في المسرح الكبير للسياسة الأمريكية، يتبع مراسم تنصيب الرئيس عادة نص مألوف: القسم، والخطاب، وعدد قليل من الأوامر التنفيذية المختارة بعناية لتلبية وعود الحملة الانتخابية، وفق صحيفة "الغارديان".
ومع أكثر من 100 أمر تنفيذي تم إعدادها، تمثل أجندة الرئيس العائد دونالد ترامب محاولة جديدة لإعادة تشكيل الحكم الأمريكي من خلال الإرادة التنفيذية الصرفة.
وقالت الصحيفة البريطانية إنها خطة من شأنها، إذا تم سنها، أن تمس كل شيء من التجارة الدولية إلى الهجرة، ومن العملات المشفرة إلى المناهج الدراسية.
وأضافت أن العدد الكبير من أوامر ترامب يمثل طموحًا إداريًا لا مثيل له في التاريخ الأمريكي.
ولفتت الصحيفة إلى أبرز 12 تعهدًا لترامب في اليوم الأول، وما يمكن أن تعنيه، وذلك على النحو الآتي:
تعهد ترامب بإطلاق "أكبر برنامج ترحيل في التاريخ الأمريكي" فور توليه منصبه، ونطاق هذا البرنامج مذهل، مع وجود ما يقدر بنحو 11 مليون مهاجر غير موثق وطالبي لجوء في الولايات المتحدة، بما في ذلك ما يقارب 500 ألف شخص لديهم سجلات جنائية.
وفي الأمد القريب، من المتوقع أن يفكك ترامب الحماية القانونية للمهاجرين طالبي اللجوء، ويلغي ضمانات الترحيل الإنساني لملايين الأشخاص، وفق تقدير الصحيفة.
وبعيدًا عن عمليات الترحيل، يخطط ترامب لإعلان حالة الطوارئ الوطنية على الحدود.
وأوضح في حدث انتخابي في نيو هامبشاير في أكتوبر الماضي أنه قد يسعى إلى القيام بذلك من خلال "استخدام العنوان 42"، الذي من شأنه أن يؤدي في الأساس إلى تفعيل سلطات الطوارئ الصحية العامة، على غرار تلك المستخدمة في أثناء "كوفيد-19"، لطرد المهاجرين أو منعهم من دخول البلاد أو البقاء فيها.
ويواجه هذا النهج عقبة كبيرة، فمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها هي فقط التي يمكنها إعلان مثل هذه الحالات الطارئة، وليس الرئيس.
وربما يكون الوعد الأكثر أهمية اقتصاديًا لترامب في اليوم الأول هو التعهد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات الكندية والمكسيكية.
وستؤثر هذه الخطوة في أكبر شريكين تجاريين لأمريكا، وقد تعيد تشكيل التجارة في أمريكا الشمالية بشكل كبير.
وربط ترامب هذه التعريفات بمخاوف الإتجار بالمخدرات، رغم أنه اقترح أخيرًا أنه قد يكون هناك مجال للتفاوض، قائلًا: "نعدلها إلى حد ما" إذا ارتفعت الأسعار بشكل حاد للغاية.
ولم يعد ترامب بالعفو فحسب، بل حدد جدولًا زمنيًا، قائلاً إنه سيبدأ في مراجعة القضايا في "ربما أول تسع دقائق" من رئاسته، وفق تعبيره.
ومع توجيه الاتهام إلى أكثر من 1580 متهمًا، وإدانة 1270، يمكن أن يمثل هذا أحد أكبر عفو جماعي في التاريخ الأمريكي.
ولفتت الصحيفة إلى أن العديد من المستفيدين المحتملين أكملوا أحكامهم بالفعل، ما يعني أن بعض العفو سيكون رمزيًا إلى حد كبير.
وسيكون هذا العفو خطوة مرحبًا بها لبعض من أشد أنصار ترامب، الذين يدعو بعضهم إلى إطلاق سراح الجميع، "حتى العنيفين منهم".
تتضمن أجندة "الحفر، الحفر، الحفر" لترامب إعلانًا فوريًا لحالة الطوارئ الوطنية للطاقة.
وتدعو الخطة إلى إصدار الموافقات السريعة على عمليات الحفر الجديدة، وإنشاء خطوط الأنابيب، والمصافي، والمفاعلات النووية.
وفي تحد مباشر للسياسات التعليمية الحالية، وعد ترامب بخفض التمويل الفيدرالي فورًا للمدارس التي تدرس "النظرية العرقية النقدية"، أو تحافظ على تفويضات اللقاحات، أو تفرض متطلبات الأقنعة، ما يحول سلطة الميزانية فعليًا إلى سلاح في الحروب الثقافية، بحسب الصحيفة.
وبعيدًا عن التخفيضات البسيطة في التمويل، تعد خطة ترامب بإنشاء "صندوق تعويض" لأولئك الذين تضرروا من سياسات المساواة، وهو اقتراح غير مسبوق في سياسة التعليم الأمريكية.
وتعهد ترامب بسن ما يسميه المراقبون التراجع الأكثر شمولًا عن حقوق المتحولين جنسيًا في التاريخ الأمريكي، في أول يوم له في منصبه.
وبحسب الصحيفة، يخطط ترامب لإعادة فرض حظره العسكري المثير للجدل -الذي ألغته إدارة بايدن سابقًا- وفي الوقت نفسه منع النساء المتحولات جنسيًا من المنافسة في الرياضات النسائية على أي مستوى.
وقالت إن تصرفات الرئيس ستؤثر في ما يقدر بنحو 1.6 مليون أمريكي متحول جنسيًا، بما في ذلك ما يقارب 15000 من أفراد الخدمة الذين يخدمون في الجيش بدءًا من عام 2018، وآلاف الطلاب الرياضيين في جميع أنحاء المدارس والجامعات في البلاد.
وفي حين لا يوجد تفويض فيدرالي للسيارات الكهربائية في الواقع، وعد ترامب بإنهاء ما أسماه "تفويض كامالا المجنون للسيارات الكهربائية" في تجمع انتخابي في ميشيغان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويبدو أن هذا يستهدف المعايير الخاصة لانبعاثات عوادم السيارات التي وضعتها إدارة الرئيس جو بايدن، وأهداف المركبات الخالية من الانبعاثات في كاليفورنيا.
كما يخطط ترامب لتوقيع أمر تنفيذي ينهي المواطنة التلقائية للأطفال المولودين لأبوين غير مواطنين في الولايات المتحدة.
ومن المرجح أن يؤدي هذا التحدي المباشر للتعديل الرابع عشر إلى إثارة تحديات دستورية فورية، فقد اعترف ترامب نفسه أخيرًا على قناة "إن بي سي" بأنهم قد يحتاجون إلى "العودة إلى الشعب" لتعديل دستوري.
ومن المتوقع أن ينشئ ترامب احتياطيًا استراتيجيًا أمريكيًا من البيتكوين.
ويأتي هذا مع وصول البيتكوين إلى مستويات قياسية مرتفعة قبل تنصيبه، إذ تتوقع الأسواق سياسات كبيرة صديقة للعملات المشفرة من إدارته.
كما وعد ترامب باتخاذ إجراءات فورية "لتدمير الدولة العميقة"، ويخطط لإحياء أمره التنفيذي للجدول F من عام 2020.
وهذا من شأنه إعادة تصنيف عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين على أنهم معينون سياسيًا، ما يجعل فصلهم أسهل، وفق الصحيفة.
وتوقعت أن تؤدي هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل القوى العاملة الفيدرالية بشكل كبير، رغم أنها من المرجح أن تواجه معارضة قانونية شرسة.
وكان الوعد الأكثر تكرارًا لترامب على مدار العام الماضي هو تعهده بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل توليه منصبه، وهو الموعد النهائي الذي مر بالفعل.
والآن، تحول خطاب فريق ترامب إلى مفاوضات واعدة في اليوم الأول، مع وجود نوع خاص من الدبلوماسية الشخصية لترامب في المقدمة.
وبصرف النظر عن اقتراح فريقه بأنه سيجلب الزعيمين إلى طاولة المفاوضات في اليوم الأول، فقد مدد جدوله الزمني الخاص لحل الصراع إلى ستة أشهر.
