يواجه الرئيس البوروندي، إيفاريست ندايشيميي، موقفًا صعبًا في مواجهة حركة "إم 23"، في ظل تأرجحه بين دعمه لكينشاسا، وخوفه من زعزعة الاستقرار المزعومة التي تُدبّرها كيغالي، وطموحات المتمردين التوسعية في منطقة أوفيرا.
وتكشف مصادر سياسية بورندية عن عقد وفد سياسي من تحالف نهر الكونغو/ إم 23 اجتماعًا خاصًا مع الرئيس إيفاريست ندايشيميي قبل أيام، وخلالها حذّر التحالف من استمرار دعم الأخير لنظام كينشاسا، مقترحًا اتفاقية عدم اعتداء كاستراتيجية بقاء للحكومة البوروندية.
ويأتي ذلك، رغم الإعلان يوم 14 أكتوبر توقيع حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف الجماعات المتمردة "تحالف نهر الكونغو" وحركة 23 مارس اتفاقيةً لإنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، إذ يجري إنشاء هذه الآلية وفقًا للاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين الجانبين في تموز/ يوليو السابق.
وتنتهز حركة إم 23 نقاط الضعف في قيادة بوروندي وقواتها المسلحة، للضغط عليها، على رأسها الانقسامات الداخلية القائمة داخل الجيش البوروندي. فقد واجه توترات داخلية، حيث تُعد محاباة الموالين للحزب الحاكم أساس المشاكل التي تعود إلى ما قبل عام 2015.
وقد استغل متمردو إم 23 تشكّك بعض المسؤولين العسكريين البورونديين في استمرار الدعم العسكري لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصةً للرئيس فيليكس تشيسكيدي. ويعتقد بعض المسؤولين أن تشيسكيدي غير قادر على حل الأزمة الأمنية أو الوفاء بالتزاماته المالية. كما ينبع الاستياء أيضًا من سجن بعض الجنود البورونديين الذين رفضوا الذهاب للقتال في كيفو.
أما جبهة تحرير الكونغو فقد أعلنت عن نيتها مواصلة توسعها، بهدف رئيس هو الاستيلاء على أوفيرا، وهي بلدة كونغولية في جنوب كيفو على الحدود مع بوروندي.
وفي آب/ أغسطس الماضي، نشرت بوروندي قوات إضافية واستخدمت طائرات بدون طيار لقصف مواقع حركة 23 مارس وميليشيات بانيامولينج في جنوب كيفو.
وفي مواجهة ضغوط متزايدة، انتهجت الحكومة البوروندية استراتيجيةً للبقاء، لا سيما من خلال دعوة فرنسا للتوسط في المفاوضات مع رواندا. وحسب موقع "أفريكا أنتلجنس" الفرنسي، يهدف هذا النهج إلى تخفيف التوترات مع رواندا، التي تشتبه بوروندي في دعمها لحركة 23 مارس.
للإشارة، تشكل محاولة استيلاء تحالف المتمردين على أوفيرا تهديدًا كبيرًا لاقتصاد بوروندي، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة عبر الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسيعزز مواقع متمردي التوتسي من قبيلة تابارا الحمراء المتمركزين في كيفو. زيادة على ذلك، حسب مراقبين سيؤدي سقوط أوفيرا إلى موجة نزوح غير منضبطة لجنود وميليشيات وازاليندو في بوروندي.
يوم الأحد الماضي، التقى الرئيس فيليكس تشيسكيدي، في بوجومبورا، نظيره البوروندي، وناقشا لقرابة ساعتين قضايا التعاون الثنائي والأمن في منطقة البحيرات العظمى. وتتمتع العلاقات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي بتاريخ عريق، فقد كان آخر لقاء مباشر بين الرئيسين في 5 أيلول/ سبتمبر 2024 في بكين، على هامش المنتدى التاسع للتعاون الصيني الإفريقي.