكية في الانعزال.

ولفت أبو العينين إلى أن ذلك يترافق مع تناقضات، منها أنه من لحظة تسلم ترامب ولايته الثانية وهو يسعى لبناء ما يسمى بالصفقات الاقتصادية وليس علاقات استراتيجية، بناءً على العلاقات الشخصية، دون مراعاة للسياقات التاريخية للصراعات أو التحالفات مع الأوروبيين.
 
وأكد أنه مع تصاعد شعار "أمريكا أولًا"، يبدو أن بقاء الاتحاد الأوروبي موحدًا بهذه الصورة، مدفوعًا بقيم لها علاقة بالليبرالية والديمقراطية، يجعل إدارة ترامب تعمل على تقويض أسس التحالف والتعاون الأوروبي، من خلال الضغط، ولربما وقف عمليات تنظيم التكنولوجيا الكبرى التي تعمل في القارة العجوز، وتكبدها المنظومة الأوروبية العديد من الضرائب نتيجة مخالفتها للقواعد المنظمة بحقوق المستخدمين، وهو ما ترفضه إدارة الرئيس الجمهوري.
 
وأشار أبو العينين إلى أن هناك اتجاها أوروبيا بالاستعاضة بمحاولة بناء قدرات دفاعية واستخباراتية ومعلوماتية بعيدًا عن الولايات المتحدة، لكن ذلك يستغرق بعض الوقت قد يصل إلى عقد ونصف من الزمان، لكي تستطيع القارة العجوز التي تتوافر لديها قواعد صناعية وعلمية، حماية نفسها بنفسها.

أخبار ذات علاقة

علم فرنسا

رداً على على إستراتيجية ترامب.. فرنسا تطالب أوروبا بتسريع "إعادة التسلح"

تراجع عن أسس التحالف

بدوره، يؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة نيويورك، البروفيسور رسلان إبراهيم، أن تصريحات ترامب وانتقاداته للاتحاد الأوروبي وقادة دول القارة العجوز، التي تأتي بعد أيام من نشر البيت الأبيض لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، تعكس تطورًا هامًا يمثل تراجعًا في العلاقات والتحالف بين ضفتي الأطلسي.

وأوضح إبراهيم، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت قائمة على ثلاثة أسس، هي وجود عدو مشترك يتعاملون معه، ومصالح مشتركة تجمع بينهم، والأساس الثالث يتمثل في القيم المشتركة، إلا أن ما صدر عن ترامب مؤخرًا، يعكس وجود تراجع واضح في هذا التحالف.
 
وبين أن هناك تباينًا في الآراء بشأن كيفية مواجهة روسيا اليوم، حيث يوجد اتجاهان عكس بعضهما في المواقف بين دول الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض حول كيفية التعامل مع موسكو، وحل أزمة الحرب الأوكرانية.
 
ولفت إبراهيم إلى وجود تباين آخر في الرؤى المتعلقة بالسياسة الدولية، خصوصًا ما يتعلق بالنظام الليبرالي والقيم الدولية، إذ يظهر اختلاف في وجهات النظر حول طبيعة النظام الدولي، والقيم التي تقوم عليها هذه العلاقة.
 
وأكد أن الخلاف لا يقتصر على العلاقات الدولية فقط، بل يمتد أيضًا إلى السياسة الداخلية في ظل تصريحات ترامب حول الهجرة، وتأثيرها على الهوية والحضارة الأوروبية، ما يعكس تباينًا كبيرًا في رؤيته لهذا الملف مقارنة بما يراه الاتحاد الأوروبي.

ولفت إبراهيم إلى أن هناك مسؤولين أوروبيين يعتبرون أن تصريحات الرئيس الجمهوري تهدد التحالف الأمريكي الأوروبي الذي يمر بأزمة كبيرة، كما يتهم بعضهم ترامب بالتدخل في السياسة الداخلية بدول القارة العجوز، في ظل دعمه للأحزاب اليمينية التي تعارض الهجرة. 

وخلص إبراهيم إلى أن هذه التصريحات تكشف عن تراجع في القيم المشتركة بين الجانبين، إلى جانب استمرار التباين في كيفية مواجهة التهديد الروسي، خاصة ما يتعلق بحرب أوكرانيا، كما يظهر اختلاف آخر في تعريف هوية الغرب وحضارته، وفي علاقة الهجرة وتأثيرها على ذلك، إذ يرى ترامب أن الهجرة تهدد الحضارة الغربية، وهو ما لا تتبناه سياسات الدول الأوروبية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC