رغم كونها لجنة تم تشكيلها للبحث عن حل سلمي للصراع الكردي في البلاد، قال موقع "المونيتور" في تقرير، إن رئيس البرلمان التركي منع مؤخراً ثلاث نساء كرديات من التحدث بلغتهن في جلسة عامة، فيما قام بتوبيخ إحداهن.
وذكر الموقع أن رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، المنتمي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، اعترض على ثلاث نساء كرديات بدأن حديثهن باللغة الكردية، قائلاً لهن خلال الجلسة "لا تتحدثن بلغتكن. وعلّل تصرفاته بالقواعد الداخلية للبرلمان المتعلقة باللغة الرسمية للبلاد وهي التركية، وذلك في جلسة عامة الأربعاء الماضي، بحسب ما ذكر التقرير.
وأردف تقرير الموقع، الخميس، أنه تم التعرف على اثنتين منهن، وهما نزهات تيكي وربيعة كيران، مبيناً أن جميعهن عضوات في مجموعة من النساء تُعرف باسم "أمهات السلام"، فقدن أطفالهن في الصراع.
وأضاف "المونيتور"، أنه لطالما نادت المجموعة بإنهاء الحرب الدائرة منذ أربعة عقود بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.
وبحسب "المونيتور" وبخ كورتولموش كيران عندما بدأت مخاطبة اللجنة باللغة الكردية، مما دفعها إلى الرد بغضب واصفة تدخله بأنه "غير عادل".
وتابع التقرير "بينما وبخت كيران، استمر حديث زميلاتها بلهجة تركية ركيكة".
سري سكيك، عضو البرلمان عن حزب الديمقراطية المؤيد للأكراد، عبّر عن استيائه على منصة "إكس"، وقال: "اليوم، تحذر أم من أجل السلام، ويقاطع كلامها لأنها تحدثت باللغة الكردية في اللجنة البرلمانية. كيف ستحققون السلام بهذا السلوك؟"
ووصفت سيبهات تونجل، عضو البرلمان السابق والناشطة الكردية التي قضت ثماني سنوات في السجن بتهم الإرهاب "الزائفة"، هذه الخطوة بأنها "غير مقبولة" في منشور على لها في منصة "إكس"، وتساءلت: "هل من الممكن تحقيق السلام مع الأكراد بمثل هذا المنع الذي تتعرض له النساء؟"
وبحسب التقرير، تُشكّل النقاشات حول اللغة الكردية جوهر الصراع التركي الطويل على الهوية.
فلعقود، والكلام لموقع المونيتور "أنكرت الدولة التركية وجود الأكراد كجماعة عرقية مميزة. بعد آخر عملية (استيلاء) ناجحة للجيش على السلطة عام 1980، حيث أقرّ الجنرالات دستورًا جديدًا نصّ على أنه لا يجوز تدريس أي لغة غير التركية كلغة أم للمواطنين الأتراك في أي مؤسسة تعليمية"، وفق ما نقل التقرير.
وحظر القانون رقم 2932، الصادر عام 1983، استخدام أي لغة غير التركية. وتعرض من قاوموا لعقوبات قاسية وسجنوا في كثير من الأحيان، مما أنذر بموجة جديدة من القمع تطورت إلى حرب دموية عندما شنّ حزب العمال الكردستاني أولى عملياته عام 1984.
وتابع التقرير: "في عام 1991، رُفع الحظر، مع أن البث والتعليم باللغة الكردية ظلا غير قانونيين. ألغى حزب العدالة والتنمية تلك القوانين في إطار سعيه المتراجع للانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي بعد وصوله إلى السلطة عام 2002".
وفي عام 2009، وفق التقرير، بدأ التلفزيون الحكومي التركي البث باللغة الكردية، وسُمح بتدريسها في المدارس الحكومية والخاصة.، مضيفاً "مع ذلك، وكما كشفت أحداث يوم الأربعاء، فإن مقاومة اللغة الكردية متجذرة بعمق".
وفقاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإنّ المحاولة الثالثة والأخيرة للحكومة لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني لا تتضمن أي نوع من المساومة. بمعنى آخر، لا توجد أي إصلاحات من شأنها منح الأكراد حقوقاً ثقافية وسياسية أكبر مطروحة على الطاولة. بل يقول إنّ الهدف هو إقامة "تركيا خالية من الإرهاب" يستسلم فيها حزب العمال الكردستاني دون قيد أو شرط. وتهدف اللجنة إلى وضع إطار قانوني لتحديد الوضع المستقبلي للحزب والإشراف على نزع سلاحه.
ونقل الموقع عن روج غيراسون، المؤسس المشارك لمؤسسة "راويست" لاستطلاعات الرأي والأبحاث، ومقرها ديار بكر - المركز السياسي للمنطقة ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا - قوله "إن حادثة يوم الأربعاء أمرٌ طبيعي، إذ تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن بين دفع العملية السياسية قدمًا وإدارة المشاعر القومية التركية".
ويرى غيراسون أن "التحدي الحقيقي" يكمن في قضية أكراد سوريا وكيفية تسويتهم للمسائل مع الحكومة المركزية في دمشق. وأضاق لموقع "المونيتور": "هنا يكمن الخطر على المبادرة الجارية داخل تركيا".
في الإطار، تستمر المحادثات بين الأكراد السوريين ومسؤولين من الحكومة السورية بشكل متقطع، دون إحراز تقدم يُذكر حتى الآن.
ويُصرّ الأكراد على نظام حكم لامركزي. ويُشكّل هذا خطاً أحمر بالنسبة لتركيا، التي لديها أكثر من 10 آلاف جندي منتشرين في شمال سوريا.