logo
العالم

"إنه الاقتصاد يا صديقي".. ما "خبايا" أسبوع الحسم في الانتخابات الأمريكية؟

"إنه الاقتصاد يا صديقي".. ما "خبايا" أسبوع الحسم في الانتخابات الأمريكية؟
كامالا هاريس ونائبها المرتقبالمصدر: رويترز
29 أكتوبر 2024، 5:03 م

الاقتصاد أولًا وأخيرًا، هذه نقطة الإجماع في انتخابات الرئاسة الأمريكية بين الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين والغاضبين بين الناخبين؛ لأن الأربع سنوات الماضية كانت قاسية جدا على محدودي الدخل من الأفراد والعائلات..

كما عطلت حالة التضخم السيرورة الطبيعية لحياة ومشاريع عامة الأمريكيين بصورة لم تشهدها البلاد منذ أربعة عقود كاملة، حيث إن معدلات التضخم الحالية هي الأسوأ من نوعها منذ ما يقارب نصف قرن في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.

هذه الأسباب وحدها هي التي جعلت الأمريكيين وفي مناسبتين نادرتين يجمعون على اتفاقين نادرين؛ الأول كون نسبة خمسة وسبعين بالمئة من هؤلاء لا يريدون سيناريو انتخابياً مكرراً للمرة الثانية بين بايدن وترامب في هذه الانتخابات..

وكانت هذه الأرقام، إضافة إلى الحالة الصحية للرئيس بايدن، هي ما دفع قيادة الحزب الديمقراطي إلى فتح نقاش علني حول انسحابه من السباق الرئاسي وتقديم وجه بديل، والإجماع الآخر هو تأكيد أكثر من خمسة وستين بالمئة من الأمريكيين أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ، وكل ذلك بفعل أداء الاقتصاد في المرحلة الحالية.

في الجهة المقابلة من المشهد، يظهر الرئيس السابق المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الصورة، مبررا ظهوره على المسرح طالبا انتخابه لولاية ثانية برغبته في إعادة إطلاق الاقتصاد الوطني الذي يقدم فيه صورة سوداء خاصة على مستوى أرقام التضخم، بل ذهب إلى حد اتهام إدارة بايدن بالكذب في أرقام الوظائف التي تقدمها وزارة العمل دوريا للأمريكيين.

يقول ترامب إن إدارة بايدن قدمت أسوأ أداء اقتصادي في تاريخ الرؤساء الأمريكيين، وإنه يملك خطة بديلة من خلال رفع القيود الضريبية على استثمارات الداخل وكذلك القيود البيئية على مشاريع التنقيب عن النفط والغاز والفحم، وفرض المزيد من الرسوم الجمركية على منتجات الخارج في السوق الأمريكي..

هذا إضافة إلى استعادة المصانع الأمريكية المهاجرة إلى الدول الأقل تكلفة مع العمل على ترحيل ملايين المهاجرين غير القانونيين؛ لأن ذلك سوف يسمح باستعادة ملايين الوظائف التي يأخذها هؤلاء من العمال من الأقليات الأمريكية ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية والأجور العادلة وليس المخفضة بسبب وفرة اليد العاملة غير القانونية الرخيصة.

وهذه الوعود التي يقدمها الرئيس السابق للناخبين تحمل في طياتها مخاوف بالنسبة للاقتصاديين الأمريكيين وبينهم حائزون على جائزة نوبل في الاقتصاد، حيث يثير هؤلاء مخاوف جادة من أن أفكاره تثير مخاوف الأسواق المالية من أن تطبيقها سيعيد مستويات التضخم إلى مستوياتها المرتفعة التي كانت عليها قبل اضطرار الاحتياطي الفيدرالي لإعادة النظر فيها في النصف الثاني من العام الحالي..

وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات تجارية عالمية غير مسبوقة، بالإضافة إلى أن عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض من شأنها أن تؤثر سلبا على معدلات نمو الاقتصاد الحالية واستقراره وكذلك على النظام المالي العالمي..

أخبار ذات علاقة

نموذج اقتراع في الانتخابات الرئاسية الامريكية

لزيادة الشفافية.. أمريكا تستعين بـالــ"GPS" في الانتخابات الرئاسية

 

ومن المنتظر أن تسبب حالة العجز الاقتصادي المحتملة وارتفاع الأسعار موجة جديدة من الانتكاسات الاقتصادية ستكون أكثر سلبية على أداء الاقتصاد العالمي أكثر من تلك التي خلفتها الحروب الحالية في كل من الشرق الأوسط وأوكرانيا.

يقول الجمهوريون إنهم نجحوا حتى الآن في جعل الاقتصاد قضية انتخابية مركزية، كما أنهم يعلنون نجاحهم في الهجوم على الأداء الاقتصادي لإدارة الرئيس بايدن بإقناع الأمريكيين أن هذه السياسات لا تحقق أهدافها على المدى البعيد، وأن هذه الإدارة تلجأ إلى مزيد من صور الإنفاق الحكومي؛ وهو أمر سوف يزيد من حجم الدين العام ولا يقدم سياسات ناجحة للمستقبل.

ومن جانبهم، يدافع الديمقراطيون عن جودة الأداء الاقتصادي الذي يقدمونه حاليا بالقول، إن الاقتصاد العظيم الذي يتحدث عنه ترامب في العامين الأول والثاني من عمر إدارته السابقة كان نتيجة لسياسات إدارة أوباما الاقتصادية وليس إنجازا من إدارة ترامب، وإن عجز ترامب الاقتصادي ظهر في طريقة وأسلوب إدارته لأزمة كورونا من حيث كونه الرئيس الأمريكي الأكثر رفعا للدين العام خلال وجوده في البيت الأبيض.

الرئيس بايدن يقول إنه الرئيس الأكثر إنتاجا للوظائف في التاريخ الأمريكي في ولاية واحدة، وإن سياساته الناجحة في إدارة ملف التضخم هي التي جعلت مستويات التضخم تتراجع إلى الوراء في العام الأخير من عمر إدارته، إضافة إلى تلك التسهيلات التي قدمها للعائلات الأمريكية من خلال مسح ديون الطلبة وتخفيض أسعار الأدوية وتمديد الاستفادة من برامج الرعاية الصحية..

لكن الأمريكيين يردون على بايدن بالقول إن هذه الأرقام وإن كانت جيدة في ظاهرها فإنها لا تعكس القدرة الشرائية لديهم في حياتهم اليومية، وباتت الأسعار في مستويات قياسية يصعب معها التحكم في إدارة مواردهم المالية.

ومع ذلك، لا تزال إدارة الرئيس بايدن تشدد على أنها نجحت في تقديم أفضل معدلات التعافي الاقتصادي بين الاقتصادات السبعة الكبرى في العالم في مرحلة ما بعد كورونا.

المرشحة الديمقراطية هاريس وإضافة إلى حرصها على إبقاء المسافة فاصلة بينها وبين منجزات الرئيس بايدن تصر على تقديم رؤية مختلفة للاقتصاد بالإشارة إلى أن رهانها الأساسي يبقى مرتبطا بثلاثة تقارير ينتظر صدورها الأسبوع الحالي وجميعها تشكل جزءا من أدوات إقناع الناخبين الأمريكيين..

وأولها هو تقرير نمو الاقتصاد في الربع الثالث من العام الحالي، وجميع المؤشرات تقول إن الأرقام جيدة في هذا الاتجاه. وثانيها هو تقرير الوظائف والذي من المؤكد أيضا أنه سيكون جيدا ولو أنه سوف يتأثر قليلا بعامل الإعصار الذي ضرب ست ولايات أمريكية في الشمال الشرقي من البلاد..

أخبار ذات علاقة

النيران تشتعل في صناديق الاقتراع في بورتلاند

جهاز "غامض" في موقع احتراق صندوقي اقتراع بأمريكا يثير "الرعب"

 

وهو الأمر الذي يجعل آلاف الموظفين والعمال يفقدون وظائفهم ويضطرون بذلك إلى طلب الإعانات الحكومية.

أما العنصر الثالث والأكثر أهمية وهو اجتماع الاحتياطي الفيدرالي وقراره المرتقب باتخاذ قرار جديد يقضي بتخفيض معدلات الفائدة للمرة الثانية على التوالي خلال النصف الثاني من العام الحالي، ما سيكون بمثابة الحجة القاطعة التي سوف تقدمها هاريس للناخبين المشككين في قدرة الاقتصاد على التعافي في ظل إدارة ديمقراطية محتملة بعد انتخابات الثلاثاء المقبل.

هاريس وإضافة إلى عنصر التقارير الثلاثة حظيت بدعم كبير من قبل مئة من الاقتصاديين الأمريكيين بينهم حائزون على جائزة نوبل العالمية في الاقتصاد، مؤكدين أن برنامجها أفضل لمستقبل البلاد وهو الأقدر مقارنة ببرنامج المنافس الجمهوري على تقديم الفرص المطلوبة للعمال والطبقة الوسطى الأمريكية في الأربع سنوات المقبلة.

وبكل تأكيد، فإنه وبالإضافة إلى قضيتي الهجرة وأمن الحدود في الداخل سيكون الاقتصاد هو مركز الخطاب في الأيام السبعة المتبقية لموعد الانتخابات بالنسبة للمرشح الجمهوري ترامب، إضافة إلى قضية الديمقراطية الأمريكية وأهمية المحافظة على سلامتها وسلاستها وإنهاء حروب الشرق الأوسط بالنسبة للديمقراطيين كعقبة تقف أمام تأييد قواعدهم الغاضبة من اليافعين، وسيكون الاقتصاد هو الرافعة التي سوف يعتمد عليه المرشحان في سعيهما لأجل إقناع من بقي من الناخبين الأمريكيين في دائرة التردد حتى الآن.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC