في ظل تزايد المخاوف من تنامي الجريمة المنظمة، أصدرت الشرطة الفرنسية تحذيرا جديدا يسلط الضوء على طريقة مبتكرة وغريبة لغسل الأموال في هذا البلد الأوروبي.
ووفقا لمذكرة صادرة عن الشرطة القضائية كشفت عنها إذاعة "أوروب 1"، حذّرت قوّات الأمن من أن هذه الظاهرة الإجرامية في تزايد مستمر على الأراضي الفرنسية.
وقالت الشرطة إنه خلف افتتاح محلات صغيرة مثل مطاعم الكباب، ومحلات تصفيف اللحية (barber shops)، وصالونات تجميل الأظافر، ومحلات إصلاح الهواتف، قد تختبئ شبكات متخصّصة في غسل أموال ناتجة عن ترويج المخدّرات.
المذكرة أوضحت أن هذه الظاهرة "تتطوّر على كامل التراب الوطني"؛ ما يثير قلق السلطات، وتحدّد الشرطة نوعين من الأنشطة التجاريّة المستغَلة في هذا السياق.
أولاً، "المحلات الصغيرة" -بقالات، مقاهٍ للشيشة، ورش إصلاح الهوات...- التي تتلقّى غالباً مدفوعات نقدية، وتديرها في كثير من الحالات مجتمعات ذات أصول خارج أوروبا، وتعمل لساعات طويلة أو على مدار الساعة.
كما تورد المذكرة أن بعض هذه المحلات يمكن أن تكون بمثابة (مخزن أو نقطة إيواء) للمخدّرات أو الأسلحة.
ثانياً: المحلات الأكبر حجماً مثل مطاعم الكباب أو بارات المراهنات (PMU) وتُستخدَم عمليّاً كواجهات لغسل الأموال.
وتشرح الشرطة القضائية أن إدخال مبلغ وهمي صغير من رقم معاملات شهرية ـ مثلاً 5,000 يورو ـ في نحو 15 محلاً قادرٌ على تحويل نحو 900,000 يورو إلى رؤوس أموال "نظيفة" خلال سنة واحدة.
وتُعدّ هذه الملاحظة جزءاً من تحرّك أوسع للسلطات لفهم آليات تمويل الجريمة المنظمة وإغلاق منافذها الاقتصادية، فيما تواصل أجهزة إنفاذ القانون مراقبة القطاعات التجارية الضعيفة التي قد تُستغلّ كغطاء لأنشطة إجرامية أوسع نطاقاً.
ويُقدّر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن غسل الأموال يُمثل ما بين 2% و5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما بين 1.6 تريليون و4 تريليونات دولار. ومع ذلك، لا تُصادر 98% من هذه الأصول.
وبالنسبة لفرنسا، يقدر هذا المبلغ بـ 58 مليار يورو على الأقل من غسل الأموال، وتُشير المنهجية التي اتبعتها محكمة المحاسبين الأوروبية إلى رقم أقل قليلاً، ولكنه مُذهل بالقدر نفسه: 38 مليار يورو لفرنسا.
وبحسب السيناتور رافائيل دوبيه، رئيس لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشيوخ في الجرائم المالية وأدوات مكافحتها، فإن "غسل الأموال هو أكثر أشكال الاتجار ربحا في فرنسا. ومن بين الموارد المالية التي يُدرّها، لا تسترد الدولة سوى 2%" فقط من هذه الأموال.