logo
العالم

بدل نادي "الاقتصاديات الكبرى".. هل تتحول مجموعة السبع إلى ناد للعقوبات؟

مبادرة واشنطن لفرض رسوم ضخمة على الصين والهند المصدر: فايننشال تايمز

المبادرة الأمريكية الأخيرة للضغط على الصين والهند بفرض رسوم جمركية ضخمة بذريعة الحرب الأوكرانية كشفت عن تحوّل في وظيفة المجموعة: من رافعة للنظام الاقتصادي العالمي إلى أداة لتصفية الحسابات الجيوسياسية.

وبحسب "فايننشال تايمز"، أكّدت أربعة مصادر مطلعة أن واشنطن ستدعو، في اجتماع لوزراء مالية مجموعة السبع (G7) عبر الفيديو، إلى مناقشة خطط لفرض تعريفات مرتفعة على الصين والهند بسبب استمرار شرائهما للنفط الروسي.

أخبار ذات علاقة

ترامب: الحرب التجارية مع الصين ستكون قصيرة

وأضافوا أن الخطوة، التي يروّج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوصفها جزءًا من مساعيه لفرض "صفقة سلام" على موسكو، لا تُخفي حقيقةً أعمق: استخدام أدوات الاقتصاد لفرض إرادة سياسية، ولو على حساب وحدة النظام التجاري العالمي.

من جهتها برّرت وزارة الخزانة الأمريكية هذه الخطوة بالقول إن "مشتريات الصين والهند من النفط الروسي تموّل آلة الحرب لبوتين وتطيل أمد قتل الأبرياء في أوكرانيا"، مؤكدةً أن واشنطن جادة في رفع الرسوم حتى 100%، على أن تُلغى فور توقف الحرب، لكن مراقبين أشاروا إلى أن مثل هذه العقوبات تعيد صياغة هوية مجموعة السبع لتصبح أشبه بـ"نادي العقوبات"، بعدما كانت رمزًا لتحالف الاقتصادات الليبرالية الكبرى.

أخبار ذات علاقة

مؤكدًا أن المحادثات "لم تنهار".. ترامب: الحرب التجارية مع الصين "خلاف بسيط"

وبحسب الخبراء، فإن واشنطن بالفعل بدأت تطبيق نهجها؛ ففي الشهر الماضي رفعت الرسوم على الواردات الهندية إلى 50% بسبب النفط الروسي، كما شدّدت القيود على البضائع الصينية قبل أن تضطر لتخفيفها تحت ضغط الأسواق، ومع ذلك تسعى إدارة ترامب إلى جرّ حلفائها الأوروبيين نحو المسار نفسه.

لكن أوروبا ليست على الخط ذاته؛ فالاتحاد الأوروبي، الذي يفاوض الهند على اتفاق تجاري ويبحث في تقليص اعتماده على الطاقة الروسية، يخشى أن يؤدي فرض رسوم بهذه الضخامة على الصين والهند إلى إشعال حرب تجارية شاملة تقوّض اقتصادات القارة.

من جانبهم، أوضح ثلاثة مسؤولين أوروبيين أن بروكسل تحاول إقناع واشنطن ببدائل أخرى، مثل تسريع إنهاء شراء النفط والغاز الروسي قبل 2027 أو تشديد العقوبات على منتجي الطاقة الروس.

غير أن هذا المسار يواجه عقبات سياسية؛ فالمجر وسلوفاكيا ما زالتا ترفضان الانضمام إلى العقوبات الكاملة على موسكو؛ ما يجعل أي إجماع أوروبي محفوفًا بالمخاطر، وفي المقابل، تناقش بروكسل خيارات أخرى مثل فرض عقوبات على بكين نفسها بسبب استفادتها من الطاقة الروسية الرخيصة.

ويرى مطّلعون أن التحرك الأمريكي وضع كندا، التي ترأس الدورة الحالية لمجموعة السبع، في موقف صعب؛ فأوتاوا أعلنت أن الاجتماع سيبحث "مزيدًا من الخطوات لزيادة الضغط على روسيا"، لكن مسؤولين كنديين أقرّوا بأن فرض رسوم على الهند والصين قد يضر بمساعي بلادهم لإصلاح علاقاتها مع القوتين الآسيويتين بعد سنوات من التوتر.

وفي النهاية، كل ذلك يكشف أن مجموعة السبع لم تعد مجرد منصة تنسيق اقتصادي، بل تحوّلت إلى جبهة عقوبات جماعية، غير أن هذا التحوّل قد يفتح الباب أمام انقسام عالمي أعمق: من يملك فعليًا مفاتيح التجارة الدولية؟ الغرب الذي يستخدم الرسوم والعقوبات كسلاح، أم القوى الصاعدة التي ترى في ذلك تسييسًا خطيرًا لاقتصاد العالم؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC