الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تتجه دول البلطيق، ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، نحو إعادة تسليح سريعة وشاملة استعدادًا لسيناريو يُعتبر حتى وقت قريب غير قابل للتصور، وهو مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا.
وتعمل هذه الدول، الواقعة على حدود روسيا، على تعزيز دفاعاتها، مع التركيز على فجوة سووالكي، الممر الجغرافي الضيق الذي يُعد نقطة الضعف الرئيسية في حلف شمال الأطلسي، وفق تقرير لموقع "ناشيونال جورنال سيكيورتي".
وبحسب تقارير الأمن القومي، تأتي هذه الاستعدادات كرد فعل على التدريبات العسكرية الروسية مثل "زاباد-25"، التي تزيد المخاوف من غزو محتمل.
ويُركّز السيناريو الرئيسي للتهديد على فجوة سووالكي، وهي شريط أرضي ضيق يفصل بين بيلاروسيا الحليفة لروسيا وجيب كالينينغراد. وهذا الممر هو الجسر البري الوحيد الذي يربط بولندا بليتوانيا وبقية دول البلطيق الأعضاء في الناتو.
ويخشى المخططون العسكريون أن تستغل روسيا أراضي بيلاروسيا لشن هجوم يقطع هذا الرابط؛ ما يعزل دول البلطيق عن التعزيزات من باقي أعضاء الحلف، وفقًا لما ذكره الفريق المتقاعد بن هودجز، الرئيس السابق للقيادة الأوروبية في شتوتغارت.
ويضيف بن هودجز: "إذا سيطرت القوات الروسية على فجوة سووالكي، فإن ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا ستصبح في الواقع معزولة عن التعزيزات من أعضاء أوروبيين آخرين في حلف شمال الأطلسي". ويعزّز هذا التقييم محللون عسكريون يصفون الفجوة بأنها "نقطة الضعف في حلف شمال الأطلسي".
وأدّت التدريبات الروسية-البيلاروسية "زاباد-25"، التي جرت الأسبوع الماضي، إلى تضاعف هذه المخاوف. ويعني الاسم حرفيًا "تدريب الغرب"، وهو نفس الاسم المستخدم في مناورات 2017 و2021؛ ما يشير إلى تركيزها على سيناريوهات هجومية ضد الناتو.
وتُجري روسيا هذه التدريبات كل أربع سنوات منذ الثمانينيات، مع تركيز متجدد على غزو فجوة سووالكي في الدورات الأخيرة. وهناك سابقة مقلقة، حيث استخدمت روسيا مناورات "زاباد-21" كغطاء لنشر قوات في بيلاروسيا، التي بقيت هناك وشكلت جزءًا من الاستعدادات لغزو أوكرانيا.
ووثق المحللون العسكريون والاستخباراتيون هذا الدور كـ"ستار دخان" للعمليات اللاحقة؛ ما يجعل "زاباد-25" شبحًا يهدد الاستقرار في المنطقة. وردًا على ذلك، تتسابق دول البلطيق لإعادة التسليح بسرعة، مع شكاوى مشتركة من أن حلفاء الناتو يفتقرون إلى السرعة في اتخاذ القرارات؛ ما يضعف الردع ضد روسيا.
وتعهّدت الدول الثلاث بزيادة ميزانيات الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026، قبل الموعد النهائي للحلف في 2035، وهذا سيجعلها من أعلى الدول الأوروبية إنفاقًا على الدفاع، مع تخصيص مليارات إضافية لشراء مدفعية، طائرات بدون طيار، أنظمة دفاع جوي، وبرامج جاهزية القوات.
ومن الإجراءات البارزة، تستضيف ليتوانيا لواءً ألمانياً متمركزًا بشكل دائم، وهو أول انتشار طويل الأمد للجيش الألماني منذ الحرب العالمية الثانية، إذ وصف نائب وزير الدفاع الليتواني توماس غودلياوسكاس هذا بأنه "نهج دفاعي جماعي" للجناح الشرقي للناتو.
كما تعمل الدول الثلاث على بناء "خط دفاع البلطيق"، وهو شبكة من المخابئ، أجهزة الاستشعار، عقبات مضادة للدبابات، ومستودعات إمدادات، وأُعلن عنه في يناير/ كانون الثاني الماضي لتحصين التضاريس ومنع روسيا من فرض أمر واقع سريع.