توجه نحو 3.6 ملايين ناخب أيرلندي، يوم الجمعة، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد خلفًا لـ مايكل دي هيغينز، الذي أنهى ولايتين امتدتا منذ عام 2011.
ورغم أن المنصب يعد شرفيًا بالأساس في النظام السياسي الأيرلندي، فقد نجح الرئيس المنتهية ولايته في تحويله إلى منبر سياسي وإنساني عالمي، ولا سيما في الدفاع عن القضايا الحقوقية والإنسانية، مثل الوضع في غزة.
تتصدر المرشحة المستقلة ذات التوجه اليساري كاثرين كونولي (68 عامًا) استطلاعات الرأي بشكل مريح أمام منافستها هيذر همفريز، وزيرة الثقافة السابقة وعضوة حزب فاين غايل الوسطي الحاكم.
كونولي، وهي محامية سابقة وناشطة يسارية من مدينة غالواي، تعرف بمواقفها الحازمة في الدفاع عن الحياد العسكري لأيرلندا، ورفضها زيادة الإنفاق الدفاعي رغم الشراكة المحدودة بين بلادها وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بحسب إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية.
كما تتحدث اللغة الغيلية بطلاقة، ما جعلها قريبة من وجدان الشارع الشعبي والطبقات الريفية المحافظة.
وقد وصفها أحد مؤيديها في غالواي بأنها "صوت الذين لم يكن لهم صوت"، في إشارة إلى الطبقات الفقيرة والمهمشة التي جعلت من كونولي رمزًا للنزاهة السياسية والاستقلالية الفكرية.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن كاثرين لم تقد مجرد حملة انتخابية، بل كانت مناظرة مفتوحة حول القيم الوطنية والإنسانية.
ومنذ بدايتها، ركزت كونولي على الدفاع عن القضية الفلسطينية، معتبرة أن الشعب الأيرلندي، الذي ذاق ويلات الاحتلال والانقسام، "يفهم جيدًا معنى الاضطهاد والعدالة المؤجلة".
وقالت في خطابها الأخير في ديري (لندنديري سابقًا): "الحدود لا تفصل فقط الأرض، بل تفصل الذاكرة والهوية، حان الوقت لتضميد الجرح المفتوح في قلب أمتنا".
وليس غريبًا أن تحظى بدعم واسع من حزب شين فين القومي، الذراع السياسي السابق للجيش الجمهوري الأيرلندي، إلى جانب حزب الخضر واليسار المستقل.
ولدت كاثرين كونولي عام 1957 في غالواي، ودرست الحقوق والعلوم السياسية في جامعة كلية دبلن.
عملت محامية لسنوات، قبل أن تُنتخب عضوًا في البرلمان المحلي لغالواي عام 2014، لتشتهر بقدرتها على العمل بعيدًا عن الخطوط الحزبية التقليدية.
وتعرف كونولي بأسلوبها الصريح، وبدفاعها القوي عن حقوق المرأة والمهاجرين والبيئة، إلى جانب موقفها الثابت ضد عسكرة الدولة.
في إحدى مقابلاتها عام 2023، قالت: "الحياد ليس ضعفًا، بل هو قوة أخلاقية، لا نحتاج إلى جيش ضخم لنبني أمة قوية، بل إلى ضمير حي".
حاولت منافسة كونولي، هيذر همفريز، المنحدرة من الأقلية البروتستانتية في الشمال، أن تقدم نفسها كرمز للوحدة بين الطوائف والمناطق.
ومع ذلك فإن استطلاعات الرأي الأخيرة منحت كونولي نحو 58% من نوايا التصويت مقابل 36% لهمفريز، في ظل مشاركة انتخابية ضعيفة لم تتجاوز 40%.
ويرى مراقبون أن هذه النتيجة المحتملة ليست مجرد فوز شخصي، بل هي انعكاس لتحول ثقافي عميق في البلاد نحو اليسار الاجتماعي والهوية الوطنية الجامعة.
قالت كونولي عقب إدلائها بصوتها في مدينة غالواي وهي تقود دراجتها الهوائية: "سبحت هذا الصباح لأهدئ أعصابي، اليوم ليس عن السياسة، بل عن الناس، أريد أن أكون رئيسة لكل الأيرلنديين، خاصة لأولئك الذين أُسكتت أصواتهم طويلًا".